تدرس الحكومة المغربية دعوات تستهدف تغيير المواسم الزراعية ونوعية المواسم وبعض المزروعات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء، ما يعني تغيير الخريطة الزراعية للبلاد خصوصاً انها تعتمد كلياً على الامطار ولا تملك موارد ثابتة من الماء. ترأس الملك محمد السادس أمس في اغادير اجتماع المجلس الأعلى للماء والمناخ في دورته التاسعة في وقت يشهد فيه المغرب شحاً كبيراً في مصادر المياه للعام الثالث على التوالي. وينتظر ان يصادق المجلس على استراتيجية جديدة للتغلب على النقص في الموارد المائية، كما سيعلن المغرب خطة طموحة لبناء 30 سداً كبيراً ونحو 20 سداً صغيراً في العقدين المقبلين بكلفة تقدر بنحو عشرة بلايين دولار. ويراهن المغرب على تمويلات من البنك الدولي وصناديق التنمية العربية والبنك الأوروبي للاستثمار ورصدت الحكومة من جانبها نحو بليون دولار في العقد الجاري لتوسيع شبكات مياه الشرب والري. وتدرس الدورة كذلك استراتيجية ادارة اقتصاد المياه العذبة لاشراك السكان في برنامج حماية المياه واستخدامها الى الحد الأدنى الضروري. وتقدر نسبة التزود بالماء بنحو 85 في المئة في المدن وأقل من 40 في المئة في الأرياف. وقال مصدر تقني في وزارة التجهيز المغربية ل"الحياة" ان المغرب على عكس دول الشرق الأوسط ليست له مصادر مشتركة للمياه وهو يعتمد على الأمطار ومنابع الأودية، وهو لا يستغل من هذه الموارد المقدرة بنحو 30 بليون متر مكعب سوى 21 بليون متر مكعب منها 16 بليوناً مياه سطحية وخمسة بلايين مياه جوفية أي ما يعادل استهلاكاً سنوياً للفرد يقل عن 900 متر مكعب في حين ان المطلوب رفعها الى ألف لتر على الأقل. وكان نصيب الفرد من الماء يقدر ب1200 متر مكعب قبل عقد من الزمن وساهم الجفاف والنمو الديموغرافي في انخفاض الحصص وهو واقع شمل كافة منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط. استهلاك الماء وتستهلك الزراعة في المغرب نحو 80 في المئة من مصادر المياه وارتفعت أصوات تطالب بتقليص النسبة عبر تغيير بعض المزروعات التي تحتاج نسباً عالية من الماء مثل البندورة والحوامض المصدرة الى الاتحاد الأوروبي، كما تساهم النفايات والتلوث الصناعي في خسائر للاقتصاد المغربي تقدر بنحو 8 في المئة من الناتج القومي سنوياً ما يرفع كلفة انتاج الماء الى ضعف ما كان مسجلاً قبل عقدين نتيجة استخدام معالجات التحلية. وتستهلك الصناعة بدورها نحو بليون متر مكعب من الماء منها 81 في المئة مستخرجة من البحر و19 في المئة مياهاً جوفية أو صالحة للشرب. بينما تستهلك السياحة نحو 9 في المئة من مصادر المياه. وتعاني الأرياف المغربية من ندرة واضحة في المياه نتيجة الجفاف وانخفض منسوب بعض السدود الى ما بين 60 و90 في المئة من منسوبها خصوصاً في منطقة تانسفت مراكش والجنوب الصحراوي، ورصدت الحكومة 7.5 بليون درهم للتخفيف من أزمة الماء في البوادي وانشاء شبكات للري وقنوات مياه الشفة. يذكر ان المجلس الأعلى للماء والمناخ كان أسسه الملك الراحل الحسن الثاني في الثمانينات عقب اعوام جفاف مماثلة دفعت مئات الآلاف من المزارعين لهجرة قراهم الى المدن. وكان النمو في الاقتصاد المغربي تراجع في الأعوام الأخيرة الى 1 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بسبب ندرة المياه وتقلص الانتاج الزراعي الذي يساهم بنسبة 17 في المئة من الناتج.