وردت معلومات متضاربة عن مصير زعيم الحزب الشيوعي السوداني المعارض محمد ابراهيم نقد المختفي منذ ثمانية اعوام. واشارت تقارير شبه رسمية الى انه مصاب بذبحة صدرية وان حاله تستدعي نقله للعلاج الى خارج السودان، فيما قلل قيادي في الحزب من اهمية هذه التقارير ونفى تدهور صحة زعيمه. وأفادت تقارير صحافية ان نقد المختفي منذ العام 1993 اصيب اخيراً بذبحة صدرية وان "حالته الصحية غير مطمئنة"، وان ترتيبات تجري لنقله الى المانيا لتلقي العلاج، وان الحكومة ابدت استعدادها للمساعدة في ذلك اذا طلب منها ذلك. واعلن مسؤول في الحزب الحاكم "ان الحكومة ستساهم مالياً في تغطية تكاليف علاج نقد حتى يسترد عافيته". وقال وزير الحكم الاتحادي الدكتور نافع علي نافع المسؤول عن الاتصال التنظيمي في الحزب الحاكم "موافقة الحزب على تسهيل اجراءات علاج زعيم الحزب الشيوعي بوصفها حالة انسانية تتطلب الاهتمام والرعاية". لكن القيادي في الحزب الشيوعي فاروق كدودة قلّل من شأن المعلومات عن مرض نقد. وقال "ان لا اساس لها من الصحة". وشكك في صدقية الحكومة، وقال ان زعيم حزبه "اختفى للافلات من الرقابة الامنية التي كانت مفروضة عليه وليس خوفاً من الاعتقال"، غير انه اضاف "ان الاختفاء اصعب من الاعتقال". واكد كدودة ان نقد لا يحتاج الى مساعدة من اجهزة الدولة وان "حزبه الذي قرر اخفاءه سيتصرف في مثل هذه الحالات"، وان قرار خروجه من مخبئه امر تقرره اجهزة الحزب الشيوعي. ويعتبر اختفاء نقد الثاني في حياته السياسية، اذ عاش متخفياً 14 عاماً خلال فترة حكم الرئيس السابق جعفر نميري الذي امتد 16 عاماً، على رغم انه كان زميل دراسة له في مدرسة حنتوب الثانوية التي درس فيها ايضاً الزعيم الاسلامي الدكتور حسن الترابي. وإبان فترة اختفاء نقد دعاه النميري لحضور احتفال المدرسة بيوبيلها الذهبي ولم تتعرض له السلطات الامنية التي كان مطلوباً لديها منذ تدبير حزبه انقلاباً على النظام الحاكم في العام 1971. وبعد استيلاء الرئيس عمر البشير على السلطة في العام 1989 اعتقل نقد الى جانب قادة الأحزاب السودانية ثم اطلق سراحهم جميعا بعد اشهر. ومارس نقد حياته العادية بعد ذلك وأقام في منزل في ضاحية الرياض الفاخرة، وكان يتردد كثيراً على دار الوثائق المركزية لاعداد كتاب عن التاريخ السياسي في السودان. واجرى نقد حوارا مع الرئيس عمر البشير، وزاره في مقر اقامته صديقه الدكتور حسن الترابي. وعلى رغم مراقبة السلطات الامنية تحركاته الا انه استطاع الافلات من اعينها والاختفاء في مكان غير معروف يرجح انه داخل السودان. ووقعت خلال فترة اختفاء نقد الاختياري احداث جسام زلزلت الفكر الشيوعي وأثّرت على بنائه، ونقل عنه انه ظل يعد لاحداث انقلاب فكري وسياسي داخل حزبه فيما يشبه "البروسترويكا" وتغيير اسم الحزب وثوابته لكن ذلك لم يبرز الى السطح بعد. بل ان الحزب الذي كان موحداً انقسم على نفسه، وصارت قيادته التاريخية ضمن قيادة "التجمع" المعارض في الخارج، ومجموعة من رموزه ضمن معارضة الداخل لهم نشاط علني محدود.