لو كان كل منا يعلم أن الألماس الملون سيعرف يوماً المجد والثروة لكنا اقتنينا المئات لا بل الألوف من أحجاره الجميلة. فالألماس الملون الذي عانى طويلاً من عدم اكتراث التجار به ومن لهاثهم وراء الألماس الشفاف العديم اللون، أخذ بثأره بفضل الرجل الذي عرف كيف يبرز جماله ولمعانه. إنه إدي ايلزاس صاحب العينين الزرقاوين اللتين تعكسان بريق آلاف الألماسات التي رآها في حياته، يصفه صديق العمر والمهنة الأمير عزيز طوسون بأنه أشبه بالبركان الذي يثور فرحاً كلما تأججت في داخله أحاسيس نابعة من دهشته امام مقدرة الطبيعة الخلاّقة التي تلفظ أجمل الألماسات كلما تنفس باطن الأرض شوقاً وتوقاً الى الحرية والنور. وإدي إيلزاس يعيش هذه المشاعر القوية كلما رأى الألماسات النادرة والجميلة فلا يبيعها إلا إلى أشخاص متحمسين وواقعين في هوى وشغف الألماس مثله، وشرطه الوحيد للانفصال عما لا يُعوّض هو حدوث هذا الانفصال في جو تخيّم عليه السعادة! ملك الألماس الملون كما يحلو لبعضهم ان يسميه، ومالك مجموعة قوس قزح الألماس، دخل عالم الألماس بدافع الحب، إذ كان بحاجة الى المال ليتزوج. وبفضل الألماس تزوج من يحب وبفضل من يحب تزوج الألماس الملون! وهو يذكر بأن أولى الألماسات الملونة التي باعها كانت صفراء. ولم يكن سعر القيراط الواحد من الألماس الأصفر النقيّ يتجاوز آنذاك مئات قليلة من الدولارات. ككل جديد في اي مهنة أخذ إدي ايلزاس في بداية حياته المهنية على عاتقه مهمة بيع الألماسات التي يصعب، بل يستحيل بيعها. لكنه اليوم مالك اكبر مجموعة من الألماس الملون، وهي مجموعة "قوس قزح" التي تعتبر نادرة من نوادر الأرض كأنها خارجة من كتب الجان وأساطير القراصنة. وتضم حوالى ثلاثمئة ألماسة ملونة تزن حوالى ثلاثمئة قيراط. والواقع ان هناك قلة من الناس تعرف بوجود ألماسات ملونة بألوان قوس قزح، منها ما هو نادر جداً كالألماس الأحمر والأزرق الصارخ والأخضر الغامق والوردي والأصفر الغامق. فيما نجد الأصفر الشاحب والأصفر الذهبي وحتى الألماسات البنية أو الرمادية ذات البريق الأخاذ بسهولة، أما الألماسات الملونة فيشتريها عادة المحترفون المولعون للاحتفاظ بها في جو من التكتم الشديد داخل خزائنهم الحديد. والألماس الملون على حد قول صاحب المجموعة يجمع ما بين بريق الألماس الشفاف ولون الأحجار الكريمة. ومع ان إدي ايلزاس هو أب الألماس الملون الذي أسهم في نهضته وإحيائه واستعادة مكانته، إلا أن الألماس الملون كان معروفاً من أيام التاجر الفرنسي الشهيد تافيرنييه أول من عاد من إحدى رحلاته الى الهند بعشر ألماسات نادرة وجميلة كانت من بينها ألماسة "هوب" الزرقاء وهي من أشهر الألماسات في العالم، كذلك اشتهر الألماس الملون من خلال الملوك والسلاطين، وأول امرأة حملت في إصبعها خاتماً مرصعاً بماسة وردية اللون كانت "أنييس سوريل" عشيقة أحد ملوك فرنسا. والمفارقة الطريفة في حياة إدي ايلزاس تكمن في ان أول ألماسة ملونة جمعها قدمت إليه في مقابل فنجان قهوة، في زمن كان الألماس الملون يطحن على شكل بودرة لكي يصقل الألماسات الشفافة العديمة اللون. وإدي ايلزاس اليوم على رغم امتلاكه كل الألماسات الملونة ما زال جاهزاً في كل مرة يرن فيها جرس الهاتف معلناً عن اتصال من نيويورك، بومباي، استراليا، أو افريقيا الجنوبية، لركوب الطائرة بهدف تأمل ماسة ملونة نادرة حتى ولو لم تكن معروضة للبيع فهو يردد دائماً بخفة ظله أن عدد ساعات السفر التي قام بها تفوق بكثير عدد ساعات سفر ملاحَيْن اثنين على متن طائرة بوينغ في نهاية حياتهما المهنية. وإدي الذي يتلقى كل سنة حوالى ألفي طلب لشراء الألماس الملون لا يلبي سوى ثلاث منها، ويُشَبِّه الألماس الملون بالمرأة، فبرأيه ليست من تملك اجمل عينين في العالم هي التي تجذب الرجل بل تلك التي تملك اجمل نظرة.