الحصانة الرئاسية وحدها لا تزال تحمي الرئيس الفرنسي جاك شيراك من المساءلة القضائية. اذ لا يكاد ملف فضيحة مالية، يتضمن اسم شيراك عندما كان يشغل منصب رئيس بلدية العاصمة، حتى يقدم قضاة محققون الى النيابة العامة معلومات عن ملف جديد. وكشفت مجلة "الاكسبرس"، في نشرتها على انترنت امس، ان ثلاثة قضاة قدموا في نهاية الاسبوع الماضي الى المدعي العام في باريس نتائج تحقيق اجروه يظهر ان شيراك دفع، بين 1992 و1995، مبلغ 4،2 مليون فرنك فرنسي نقدا، ثمن بطاقات سفر في رحلات قام بها بصفة شخصية الى نيويورك واليابان وجزر موريشوس. ورد الاليزه فوراً على هذه المعلومات، مؤكداً ان المبلغ المذكور "لا يتطابق في اي شكل مع الخدمات المقدمة" للرئيس. واوضحت الرئاسة الفرنسية ان الرحلات التي قام بها شيراك في تلك الفترة "كانت بصفة شخصية او سياسية. اما بالنسبة الى طريقة الدفععداً ونقداً فكانت شفافة لأنها كانت تتم بناء على فواتير. وقد دفع جزء من هذه الفواتير نقداً. واختيرت طريقة الدفع هذه لاسباب بديهية تتعلق بالسرية والامن. وهذه الاموال مصدرها الرواتب التي تقاضاها جاك شيراك بصفته وزيراً ورئيس حكومة، ومن اموال شخصية او عائلية. وفي هذا الاطار يستغرب الايليزه طرح اسئلة، ويستنكر الاستغلال الذي يمكن ان يتم لهذه المعلومات". وكان احد القضاة طلب من شيراك الاستماع اليه في فضيحة مالية تتعلق بالاسكان الشعبي في باريس عندما كان رئيساً لبلديتها. ورفض شيراك، بالطبع، الطلب بمبرر ان الدستور لا يسمح له بذلك. واكد المجلس الدستور في كانون الثاني يناير1999، كما اصدرت محكمة الاستئناف في فرساي في كانون الثاني الماضي انه لا يمكن التحقيق مع رئيس الجمهورية. واستند القضاة الثلاثة في نتائج تحقيقهم الى تقرير من فرقة مكافحة الجنح الاقتصادية التي اجرى رجالها تفتيشاً لدى وكالة السفر التي كانت تتولى رحلات شيراك. ويذكر التحقيق، استناداً الى افادة الموظف الذي يهتم بهذه الرحلات امام القضاة، ان شيراك وبعض اقربائه، ابنته كلود وصديقها في ذلك الحين ومدير مكتبه عندما كان رئيساً للحكومة قاموا بحوالي 20 رحلة، دفع ثمن بطاقاتها كلها نقداً، بما يصل الى حوالي 4،2 مليون فرنك، منها بطاقة، ذهاباً واياباً، الى نيويورك في طائرة "كونكورد" بكلفة حوالي120 الف فرنك دفعت نقداً. ويهتم المحققون بمعرفة مصدر هذه الكمية الكبيرة من السيولة النقدية لدى شيراك في تلك الفترة. وتصبح الاسئلة اكثر الحاحاً نظراً الى ورود اسم الرئيس الفرنسي في اكثر من فضيحة مالية. ومن هذه القضايا: - قضية تهريب الاسلحة الى انغولا، اذ ان احد المتهمين في هذه القضية، برنار لاندريو، الفار من وجه العدالة الفرنسية تلقى في 1996 وسام الاستحقاق بطلب من شيراك. - قضية الوظائف الوهمية في حزب التجمع من اجل الجمهورية وبلدية باريس عندما كان شيراك يرأسهما. وفي هذا الاطار، يعتقد المحققون ان حوالي 30 مليون فرنك دفعتها البلدية لتمويل الحزب على نحو غير مشروع. - قضية الاشغال العامة في منطقة ايل دو فرانس المحيطة بالعاصمة، اذ اوقفت العدالة مدير مكتب شيراك في البلدية ميشال روسين ومسؤولة المالية في الحزب لويز - ايفون كاسيتا، في اطار التحقيق في هذه الفضيحة التي تنطوي على تلزيم شركات اشغالاً عامة، على ان يدفع المتعهدون نسبة مئوية للحزب. - قضية الاسكان الشعبي في باريس والتي يعتقد المحققون بأن مسؤولي حزب شيراك كانوا يتقاضون عمولات من الشركات المنفذة لاشغال في هذه المساكن. واكد احد هؤلاء، جان - كلود ماري، في تسجيل فيديو كشف بعد وفاته، انه نقل مبالغ مالية بانتظام الى مكتب رئيس بلدية باريس حينذاك، وان شيراك كان حاضراً، مرة واحدة على الاقل، لدى تسليم هذه المبالغ.