باشرت بغداد حملة مضادة لمواجهة انشقاق اثنين من ديبلوماسييها في الأممالمتحدة هما محمد الحميميدي، الرجل الثاني في البعثة العراقية لدى المنظمة الدولية، وفلاح حسن مطرود الرجل الرابع فيها، بعد نحو أسبوعين على طلبهما اللجوء السياسي في الولاياتالمتحدة. وقالت مصادر مطلعة إن أوساط البعثة أشاعت معلومات عن وجود "عنصر نسائي" وراء انشقاق مطرود، وعلى رغم أن الديبلوماسية العراقية نفت ارتباط الأخير بالمخابرات العراقية، تحدثت تسريبات عن كونه أحد ضباطها لكنها وصفت تجربته في هذا المجال بأنها كانت "فاشلة". وعزت الأوساط انشقاق الحميميدي إلى "أسباب عائلية واقتصادية"، وقللت من كفاءته الديبلوماسية، معتبرة أنها السبب وراء استدعائه إلى بغداد. وتتعارض هذه المعطيات مع معلومات وصفت مطرود بأنه "أحد أهم ركائز المخابرات العراقية في الخارج منذ بداية الثمانينات"، وأفيد أنه تولى بعد تخرجه من دورة تأهيلية في المخابرات العامة منصب الملحق الثقافي في روما لفترة أربع سنوات، عاد بعدها إلى بغداد ليتولى مناصب ديبلوماسية أرفع. وتعزو أوساط عراقية منشقة كانت قريبة إلى مطرود الفضل إليه في إبرام كثير من صفقات السلاح الرسمية والسرية، أثناء عمله في الخارج خلال الحرب العراقية - الإيرانية 1980-1988. وتشير في هذا المجال إلى صفقة الزوارق السريعة التي اشترتها بغداد من ايطاليا ابان "حرب السفن" نهاية الثمانينات. وتعتبر هذه الأوساط أن تعيين مطرود في البعثة الديبلوماسية العراقية لدى الأممالمتحدة كان بمثابة مكافأة له لدوره في صفقات السلاح. وتؤكد مصادر عراقية معارضة أن استدعاءه إلى بغداد تلى تحقيقات مطولة أجراها مبعوث عراقي زار نيويورك، وأوصى في ختامها بإعادة مطرود للتحقيق معه في شأن "عمولات" في بعض الصفقات. وتشير معلومات حصلت عليها "الحياة" إلى أن الحميميدي كان من أهم عناصر "مكتب سورية" في التنظيم البعثي العراقي، ويعتقد على نطاق واسع أنه نجح في اختراق شبكات "التنظيم السوري" في العراق بسبب خبرته في أوضاع سورية، علماً أنه كان هرب إلى دمشق أواسط الستينات والتحق بتنظيم "البعث اليساري"، ووصل إلى مراتب أهمها مدير مكتب الرئيس السوري السابق صلاح جديد، لكنه عاد إلى العراق بعد مجيء "جناح عفلق" إلى السلطة في بغداد عام 1968. وذكرت مصادر مطلعة في أوروبا أن انشقاق الديبلوماسيَين العراقيَين كان عملاً دبرته والاستخبارات الأميركية سي. آي. اي، ولم يكن "ضربة حظ" ناجحة كما اشيع في البداية. وأشارت إلى أن السلطات الأميركية "تصرفت بحسم وسرعة بعد إعلانهما الانشقاق". وأكدت أن جميع أفراد عائلتي مطرود والحميميدي وضعوا تحت الحراسة الأميركية، بمن فيهم نجل مطرود، وهو مهندس كومبيوتر يعمل لدى شركة بريطانية في نيويورك، وترك عمله فور انشقاق والده.