جمدت "بورصة" السجال في إيران حول تطبيع العلاقات الديبلوماسية مع الولاياتالمتحدة، إلى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات وإعلان اسم الرئيس الجديد للجمهورية الإسلامية، فيما قررت طهران فتح خمسين مكتب اقتراع في 33 ولاية أميركية، لتسهيل مشاركة الإيرانيين المقيمين في أميركا، في عملية التصويت. طهران - رويترز، أ ف ب - بهدوء يتأهب زعماء إيران المنقسمون لمعاودة النظر في موضوع بالغ الحساسية، هو العلاقات مع أميركا، وذلك بعد انتخابات الرئاسة، لكن الاتجاه السائد في واشنطن غير مشجع. وبعد 22 سنة على نجاح الثورة الإسلامية في اسقاط الشاه المدعوم من الولاياتالمتحدة، واقتحام طلاب إيرانيين السفارة الأميركية في طهران حيث احتجزوا 52 ديبلوماسياً رهائن لمدة 444 يوماً، يتغير موقف الإيرانيين من القوة العظمى التي طالما سموها "الشيطان الأكبر". ويعتقد رجال أعمال وشبان كثيرون تأثروا بالغرب عبر قنوات التلفزيون الفضائية والانترنت، أن العلاقات مع الولاياتالمتحدة ضرورية لربط إيران بالاقتصاد العالمي، واجتذاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وفي مؤتمر صحافي قال عبدالله جاسبي، المرشح الذي يحتل المركز الثالث، ويرأس مجموعة من الجامعات الخاصة: "باستطاعتنا إقامة علاقات مع كل الدول، مع مراعاة مصالحنا، وبالطبع الولاياتالمتحدة إحدى هذه الدول". في الماضي، كان مثل هذه التصريحات يواجه تنديداً، وعندما اقترح الرئيس محمد خاتمي في مقابلة مع شبكة "سي. ان. ان" الأميركية عام 1998 ازالة جدار انعدام الثقة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، واجه معارضة شرسة، لكن أحداً لم يدن المواقف الأخيرة التي أقرت بأهمية التطبيع مع واشنطن. وعلى رغم هذه المواقف، يتأهب الكونغرس، وسط ضغوط إسرائيلية مكثفة، لتجديد العقوبات خمس سنوات ضد الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاعي النفط والغاز في إيران. وتؤكد مصادر أن الرئيس جورج بوش الحريص على ايجاد مصادر للطاقة، وتشديد عزلة العراق، أبلغ دولاً في الاتحاد الأوروبي أنه يريد انفتاحاً على إيران. ويقول ناصر هاديان، استاذ العلوم السياسية في جامعة طهران: "المشكلة اننا نواجه وضعاً يتسم بالغباء المتبادل. فالعقوبات ليس لها تأثير اقتصادي يذكر، لكن الأثر السياسي الذي تحدثه في إيران أكثر مئة مرة، إذ أن الولاياتالمتحدة تزيد التشدد داخل إيران". والسمة البارزة للنقاش الجاري الآن في هذا البلد حول موضوع العلاقات مع واشنطن، أن بدايته كانت من محافظين قريبين إلى خامنئي، وليس من الإصلاحيين الذين يتهمهم خصومهم بأنهم "دمى" يحركها الغرب. ويجادل ديبلوماسيون بأن أي تقارب مع أميركا يجب أن يكون بالاجماع، مما يعني البحث عن وسيلة لضم خامنئي، الذي يتمتع بسلطات دستورية كبيرة، ولم يظهر أي بادرة علنية للتحول عن موقفه المعادي للولايات المتحدة، بل العكس ازداد موقفه حدة. وفي كلمة أمام حشود في مدينة قم لمناسبة الذكرى الثانية عشرة لوفاة الخميني والتي صادفت أمس، قال خامنئي: "بالطبع يشعرون بعداء تجاهنا لأن الجمهورية الإسلامية تهدد مصالح الاستكبار العالمي. الأعداء مثل أفعى تلتف حول موارد البلاد. كان الأميركيون والصهاينة ومستغلون آخرون يأتون ويذهبون كما يشاؤون لاستغلال مواردنا، لكن الثورة الإسلامية أوقفت كل هذا". لكن هناك تلميحات من قريبين إلى خامنئي عن احتمال قبوله المناقشة ومحاولة تغيير موقفه، مع الأخذ في الاعتبار مصالح إيران. أحد القريبين إلى خامنئي، حجة الإسلام طه هاشمي، قال لوكالة "رويترز" إن على طهرانوواشنطن البدء بمفاوضات "سرية" لوضع خريطة ارشادية لإقامة العلاقات على قدم المساواة. وقال: "كيف يقبل آية الله خامنئي علاقات مع أميركا من دون أن تظهر أي دليل على الندم لأفعالها السابقة"؟ واستدرك: "إذا أحسن وضع السيناريو وتأكد من أن العلاقات لن تضر مصالحنا القومية، اعتقد أنه لن يكون بعيداً عن الموافقة، وإذا أظهرت أميركا نية حسنة لن يكون هناك مبرر لرفض العلاقات". إيرانيو أميركا وفي مؤشر لافت، أفادت صحيفة "إيران" الحكومية أمس أن السلطات الإيرانية قررت تسهيل عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثامن من حزيران يونيو الجاري للإيرانيين المقيمين في الولاياتالمتحدة عن طريق اقامة 50 مكتب اقتراع في 33 ولاية أميركية. وكان مجلس صيانة الدستور، الهيئة التي تصدر قرارات نهائية حول العملية الانتخابية، أعلن في 30 أيار مايو ان الإيرانيين المقيمين في الخارج يمكنهم الادلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، في السفارات والقنصليات فقط. لكن وزارتي الداخلية والخارجية توصلتا ومجلس صيانة الدستور إلى تسوية في هذا الشأن، ستسمح للإيرانيين في الخارج بالتصويت في "السفارات والقنصليات والمساجد الإيرانية والمدارس العائدة للجمهورية الإسلامية والمصارف الإيرانية ومكاتب شركة الطيران الإيرانية". وأوضحت الصحيفة ان وزارة الخارجية وضعت 50 مكتب اقتراع في 33 ولاية أميركية، غالبيتها ستكون في كاليفورنيا حيث يقيم 800 ألف - 5،1 مليون إيراني، مستقرون في الولاياتالمتحدة. وسيمكن الناخبين الإيرانيين المقيمين في الولاياتالمتحدة أيضاً أن يصوتوا في سفارة باكستان في واشنطن، والمكتب الإيراني في مقر الأممالمتحدة.