استجوب القاضيان الفرنسيان، مارك بريسيه فوكو ورونو فان رويمبك امس ابنة الرئيس الفرنسي كلود جاك شيراك كشاهد في اطار تحقيقاتهما حول المبالغ النقدية التي سُدّد بها ثمن بطاقات سفر والدها وبعض المقرّبين منه، عندما كان رئيساً لبلدية باريس، في الفترة بين 1992 و1995. ومعروف ان القانون الفرنسي يمنع تسديد المبالغ التي تفوق قيمتها عشرة آلاف فرنك فرنسي نقداً. وركزت الاسئلة التي وجهها القاضيان الى كلود شيراك على رحلتين احداهما الى نيويورك، قالت انها كانت رحلة عمل قامت بها مع والدها وحرسه الخاص، والثانية الى كينيا نفت انها قامت بها وقالت انها لم تزر هذا البلد. وتشغل كلود شيراك 38 سنة حالياً منصباً رسمياً في القصر الرئاسي بصفتها المستشارة الاعلامية لوالدها، ولديها نفوذ واسع في هذا المجال كونها تتولى اختيار الصحف التي يدلي والدها بتصريحات لها ووسائل الاعلام التي يتحدث اليها. وترافق كلود شيراك والدها في عدد كبير من الزيارات الرسمية التي يقوم بها. وعلى رغم انها كتومة وباردة المظهر الا انها تراقب كل ما يتعلق بصورة والدها خلال زياراته الى الخارج وخلال جولاته داخل فرنسا. وقد لعبت دوراً اساسياً في انتخاب والدها كونها تولت الجانب الاعلامي في حملته الانتخابية. التحقيقات طالت، اذن، اقرب المقرّبين الى الرئيس الفرنسي، بانتظار استماع القضاء الى زوجته برناديت، التي تقوم بزيارة رسمية الى الرباط حيث استقبلها الملك محمد السادس، فيما كان القضاء يستمع الى ابنتها. وكان القضاء حقق اول من امس مع احد اهم مستشاري الرئيس الفرنسي وأقرب الاشخاص اليه، وهو عضو مجلس الشيوخ موريس اولريخ من حزب "التجمع من اجل الجمهورية" كما حقق ايضاً مع رئيسة مكتبه آني ليريتي وامينة السكرتاريا الخاص للرئيس ماريان لوجندر اضافة الى معاونة اولريخ بريجيت موندا. وتفيد التحقيقات الاولية للمحققين بأن المبالغ النقدية التي استخدمت لتسديد ثمن بطاقات السفر اقل من 2.4 مليون فرنك فرنسي. فبعد التدقيق في وثائق وكيل سفريات شيراك آنذاك، موريس فولاتيير، تبين ان قيمة البطاقات التي سدد ثمنها نقداً بلغت 1.2 مليون فرنك وليس 2.4 مليون، ويبقى، اذن، مبلغ 1.2 مليون فرنك ينبغي على اوساط الرئيس الفرنسي توضيح وجهة انفاقه. وكان مدعي عام باريس جان - بيار دانتياك، اعتبر في هذا الاطار ان بإمكان القضاء استدعاء الرئيس الفرنسي كشاهد برفقة محاميه للاستماع الى اقواله، لكن المدعي العام الفرنسي جان لوي نادال، الارفع مسؤولية اعتبر ان مثل هذا الاستدعاء غير ممكن. وطالب نادال القضاء، بانتظار قرار محكمة الاستئناف بشأن اجراء يتعلق بمطبعة تابعة لبلدية باريس، ورد اسم شيراك في اطاره، قبل تحديد موقفه بالاستماع او عدم الاستماع اليه. وكانت الرئاسة الفرنسية اصدرت بياناً امس افاد ان شيراك لن يستجيب لأي استدعاء قضائي عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات. والسؤال الاساسي الذي يريد القضاء الحصول على جواب عليه هو مصدر المبالغ النقدية وما اذا كانت على صلة بصفقات تلزيم المنشآت الخاصة في مدينة باريس وضواحيها عندما كان شيراك رئيساً لبلدية العاصمة. وقال مراقب مطلع على القضية الى "الحياة" انه "من غير الممكن قضائياً التوصل الى اي اثبات بالنسبة الى هذه المبالغ ومصادرها، ولكن القضية خطيرة جداً بالنسبة الى شيراك، خصوصاً لتزامنها مع بداية حملة الانتخابات الرئاسية" في ايار مايو المقبل، التي سيتنافس فيها شيراك مع رئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان. واضاف ان جوسبان يسجل في هذا الاطار نقاطاً امام الرأي العام الفرنسي، فيما سيواجه شيراك متاعب سياسية كبرى اذا لم يتحدث بوضوح عن الموضوع خلال المقابلة التلفزيونية التقليدية التي تواكب الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي في 14 تموز يوليو الجاري. ورأى المراقب، وهو من القريبين الى شيراك، ان الوضع لا يتحمل اي خطأ من جانب الرئيس، وينبغي عليه ان يكون واضحاً في كلامه وهجومياً لتجنب تدهور شعبيته في استطلاعات الرأي. وانتقدت شخصيات يمينية مؤيدة لشيراك، مدعي عام باريس، دانتياك، فقالت رئيسة "حزب التجمع من اجل الجمهورية" ميشال اليو ماري: "لقد فهمنا الآن لماذا عملت الحكومة الاشتراكية على فرضه في هذا المنصب حيث خلف المدعي العام الذي عُيّن منذ مدة وجيزة".