أبدى نجيب محفوظ، في روايته الشهيرة "اللص والكلاب"، تعاطفاً مع بطله سعيد مهران الذي تحول من لص صغير الى منتقم سيئ الحظ قتل وسط الصحراء برصاص الشرطة والمجتمع. وربما كانت أوجه التشابه بين صاحب دار "النبأ" ممدوح مهران الذي تحول الى أشهر شخص في مصر، وبطل رواية محفوظ تتخطى مسألة اللقب، والاثنان كثر طاعنوهما وشحذت في وجهيهما أسلحة وسكاكين، وتبارى الراقصون على الجثتين، لكن أحداً لم يبد تعاطفاً مع مهران "النبأ". أما هؤلاء الذين اصيبوا بالأضرار حين تناولتهم إصدارات الدار وخشوا من الدخول في صدام مع صاحبها نتيجة المبالغة في الاعتقاد بقدراته واتصالاته ونفوذه، فالفرصة صارت سانحة لديهم كي يشاركوا في الإجهاز عليه. وعلى رغم أن مهران في الرواية لم يقصد حين توجه بعد خروجه من السجن الى منزل زوجته السابقة لينتقم منها، أن يقتل ابرياء آخرين، مثلما أكد مهران "النبأ" أنه لم يكن يقصد الاساءة الى الكنيسة أو المقدسات القبطية، فإن النتيجة واحدة. فالاثنان أخطآ وكان لا بد من أن يلقيا الجزاء. فقدَ ممدوح مهران عضويته في نقابة الصحافيين وتنظر محكمة أمن الدولة في قضية متهم فيها وسط توقعات بصدور حكم بسجنه. كما تنظر محكمة القضاء الإداري في مصير الدار في ظل توجه إلى اغلاقها. ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد فكل من لديه حساب مع مهران يمكنه الآن ان يسترده. في ذلك السياق ستنظر محكمة الجنايات اليوم الاثنين في دعوى قضائية جديدة لا علاقة لها بالاقباط، أو تداعيات ما نشر في صحيفتي "النبأ" و"آخر خبر" عن القس السابق عادل سعد الله غبريال، لكنها تتعلق بوقائع "مسابقة ملكات الجمال" التي نظمتها شركة "فيس تو فيس" في آذار مارس الماضي لاختيار أجمل جميلة في مصر. فقد اعتبر صاحب الشركة يوسف فاضل سباهي ان مهران أساء إليه وشتمه. وفي عريضة الدعوى التي حصلت عليها "الحياة" اكد المحامي عاطف لبيب النجمي أنه "يؤمن بحرية الصحافة" ويعارض "كل نص ورد في القانون يقود الى حبس الصحافي بسبب أدائه لعمل من اعمال مهنته". لكنه اشار الى أن ذلك "لا يعني أن تترك هذه الحرية من دون ضوابط ومن دون ان تكون هناك غرامات وتعويضات ذات قيمة مرتفعة تردع من يستغل هذه الحرية ويتستر وراءها". وأوضح أن موكله سباهي "حصل على ترخيص رسمي بأن تقوم شركته بالانشطة الفنية المختلفة، ومنها الحفلات واقامة مسابقات الجمال وعروض الأزياء والوكالة عن المؤسسات الاجنبية التي تتداول هذه الانشطة"، وأنه في ذلك الإطار "نظم حفلة مسابقة جمال مصر كجزء من التنظيم العالمي للمسابقة، وحضرها عدد كبير من الكتاب والادباء والمحامين والشخصيات العامة. ثم بث الحفلة قنوات تلفزيونية، ووزع شرائطها في انحاء العالم، مشكلاً بذلك واحدة من روافد الدعم لزيادة حركة السياحة في مصر، ومثبتاً ان مصر بلد الامان ولا مكان فيها للارهاب". واضاف المحامي النجمي: "لكن موكلي فوجئ بمهران ينشر تقريراً عن الحفلة يحمل في طياته عبارات قذف". واوردت عريضة الدعوى بعض العبارات الواردة في التقرير ومنها: "أكدت مصادر مطلعة أن هناك أحداثاً خطيرة تجري خلف كواليس هذه المسابقات حيث الاغتصاب المسعور وعقد الصفقات المشينة لاستقطاب الفتيات في شبكات مشوهة سرية للمشاهير والاثرياء تحت شعار العمل الخيري"، وكذلك: "ان بعض علماء الدين شبه هذا النوع من المسابقات بتجارة الرقيق الابيض والعودة الى الجاهلية عندما كانت الجواري يعرضن على الزبائن للشراء". واعتبر سباهي ان تلك العبارات من شأنها خدش شرفه واعتباره. وانتهى المحامي النجمي في عريضة الدعوى: "اذا كان مهران وقف عند حدود تسجيل ما جرى في الحفلة ونشره حتى إذا تطرق الى ما ارتدته الفتيات واستنكاره لهذه الملابس أو الموضوع بأكمله لكان في ذلك حق له. اما وأنه وضع معطيات صحيحة، لكنه استنبط منها نتائج غير صحيحة، وليس لديه دليل على صحتها، فإن ذلك يعتبر قذفاً في حق الشركة وصاحبها".