يواجه المغرب للعام الثالث على التوالي شحاً واضحاً في المياه العذبة نتيجة استمرار مواسم الجفاف وانخفاض منسوب المياه في الاودية والسدود ما اثر على الانتاج الزراعي ودفع النمو الاقتصادي الى التراجع السنة الجارية الى نحو 6 في المئة من اصل 8 في المئة كانت متوقعة سابقاً. قال وزير التجهيز بن عمر تغوان: "ان المغرب قرر بناء تسعة سدود كبيرة وثمانية سدود متوسطة الحجم حتى سنة 2004 في محاولة للتغلب على شح المياه خصوصاً الموجهة منها للزراعة التي تستهلك 80 في المئة من الموارد المتوافرة المقدرة ب 14 بليون متر مكعب". واعتبر الوزير في تصريح ل"الحياة" ان الخطة تقضي ببناء 30 سداً جديداً في الربع الاول من القرن الحادي والعشرين لمسايرة الطلب المتزايد على المياه العذبة والتقليل من مضاعفة الجفاف الذي اصبح مشكلة عضوية تحد من مجالات تطور الاقتصاد. وحسب مصادر وزارة التجهيز تراجع نصيب الفرد المغربي من المياه الى 950 متراً مكعباً عام 2000 بعدما كان المعدل 1200 متر مكعب في مطلع التسعينات وهو مرشح للانخفاض الى 632 متراً خلال الربع الاول من القرن. وقد تنخفض النسبة الى النصف سنة 2013 اذا لم يستثمر المغرب في مشاريع المياه. وتدرس الحكومة منذ فترة امكان اسناد بناء السدود الى القطاع الخاص وفق صيغة الامتياز المعمول بها في الموانئ والمطارات ومحطات الطاقة بي او تي كما تجري اتصالات مع مؤسسات تمويل دولية منها البنك الدولي و صناديق التنمية العربية والبنك الاوروبي للاستثمار للحصول على قروض ميسرة يتم استخدامها في بناء السدود . وتقدرالكلفة على المدى المتوسط بنحو بليوني دولار قد ترتفع الى عشرة بلايين دولار على المدى البعيد لمضاعفة تعبئة الموارد المائية المقدرة نظرياً بنحو 30 بليون متر مكعب ما يسمح للمغرب بتدبير موارد في حدود 21 بليون متر مكعب تبقي الاستهلاك الفردي في حدود الف لتر وهو المتوسط المسجل في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وتقضي الخطة بتعميم مياه الشفة في المدن المغربية ومد شبكات للمياه العذبة الى الارياف المغربية في حدود 50 في المئة على الاقل مقابل نحو 20 في المئة حالياً وكان البنك الدولي اقر خطة دعم استراتيجة مطلع الشهر الجاري للمساهمة في مشروع شبكات المياه في المغرب. وسيمنح البنك قروضاً بقيمة 150 مليون دولار سنويا ضمن خطة القضاء على الفقر التي تمس 20 في المئة من السكان الذين تعيش نسبة 75 في المئة منهم في الارياف. ويساهم البنك الدولي حاليا بنحو 282 مليون دولار في برامج تنمية الارياف والري الاصطناعي وشبكات الطرق والكهرباء والتعليم. وتعتقد الحكومة ان من شأن مد شبكة الماء والطرق في الارياف تقليص نسبة الفقر وربط المزارعين بقراهم والتقليل من الفوارق بين المدن والبوادي والحد من الهجرة. واعلنت الحكومة الاسبوع الماضي قرارها انفاق 7,5 بليون درهم صيف السنة الجارية للتخفيف من وطأة الجفاف في البوادي المغربية، وكانت برامج مشابهة ضد الجفاف رصد لها العام الماضي 6,5 بليون درهم . كما تقرر معالجة ديون نحو 120 الف من صغار المزارعين. وتسبب الجفاف في تدني الانتاج الزراعي الى 46 مليون قنطار من الحبوب الرئيسية وكان الانتاج 90 مليون قبل سنوات وتراجع انتاج الحوامض الى اقل مما كان مسجلاً قبل اربعين عاماً وفقد المغرب تنافسيته التجارية داخل اسواق الاتحاد الاوربي في مجال الصادرات الغذائية. وخسر الدخل الفردي المغربي نحو 150 دولاراً في ثلاث سنوات من شح الامطار. يذكر ان في المغرب حالياً 90 سداً تمكنه من ري مليون هكتار من اصل ستة ملايين هكتار وهي خطة بدأها الملك الراحل الحسن الثاني عام 1967 ومكنت من تقليص الخسائر الزراعية في زمن ندرة المياه وقلة التساقطات التي يعيد المزارع الصغير اسبابها الى ارتفاع درجة الحرارة دون ان يتهم الدول الصناعية الكبرى الغنية بالتسبب في الانحباس الحراري على الارض.