صدر اخيراً في لندن العدد الاول من "بانيبال"، وهي مجلة باللغة بالانكليزية تختص بالادب العربي الحديث. الناشرة ورئىسة تحرير المجلة هي مارغريت اوبانك، فيما يتولى صموئيل شمعون عراقي منصب مساعد رئىس التحرير، مع فريق يضم خمسة محررين استشاريين خارجيين. وتوضح مارغريت في المقدمة ان فكرة المجلة خطرت لها عندما سألت نفسها لماذا تجد صعوبة بالغة في العثور في المكتبات على ترجمات لاعمال كتاب عرب معاصرين، خصوصاً الشعراء: "من المخجل حقاً ان الادب العربي الحديث لا يزال مهمشاً بالنسبة الى القراء في الغرب، ولا يزال الوصول اليه متعذراً على معظم القراء بسبب هالة "الاختصاص" التي تحيط به". وتقوم السياسة التي تتبناها "بانيبال" على نشر اعمال لكتاب وشعراء عرب من أرجاء العالم العربي او من بلدان يعيشون فيها ويستقرون. وستصدر ثلاثة اعداد منها هذه السنة العدد المقبل يصدر في حزيران/ يونيو المقبل، ويؤمل ان تصدر فصلياً في السنة المقبلة. تستمد المجلة اسمها من اشوربانيبال، اخر ملوك الاشوريين الذي اسس في نينوى اول مكتبة مصنفة بشكل منظم في الشرق الاوسط القديم. يكشف العدد الاول من المجلة للقارئ الانكليزي بشكل جيد التنوع الكبير الذي يمتاز به مشهد الادب العربي المعاصر. فهناك قصائد "أغاني مهيار الدمشقي" للشاعر ادونيس ترجمها كمال ابو ديب. وكمال ابو ديب نفسه واحد من 11 شاعراً نشرت اعمالهم في القسم الخاص بالشعر، ومن ضمن الاخرين غازي القصيبي وخالد النجار وخالد مطوع وأمجد ناصر ومحيي الدين اللاذقاني. وهناك قصص قصيرة او مقتطفات من روايات لتسعة كتاب، مثل زكريا تامر ووجدان السخني وحسونة المصباحي وسميرة المانع. واجرت مارغريت اوبانك مقابلة مطولة مع الشاعر العراقي سركون بولص، وهي تعكس شخصيته المتميزة بالحيوية والمرح اذ يصف حياته الزاخرة بالاحداث وموقفه من اعماله التي تضمنت ترجمة اعمال شعراء غربيين كبار الى اللغة العربية. وكان بولص جزءاً من المشهد الشعري الاميركي منذ نهاية الستينات، ويدلي بحديث ممتع ومفيد عن لقاءاته بشاعر "البيت" الن غينسبرغ، الذي ترجم بولص قصيدته "هاول" عويل الى اللغة العربية. ويكتب بيتر كلارك، المستشار الخاص لقسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في "المجلس البريطاني"، تقويماً عن الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس الذي توفي العام الماضي. وهناك ايضاً مقابلة مع الفنان التشكيلي فيصل لعيبي ساهي الذي يعيش في اوروبا منذ 25 سنة. كما تبدي المجلة اهتماماً باوضاع النشر باللغة العربية، فيتضمن العدد الاول مقابلة مع مي غصوب المؤسسة المشاركة لدار "كتب الساقي" في لندن، ومقالاً لمنى نجار عن "دار الجمل" في كولون في المانيا. الضعف الوحيد في العدد الاول من "بانيبال" ان تحرير النص والتصحيح تعوزهما الدقة المطلوبة، وهناك بعض الاخطاء. لكن مارغريت اوبانك وصموئيل شمعون يستحقان التهنئة بحرارة على اطلاق "بانيبال". واذا تمكنا من المحافظة على المستوى الذي شرعا به في العدد الاول فان المجلة ستمثل اسهامة بالغة الاهمية تعطي العالم الناطق باللغة الانكليزية نافذة على المشهد الادبي العربي واعمال لكتاب كان سيتعذر الوصول اليها. وسيساعد هذا على هدم الحواجز وسوء الفهم على الصعيد الثقافي. ومن ضمن الاعمال التي سيحتويها العدد المقبل مقتطف من رواية للسوري سليم بركات وقصائد للعماني سيف الرحبي ومقابلة مع الكاتب المصري الفرنكوفوني البير قصيري.