لا يزال "المهرجان الثاني للأغنية المصوّرة" الذي أقيم في بيروت، بتنظيم من شركة "فير أند أفّير" يثير التعليقات والتساؤلات في الأوساط الفنيّة والإعلاميّة، خصوصاً أنه يمثّل تجربة أولى من نوعها في العالم العربي تجمع هذا الكمّ من الفنانين العرب، وتطرح جدّياً موضوع "الفيديو كليب" الذي غزا الإعلام المرئي والقلوب في مدة وجيزة، ولا يخضع حتى اليوم لمعايير محددة. جاء هذا المهرجان ليقوِّم الأغنيات المصوّرة عبر لجنة من المحترفين، وبمشاركة واسعة من الجمهور العربي الذي تمكّن من الادلاء بآرائه وترشيحاته، عبر موقع استحدث على شبكة الإنترنت هو: com.fairandaffair.www يحاول القيّمون على المهرجان وضعه في مصاف المهرجانات العالميّة، لذا يحرصون سنويّاً على إدخال عدد من التحسينات عليه. وهذه السنة قُسمت جوائز كلّ فئة قسمين: جوائز أغانٍ لفنانين وجوائز أغانٍ لفنّانات. وأعطي حيّز واسع للجمهور الذي أبدى رأيه عبر الموقع المذكور سابقاً، وأُعلنت النتائج الخاصّة به في شكل منفصل عن رأي لجنة التحكيم، بغية رصد مدى التوافق بين الرأيين. وأثيرت أخيراً تساؤلات عن سبب اختيار المطرب كاظم الساهر مجدداً، وللسنة الثانية لنيل الجائزة الأولى الى جانب سميرة سعيد، وبالتالي دور اللجنة الحقيقي في تقويم الأغنيات. فأوضحت المديرة العامة لشركة "فير أند أفّير" أمل جهشان أن المهرجان يقوّم فقط الأغنيات المصوّرة المشتركة فيه، ويهمل بالتالي أي أغنية غير مشاركة. ثم أن الاشتراكات هي للأغاني لا للفنانين، فيتمّ تقويم الأغنية المصوّرة بالذات التي تقترن تلقائياً باسم المطرب والشركة المنتجة، كونها صاحبة الحق في نشرها وتصويرها واستخدامها. وأضافت: "إن المهرجان لا يهدف الى تقويم الفنان ولا الكلمة ولا اللحن، بل الصورة فقط لجهة الفكرة والتصوير والمونتاج والمؤثرات الخاصة والإخراج، لذا فإن اختيار كاظم الساهر لم يأت بالمعنى التقني الصحيح لمفهوم المهرجان، بل وقع على أغنية "مستقيل" التي أداّها كاظم الساهر وأنتجها "راديو وتلفزيون العرب". أما لجنة التحكيم فهي صاحبة القرار النهائي، ويُختار أعضاؤها، في حذر وعناية، وتأتي مشاركتهم انطلاقاً من رغبة شخصية في تحقيق أهداف المهرجان، وهي الرقي والتكامل والتنافس الشريف وروح الجماعة وعكس الوجه الحضاري للفنّ العربي". وبالنّسبة الى اللغط الذي حصل بالنسبة الى الفنان دريد لحام، حين قال ممازحاً: "تيمّناً بالانتخابات العربية سنعلن أسماء الفائزين للسنة المقبلة أيضاً"، اعتبرت جهشان أن دريد لحّام هو "أكبر من أن يؤول مغزى كلامه أحد، وهو قال ذلك على سبيل الدعابة وتعبيراً عن روحه المرحة والعفوية حين صعد الى المسرح في صحبة الفنانة القديرة صفية العمري، وكلاهما سفير للأمم المتحدة للنيات الحسنة. ثمة 32 صحيفة ومجلة كتبت عن المهرجان في العالم العربي وبثلاث لغات وتحدثت عن أهمية المشاركة العربية الكثيفة فيه، من فنانين ومختصين من شركات الإنتاج، إلا أن جهة واحدة فقط ارتأت الافتراء والتشكيك ورمي الفتن بما يخدم أغراضها ومصالحها". وعن ذهاب معظم الجوائز هذا العام إلى فنانين عرب، بينما كان الحضور اللبناني خجولاً، قياساً بالعام الفائت، قالت إن "شركات الانتاج هي التي تقرر الأغنيات المشاركة، ونحن نحثّها عليها بأكبر عدد ممكن من الأغاني لفنانين من الأقطار العربية المختلفة. ولكن لا نستطيع فرض الاشتراك على مؤسسات لا ترغب في ذلك، أو لا تريد مشاركة أغنية لفنان معين. ومشاركة اللبنانيين هذه السنة كانت جيدة، وكان نصيبهم 4 جوائز من أصل 12، أي ما نسبته 33 في المئة. وكان حضورهم كثيفاً: نجوى كرم ونوال الزغبي ووائل كفوري ووليد توفيق وعاصي الحلاني وجورج وسوف ومعين شريف وسواهم، وتوّج المهرجان بحضور الشحرورة صباح". وبعد التململ والضيق اللذين أبداهما المصريون، العام الفائت، من المهرجان كونه يعقد في العاصمة اللبنانية، ويقاطعه عدد كبير من الفنانين المصريين، أشارت جهشان الى أن المنافسة الإعلامية والفنية "أمر طبيعي وثمة صعوبات وحزازات لا تزال قائمة، لكن العمل جار على تذليلها بالطرق الحضارية، فلبنان كان ولا يزال سبّاقاً في الكثير من المجالات الحضارية والثقافية". المهرجان الثالث للأغنية المصوّرة الذي يتمّ التحضير له على قدم وساق سيكون أيضاً في بيروت، وكشفت جهشان أن ثمة تخطيطاً واستعداداً لإقامته، في سنته الرابعة، في مدينة دبي لينتقل بعدها الى عواصم أخرى، ومنها عمّان ودمشق والقاهرة والمنامة. وبعدما كان موضوع المهرجان هذه السنة الانتفاضة الفلسطينية، إنطلاقاً من هويته العربية والدور الذي يحمله المنتجون والفنانون والمخرجون والشعراء والأدباء في خدمة القضية العربية، تدرس اللجنة المنظمة الآن عنوان المهرجان المقبل، على أن يعلن في وقت لاحق. ليس من المتوقّع أن يصبح المهرجان مؤسسة لتنظيم قطاع "الفيديو كليب" العربي، على ما اقترح بعض المخرجين، بل سيكتفي بأن يكون محفّزاً للمسؤولين عن شركات الانتاج والمخرجين والفنانين والمصوّرين ليحددوا المسار الثقافي الحضاري والترفيهي والاعلامي للأغنية العربية المصوّرة، وللتأكيد أن التنافس بين المنتجين والفنانين العرب هو تنافس راقٍ هدفه نشر الصورة الفنية العربية في أنحاء العالم.