أثار رد وزارة الاوقاف الكويتية اخيراً على استفسارات لجنة الشؤون التشريعية في مجلس الامة البرلمان في شأن "أسلمة" قانون الجزاء الكويتي، نقاشاً حول هذا الملف الذي لن يطرح برلمانياً قبل نهاية السنة، لكنه يظهر الآن سخونة واضحة بين الاسلاميين الذين يرون ان تطبيق الحدود الشرعية الاسلامية مطلب اساسي وبين الليبراليين الذين يرون في التعديل المقترح "فهماً سياسياً للاسلام قائماً على التزمت والتطرف". وعلى رغم ان فقهاء وزارة الاوقاف ايدوا تعديل قانون الجزاء، الذي قدمه النائبان الدكتور وليد الطبطبائي ومخلد العازمي، وقدموا 22 ملاحظة على القانون المقترح اكثرها شكلي، فان ملاحظاتهم فتحت لدى نشرها في الصحافة شهية الكتاب الليبراليين لمهاجمة التعديل، وانتقاد اللجنة التشريعية البرلمانية التي يرأسها النائب المستقل عبدالله الرومي لتبنيها المشروع. كما انتقدوا مبدأ العقوبات الجسدية مثل قطع اليد والجلد والرجم للزاني، معتبرين انها مخالفة للدستور، بل ان عبداللطيف الدعيج كتب في صحيفة "القبس" انه لا يرى موجباً لتجريم الزنا لانه "من الممارسات الطبيعية" للانسان! وقال الطبطبائي ل"الحياة" امس: "هجوم العلمانيين على التعديل المقترح متوقع، ولا يهمنا كثيراً لأن غالبية الشعب الكويتي تؤيدنا، وسيظهر هذا من خلال مواقف ممثلي الشعب حيال التعديل في مجلس الامة". واضاف: "قدمنا اقتراح التعديل عام 1996 ثم جددناه عام 1999 لان قانوناً مماثلاً انجزته لجنة استكمال تطبيق الشريعة الاسلامية واحاله امير البلاد على الحكومة لا يزال ضائعاً منذ سنوات في ردهات مجلس الوزراء، ولا نرى ان الحكومة جدية في تقديمه الى المجلس". وتابع: "لدينا كاسلاميين التزام امام الله عزّ وجل ثم امام المواطنين، بالعمل لأسلمة الاوضاع في البلد، من خلال القنوات المشروعة وفي اطار الدستور، فلماذا يصادرون هذا الحق؟ هل لدى العلمانيين رغبة في الحوار وقبول الرأي الآخر ونتائج العملية الديموقراطية ام ان الديموقراطية لا تتم الا برفض الاسلام وابعاده عن مسؤولية تنظيم المجتمع"؟ ورأى الطبطبائي ان الكويت "قطفت ثماراً مرّة من القوانين الوضعية، والجرائم بأنواعها تتزايد في المجتمع، اذ لا رادع حقيقياً للمجرمين في قانون الجزاء الحالي". يتوقع موافقة غالبية النواب على القانون "بمن فيهم الشيعة لان عقوبات الحدود الشرعية لا تتضمن فوارق مذهبية الا في بعض التفاصيل، مثل الموضع الذي تُقطع منه يد السارق". كما رجح تحالف الليبراليين مع الحكومة ضد التعديل الذي ما زالت اللجنة التشريعية تدرسه. اما النائب عبدالله النيباري امين "المنبر الديموقراطي" فاعتبر ان مشروع تعديل قانون الجزاء "ليس سوى نتاج تكتلات تطرح طرحاً سياسياً باسم الاسلام، وتتبنى المغالاة في العقوبات من منطلق التزمت والتطرف". وقال ل"الحياة": "هذا فهم سياسي للاسلام يندرج ضمن قضاياهم الاخرى، مثل الاختلاط في الجامعة وغير ذلك من تصورات لا تتماشى مع الواقع". واشار الى ان "الظروف المعاصرة لا تتحمل بعض العقوبات المقترحة، فالسرقات مثلاً تطورت واصبحت فناً يمارس بالكومبيوتر وبطرق غير مباشرة، وعبر المقاولات والصفقات وبملايين الدنانير وليست السرقات التقليدية التي تكون في حرز مغلق ويطبّق على اساسها قطع اليد، ولا يرتكبها سوى الصغار او الذين مروا بظروف غير طبيعية مثل الفقر وسوء التربية". ونبه الى ان "مواجهة الجريمة ليست مجرد عقوبات بل الهدف هو منعها، وفرصة مرور قانون كهذا في مجلس الامة تعتمد على مدى تغلب العقل على الشعار".