الأطروحات التي ينادي بها التجمع الديموقراطي الموجود في الخارج ومطالبته بتفكيك النظام والعودة مرة اخرى الى ما يسمى بالحكومة الانتقالية امر تجاوزته الأحداث. فهل كتب لأهل السودان ان يعيشوا في دوامة هذه الحلقة الجهنمية وغيرنا من حولنا يعيشون في استقرار وثبات؟ لقد خبر السودان حكومات انتقالية منذ استقلاله فكانت تنقله في كل مرة الى الجحيم، فلماذا نكرر الكرة من جديد، أما آن لنا ان نتعلم من أخطائنا؟ ولماذا ندمر ونعود مرة اخرى الى المربع الأول لنبدأ من جديد - كساقية جحا؟ ولماذا يصرّ البعض من المعارضين على الالتقاء مع الحكومة في منتصف الطريق؟ فالحكومة تجاوزت منتصف الطريق في سبيل التنمية الاقتصادية واستخراج البترول وامتداد الطرق القارية خير شاهد على ذلك. فلماذا لا يلتقي هؤلاء مع الحكومة في نهاية الطريق من اجل الأجيال الآتية؟ إن حكومة الانقاذ قطعت شوطاً طويلاً في بناء دولة المؤسسات وأصبحت للدولة هيبة ومكانة في الداخل والخارج وهي ماضية في طريقها، فعلى هؤلاء ان يأتوا الى الداخل ليبنوا السودان من الداخل ويسهموا في سبيل تطويره كل من مجال عمله، فإذا أصبح كل السودانيين اهل سياسة فمن اين لنا بالأطباء والزراع والمهندسين والمدرسين؟ وهؤلاء هم عماد التنمية الأساسية فليس بالسياسة وحدها يحيا الانسان. وهذا من احد اسباب الصراعات الموجودة في السودان، فالأستاذ في السودان يريد ان يشتغل بالسياسة فمن الذي سيدرّس التلاميذ؟ والطبيب يترك المستشفى ويريد ان يشتغل في السياسة والمهندس والمزارع والتاجر وهلم جرا... فالأوطان لا تبنى إلا بيد أبنائها وعلينا كسودانيين ان نضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح القبلية والعرقية لأننا في عصر التكتلات فإذا لم نتحد لنبني السودان الواحد فستتقاذفنا الأطماع من كل جانب وسيكون هذا الوطن الغني بثرواته الطبيعية والبشرية فقيراً مثل ما هو الآن. جدة - صبري الحاج محمد هلالي