} في سياق التحضير لإنشاء "معهد الشرق الأوسط" في لندن، على غرار "معهد العالم العربي" في باريس، نظمت كلية الدراسات الشرقية والافريقية "سواس" مؤتمراً استغرق ثلاثة أيام، وناقشت أوراقه العلاقات الثقافية العربية - البريطانية والدور الثقافي للجاليات العربية في بريطانيا الذي اختلفت الآراء فيه وتختلف. كلمتان هما "التنوع" و"التغيير" تميزان العلاقة بين لندن والشرق الأوسط، بحسب فرد هاليداي، بروفسور العلاقات الدولية في كلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية. وقال هاليداي في كلمته في مؤتمر "الشرق الأوسط في لندن" ان "عالم لندن الشرق أوسطية ليس لندن واحدة، أو انعكاساً لشرق أوسط واحد". وأضاف "انه فسيفساء متنوع ودائم التغيير"، يعكس الشعوب واللغات والديانات الكثيرة في الشرق الأوسط، والنزاعات السياسية في القرن الماضي، وعمليات التغيير والصراع والإغناء والاغتراب الجارية التي تربط هذه المدينة بالمنطقة". وشكلت الأبعاد الثقافية ل"فسيفساء" الجاليات الشرق أوسطية هذه في لندن جزءاً أساسياً من أوراق البحث والنقاشات في المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، من 27 الى 29 حزيران يونيو الماضي، وعقد في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية "سواس". وبموازاة المؤتمر عرضت أفلام سينمائية لمخرجين من الشرق الأوسط، تناول بعضها مواضيع عن الهجرة. كان أحد الأسئلة التي أُثيرت مراراً: لماذا تركت الثقافة العربية تأثيراً في بريطانيا أقل بكثير من تأثيرها في فرنسا. فالكتاب من شمال أفريقيا ولبنان، على سبيل المثال، يمثلون جزءاً نابضاً بالحياة من المشهد الأدبي في فرنسا. كما لا يوجد في لندن ما يماثل معهد العالم العربي في باريس. تكاد الثقافة العربية تكون غير منظورة في بريطانيا بالمقارنة مع الاختراقات الهائلة التي حققها كتاب ومنتجو أفلام وفنانون آخرون هنود وباكستانيون. وتمكن بعض الجاليات الشرق أوسطية الأخرى من تنظيم مبادرات ثقافية على نحو أفضل بالمقارنة مع العرب. فهناك مهرجان سنوي للأفلام التركية في شمال لندن، وتضمن المؤتمر جلسة عن سينما المهاجرين الأتراك. أما بالنسبة الى الثقافة الإيرانية في لندن، فهناك حفلات كثيرة للموسيقى الايرانية تقام في أماكن مثل قاعة "رويال البرت هول". ونُظّم ربيع هذا العام برنامج واسع للثقافة الايرانية في لندن، تضمن معرضاً فنياً ومهرجان أفلام لمخرجات في مركز "باربيكان" وندوات في كلية "سواس". وتلعب "مؤسسة التراث الايراني" دوراً مهماً في دعم مثل هذه المبادرات الثقافية. واقترحت روز عيسى، وهي أمينة ومستشارة لشؤون الفنون البصرية والسينما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال المؤتمر انشاء مؤسسة مماثلة لرعاية الثقافة العربية في لندن، والمساعدة بذلك على ترويج صورة ايجابية عن العرب. وتشكل الانقسامات وسط العرب في لندن عقبة في وجه عملهم معاً في اتجاه اهداف مشتركة، بما في ذلك اقامة انشطة ثقافية. وأكدت الطبيبة والناشطة السياسية الفلسطينية غادة الكرمي في كلمتها انه "ليس هناك ما يمكن وصفه بجالية عربية في بريطانيا في الوقت الحاضر. وعلى رغم المحاولات لإنشاء بنى للجالية مثل "النادي العربي"، لا تزال الجماعات العربية تتعامل مع بعضها البعض في شكل أساسي بالاستناد الى البلد الذي تتحدر منه في الأصل... فهي غالباً ما تفتقر الى ما هو مشترك ليشدها معاً كجالية واحدة". وأضافت الدكتورة الكرمي ان العرب في بريطانيا لا ينظرون فعلاً الى أنفسهم كأقلية. "لأنهم يرتبطون ذهنياً في شكل أساسي بالعالم العربي حيث يشكلون الغالبية، لم يطوّروا القدرة على الترويج لمصالحهم لدى الطبقة الحاكمة هنا، كما فعلت اقليات أخرى". وحذرت من ان يلف النسيان العرب في بريطانيا، ومن خطر ان يُهمّشوا في بريطانيا ويفقدوا في الوقت ذاته أهميتهم في العالم العربي. وقدّرت الكرمي ان عدد العرب المقيمين في بريطانيا يراوح بين 250 و300 ألف يعيش نصفهم تقريباً في لندن. وإضافة الى ذلك، تزور بريطانيا اعداد كبيرة من العرب. ويمثل المصريون اكبر الجاليات العربية في لندن، يليهم العراقيون واللبنانيون والمغاربة. ويعاني العرب في لندن انقساماً عميقاً ليس على صعيد جنسيتهم فحسب بل على صعيد الثروة ايضاً. وقدمت مي يماني الباحثة السعودية في الانثروبولوجيا الاجتماعية ورقة بحث عن "شيوخ نايتسبردج" وهي مجموعة تضم 30 الى 35 من العائلات العربية البالغة الثراء تعد حوالى 10 منها في مصاف البليونيرية، تتحدر أصلاً من مصر ولبنان وسورية وفلسطين والعراق وتعيش في وسط لندن. وحلّلت الورقة بعمق وبأسلوب ممتع أحياناً نمط حياة هذه الجماعة وتبنيها لبعض أوجه الحياة التي تعيشها الفئات العليا في بريطانيا. وتساءل السير جيمس كريغ السفير البريطاني السابق في المملكة العربية السعودية عما تقوم به الجالية العربية الضخمة في لندن لكسب التأييد للقضايا العربية. وقال ان "معظم الجهد لترويج القضايا العربية يقوم به أصدقاء ومتعاطفون بريطانيون. فالجهد الإعلامي العربي يكاد يكون معدوماً، وهو يحتاج الى مزيد من العمل والمال". ومما يؤسف له ان بعض المؤسسات التي تعمل من أجل تعزيز التفاهم والصداقة بين العرب وبريطانيا تعاني ضعفاً متزايداً وتواجه الإفلاس. وتفحص البروفسور كمال أبو ديب من كلية "سواس" مدى وجود "فضاءات متشابكة" بين الثقافتين البريطانية والعربية. وخص الى ان الثقافتين لا تزالان منفصلتين في لندن، وأكد ان معظم الشعراء العرب الذين يهاجرون الى لندن "يستمرون في العيش في فضاء بلدهم السابق". وهم يحضرون في شكل أساسي في "غيتوات ثقافية" ولا يعرف كثيرون منهم اللغة الانكليزية. وقال ابو ديب ان "لندن غائبة عن الوعي الشعري العربي" وانها "مدينة غير ملهمة". وأضاف ان نزار قباني وخليل حاوي الذي تلقى تعليمه في كامبردج من النادرين جداً بين الشعراء العرب بالكتابة عن لندن في أعمالهما. واعتبر ان هناك "مشكلة جوهرية بين الثقافة الانكليزية والثقافة العربية تحول دون تشابكهما. هناك عدم قدرة على الذوبان وعدم اندماج بين الاثنتين". وقد تتغير هذه الحال لدى الجيل الثاني من العرب في لندن، وقد نرى مع الجيل الثالث بروز هوية جديدة، وعندها ستكون هناك فعلاً "فضاءات ثقافية متشابكة". لكن الصحافي السوري حسام محمد لم يتفق مع أبو ديب في ان لندن لم تلهم شعراء عرباً. وأعطى كأمثلة الشعراء نوري الجراح وأمجد ناصر وسعدي يوسف وهاشم شفيق، وقال ان لندن "مارست تأثيراً هائلاً على أعمالهم". ولاحظ المخرج السينمائي الفلسطيني ميشال خليفي انه لا يوجد تفاعل يذكر بين الثقافتين الانكليزية والعربية في السينما. واعتبر ان "لورانس العرب"، الذي أُنتج في الستينات، لا يزال أفضل فيلم من منظور صورة العرب في السينما البريطانية لأن الشخصيات العربية في هذا الفيلم امتازت على الأقل بامتلاكها حافزاً وعمقاً. وتحدث خليفي بإحساس بالخيبة عن تجربته عندما طُلب منه ان يكتب نصاً لفيلم عن المغنية اسمهان من وجهة نظر بريطانية. واكتشف ان هذه المهمة صعبة ولا تنسجم مع تقديره وتصوره لمواقف اسمهان الى درجة انه تخلى في النهاية عن المشروع. ولفت خليفي الى ان هناك أفلاماً كثيرة عن المهاجرين الهنود في بريطانيا. وتساءل "لماذا لا ينتج مخرجون سينمائيون شباب من البلدان العربية أفلاماً كهذه عن العرب في انكلترا؟". ولاحظت الروائية المصرية أهداف سويف ان العرب، بخلاف الهنود، لم يبدأوا إلاّ في وقت قريب نسبياً بالهجرة الى لندن. وبخلاف الهنود، لم يكن المصريون في ظل الحكم الاستعماري البريطاني يتكلمون اللغة الانكليزية. وقالت ان الأمور ستتغير عندما يكون هناك جيل ثان من العرب الذين ولدوا في بريطانيا لكنهم على رغم ذلك يعون تراثهم". وتحدثت مي غصوب، الناشرة في "دار الساقي" وهي كاتبة ونحّاتة، عن مشاكل اللغة والهوية وعن تجربتها في العيش ظل ثلاث لغات في آن: العربية والانكليزية والفرنسية. ولفتت الى ان هناك "تعددية في اللغة الانكليزية"، إذ تتغير الانكليزية في شكل دائم كنتيجة للتعددية الثقافية. كما قالت ان العرب غالباً ما تكون لديهم صور نمطية عن البريطانيين والمجتمع البريطاني، بينما يتغير المجتمع البريطاني في الواقع باستمرار. ولفتت مارغريت أوبانك، ناشرة ومحررة مجلة "نانيبال"، ان بعض التقدم أُحرز على صعيد توافر الأدب العربي في اعمال مترجمة الى الانكليزية. فقد تضمن العدد الأخير من مجلة "الروح الشعرية الحديثة للترجمة" Modern Poetry of Translation ترجمات انكليزية لأعمال الشاعر الأردني امجد ناصر. وكانت أوبانك وزوجها الكاتب والصحافي العراقي صموئيل شمعون أسسا مجلة "بانيبال" قبل أربع سنوات بهدف ترويج أعمال الأدب العربي عبر الترجمة. وأعلنت أوبانك ان نجيب محفوظ وافق ان يكون محرراً استشارياً ل"بانيبال"، كما فعل جمال الغيطاني، وان سعدي يوسف وأمجد ناصر أُضيفا الى لائحة المحررين المشاركين. وعلى رغم نجاح "بانيبال" كمجلة للترجمة من اللغة العربية، فإنها تواجه معركة مالية مستمرة. وقالت أوبانك ان هناك حاجة لتحفيز اهتمام السفارات والمؤسسات العربية بترويج الأدب العربي. كما لفتت الى أهمية ظهور شعراء عرب في مهرجانات أدبية وقراءات شعرية في بريطانيا. وكان بين المشاركين في المؤتمر زينة غندور، وهي محامية من أصل لبناني - فلسطيني تقيم في لندن منذ وقت طويل. وهي مؤلفة رواية "العسل" The Honey التي صدرت عن دار "كوارتت" ولقيت اشادة من النقاد. ومن المقرر ان تنشر "دار الآداب" في بيروت الترجمة العربية للرواية. وقالت غندور انها بدأت الكتابة كنتيجة لتجربتها في العيش لفترة من الوقت في فلسطين. "عدتُ وأنا خرساء، عاجزة عن الكلام، وأحسست انه اذا لم أكتب فإنني سأزحف مبتعدة وأموت". ووصفت نفسها بأنها "عربية تجيد التكلم بثلاث لغات ومن دون جذور في أي مكان". كانت تريد ان تكتب باللغة العربية، وشعرت بقدر من الاحباط لأنها اضطرت للكتابة بالانلكيزية. وقالت ان روايتها ستترجم وتنشر باللغة العربية من قبل "دار الآداب". وتوجه سماح ادريس، رئيس تحرير مجلة "الآداب"، من بيروت للمشاركة في المؤتمر. وقدم تحليلاً لما كان اكتشفه في الطبعة العربية الأصلية لرواية الكاتبة اللبنانية حنان الشيخ "هنا لندن يا عزيزي" عندما قرأ مخطوطة الرواية للمرة الأولى. وتعرض الرواية لحياة اللاجئين العراقيين في لندن. فبعضهم بالغ الثراء، بينما يتحدر كثرة من المعارضين السياسيين من فئات تنتمي الى مرتبة دنيا في السلّم الاجتماعي. وعبر شخصية المرأة العراقية لميس، تتبدى لندن كفضاء حر لجنسانية المرأة، بينما تبدو أيضاً عبر الشخصية اللبنانية سمير تعبيراً مجازياً عن جنسانية المثليين العرب. وتمثل لندن استعارة مجازية للطريقة التي يستغل بها العرب من بلدان غنية أولئك الذين يأتون من بلدان عربية فقيرة. وقال ادريس انه على رغم ان الرواية حققت نجاحاً جيداً فإنها تضمنت بضع صور نمطية جديدة، وما وصفه ب"نزعة غرائبية ذاتية": روائي عربي يصوّر العرب بأشكال تبدو أحياناً "غرائبية". وقال بأن بعض الروائيين العرب يكتب فعلاً بالعربية كي تترجم الى الانكليزية، لأن قراء الروايات العربية يتضاءلون،. ولأن الشباب أكثر اهتماماً بالموسيقى والأدب الشعبي وهلم جراً. وعبّر عن اعتقاده بأن ما ينشر من أعمال أدبية لا يحتوي ما يثير اهتمام الشباب حالياً. وفي الوقت نفسه، لا يوجد نقد أدبي يذكر في العالم العربي. ويجد كتاب الرواية العرب فرصاً أكبر للشهرة ونيل جوائز في الغرب، وبعضهم - حتى نجيب محفوظ بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب - اصبح اكثر شهرة في العالم العربي كنتيجة لفوزه بجائزة في الغرب. وكان أحد مواضيع النقاش في المؤتمر ما اذا كان كتاب رواية عرب مقيمون في لندن لا يزالون يرون ان هناك أشياء لا يمكن ان يكتبوا عنها. وقال ادريس "أريد أن أبدّد الوهم بأن الأشخاص الذين يكتبون من خارج لبنان هم أكثر حرية منا. فلا يوجد موضوع لم نلامسه". كما غطّى المؤتمر الفنون البصرية. وكانت هناك جلسة عن "الفن الشرق أوسطي في لندن" في شكل حوار ثقافي ادارته فينيشيا بورتر من المتحف البريطاني. وكان بين المتكلمين الفنان الليبي علي عمر ارميس الذي صمم الشعار الملون الأخّاذ للمؤتمر في "سواس"، والفنان والكاتب العراقي رشاد سليم. كما نظمت جلسة عن جامعي اعمال الفن الإسلامي في لندن، وكان بين المتكلمين جامع الأعمال الفنية الشهير ناصر داود الخليلي. وعقدت في "سواس" خلال الأسبوعين اللذين سبقا المؤتمر سلسلة أمسيات ثقافية. وفي الأمسية الأولى تحدثت حنان الشيخ عن روايتها التي نشرت أخيراً ترجمة النكليزية لها تحت عنوان "فقط في لندن" Only in London. وخُصصت احدى الامسيات الثماني للموسيقى الفلسطينية، وأحيتها العازفة والمغنية الفلسطينية ريم يوسف الكيلاني وعازف الطبلة صلاح داوسن ميللر. وفي اليوم التالي أُجريت مقابلة مطولة مع الكيلاني ضمن برنامج "استشراف" Outlook الذي يبثه القسم الدولي في "بي بي سي"، قدمت خلالها بعض أغانيها. وأكدت على أهمية الموسيقى والأغنية بالنسبة الى الفلسطينيين في المنفى. وتضمن برنامج الأنشطة الثقافية قبل المؤتمر حفلات للموسيقى الايرانية والكردية، وأمسية شعرية شارك فيها الشاعر العراقي سعدي يوسف الذي انتقل للاقامة في لندن قبل بضع سنوات. وعبّر بعض المشاركين عن خيبته لأن المؤتمر لم يتضمن أي جلسات عن الموسيقى. كانت أيام المؤتمر الثلاثة في "سواس" في نظر المشاركين عموماً مثيرة للاهتماتم ومحفزة للتفكير، ويتوقع ان تشجع على تنظيم مزيد من الأنشطة والأبحاث وسط فسيفساء الثقافات الشرق أوسطية في لندن. * كاتبة بريطانية. خلفيات كجزء من مبادرة لانشاء "معهد للشرق الأوسط" في كلية الدراسات الشرقية والافريقية "سواس" في لندن، نظم مركز دراسات الشرقين الأدنى والأوسط في "سواس" مؤتمر "الشرق الأوسط في لندن" على مدى ثلاثة أيام. وعقد المؤتمر برعاية أمير ويلز الذي كتب في تقديمه لبرنامج المؤتمر ان "لندن هي الآن موطن ثان للشرق الأوسط، ويسعدني ان يتناول هذا المؤتمر، الذي يعد الأول من نوعه، كل الاشكال التي يتجلى بها ذلك". وتناول المؤتمر أوجهاً كثيرة عن الشرق الأوسط في لندن، من عالم المال والمصارف الاسلامية الى الثقافة والديبلوماسية والحياة السياسية. وكانت ذروة اعماله كلمة رئيسية القتها في آخر جلساته المسائية السياسية والناشطة الفلسطينية في مجال حقوق الانسان حنان عشراوي. وسيكلف "مشروع معهد الشرق الأوسط" 37 مليون جنيه استرليني، من ضمنه 15 مليون جنيه استرليني لمبنى جديد. وفي النية ان يصبح المعهد الموقع الأول للدراسات والابحاث، بالاضافة الى المعلومات والبرامج الخارجية، في ما يتعلق بالمنطقة. وأعلنت "سواس" في اليوم الأخير من المؤتمر ان رجل الاعمال السعودي محمد بن عيسى الجابر أصبح أول المساهمين بالتبرع لانشاء المعهد. وقالت الكلية ان "سخاء محمد الجابر، يعني انه يمكن الشروع بالخطوات الضرورية لانشاء صندوق ولتعيين شخصية اكاديمية مرموقة في منصب مدير المعهد". ورفضت "سواس" الكشف عن قيمة "التبرع الكبير" الذي قدمه الجابر، ولو ان الكراس الخاص بالمشروع أشار الى ان كلفة المنحة المخصصة لموقع مدير المعهد تقدر ب1.6 مليون جنيه استرليني. ومعروف ان الجابر هو مؤسس ورئيس "جداول انترناشونال" و"جاي جاي وورلدوايد غروب" و"أي. جاي. دبليو. أي. غروب" لصناعات الأغذية. وتندرج هذه المؤسسات في اطار كيان عالمي هو "إم بي آي انترناشونال آند بارتنرز" الذي كان الراعي الأساسي للمؤتمر في "سواس". وتربط الجابر بالفعل صلة متينة مع كلية "سواس"، اذ انشأ في كانون الثاني يناير 2000 "صندوق إم بي آي" كمنظمة خيرية بريطانية مسجلة تجري ادارتها في "سواس" لتقديم زمالات دراسية لسنة واحدة للحصول على شهادة الماجستير لطلبة من العالم العربي. وكان ضمن الرعاة الآخرين للمؤتمر وزارة الخارجية البريطانية وشركة "بريتيش بتروليوم" ومصرف "إتش إس بي سي" ومكتب الاعلام الكويتي وشركة "ساميت كوربريت سرفيسز" ودار "إيلاف" للنشر و"لندنغيت". وسيغطي "معهد الشرق الأوسط" منطقة الشرق الأوسط كلها: العالم العربي واسرائيل وإيران وتركيا والقوقاز وآسيا الوسطى. وكما كان متوقعاً فان المؤتمر لم يخل من الجدل السياسي. فقد شكت صحيفة "جويش كرونيكل" من عدم توجيه الدعوة الى أي مشارك اسرائيلي. سعت "سواس" كما يبدو الى تجنب الخلافات التي يمكن ان تنشب داخل المؤتمر، خصوصاً بالارتباط مع الوضع الحالي بين اسرائيل والفلسطينيين. وسارع الثنائي الكوميدي الايراني الشقيقان شابي وبايفاند خورشندي الى الغاء مشاركتهما في جلسة عن السينما وفن التمثيل عندما علما ان "سواس" قبلت دعماً مالياً من الحكومة الايرانية وهو أمر معروف بشكل عام منذ سنوات عدة.