بدأت المخرجة إنعام محمد علي تصوير أحدث أعمالها التلفزيونية، مسلسل "قاسم أمين" الذي يتناول حياته بصفة كونه رائداً فكرياً أسهم في مشروع النهضة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، لجهة التحرر من أغلال التخلف والمناداة بمساواة المرأة الرجل في الحقوق وإخراجها إلى الحياة لتمارس دورها الحقيقي. المسلسل من إنتاج قطاع الانتاج المصري الذي يعده للعرض في شهر رمضان المقبل. كتبه محمد السيد عيد، ويشترك في بطولته كمال أبو رية وعزة بهاء وأحمد خليل ومنال سلامة وسعيد عبد الغني وميرنا ونادية رشاد وماجدة الخطيب. وقال محمد السيد عيد إن فكرة المسلسل كانت من اختيار إنعام محمد علي "لكن هذا العمل يسمح لي بتقديم الكثير من أفكاري الخاصة ويتفق مع اهتمامي بقضايا المرأة، إذ كتبت قبل ذلك مسلسلاً لم ينتج إلى الآن، عن الأميرة ذات الهمة هدفي منه القول إن المرأة العربية المسلمة لم تكن متاعاً للرجل فقط أو امرأة بلا شخصية لكنها كانت عنصراً فاعلاً في المجتمع الإسلامي". ضمن إطارها وعن أحداث مسلسل "قاسم أمين"، قال: "إنه يتناول المرحلة ما بين العامين 1879 و1908، أي مذ كان قاسم أمين في السادسة عشرة من عمره حتى وفاته وهو في الخامسة والأربعين. وبالطبع، حين نصور حياته، لا نصورها معزولة عن الاطارات الثقافي والسياسي والاجتماعي لذاك العصر. لذا يقدم المسلسل مجموعة من الشخصيات العسكرية والسياسة المصرية، مثل أحمد عرابي وسعد زغلول ومصطفى كامل والخديوي توفيق والخديوي عباس، ومن رجال الدين الشيخ جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده وعبد الله النديم، ومن المفكرين أحمد لطفي السيد وأديب اسحق، ومن الشعراء أحمد شوقي وحافظ ابراهيم، ومن المطربين سلامة حجازي ومحمد عثمان وعبده الحامولي. أي أن المسلسل يغطي عصراً كاملاً يعطيني الفرصة للتعبير عن قضايا أحب أن أعبر عنها شخصياً، منها على سبيل المثال مواقف قاسم أمين من تعليم المرأة وعملها وارتداء الحجاب والمساواة بينها وبين الرجل لأن الله خلقهما متساويين في الطبيعة البشرية، ومن قضية الميراث إذ كانت المرأة لا ترث في عصره، ومن وضعها في المجتمع وطبيعة النظام الديكتاتوري، وقضايا أخرى كثيرة". واضاف عيد: "أردت تقديم صورة قاسم أمين الحقيقية، لأنني أظن أن كثراً لم يقرأوا كتبه وحكموا عليه غياباً، فهو سبق، بفكره، أحمد فتحي زغلول وأحمد لطفي السيد ويستحق لقب مؤسس الفكر الليبرالي في مصر. وأردت أن أطرح قضية اهتمام محمد عبده بقضايا العقل وبأن الدين لا يعني الاستسلام للخرافات والتقاليد البالية، وأن أعرض موقف المفكرين المعاصرين وإسهاماتهم في قضايا عدة، أهمها قضية الجامعة المصرية التي كان قاسم أمين فارسها الأساسي. ومسلسل "قاسم أمين" أعطاني الفرصة لطرح كل هذه القضايا". أما عن عادة الكتاب في مثل هذه الأعمال إظهار إيجابيات الشخصيات التاريخية والتغاضي عن سلبياتها، فأجاب: "حاولت تقديم شخصية قاسم أمين بالصورة الأكثر صدقاً، لكن هناك أمراً مهماً لا بد من أن نذكره، هو أننا نقدم الشخصيات التاريخية لتكون قدوة لشبابنا وأبنائنا، فليس منطقياً أن نعطيهم صورة مشوهة عن هؤلاء الأبطال، إذ لا توجد شخصية كاملة. من هنا تكون المعالجة محسوبة، فلا بأس من إظهار بعض نواقص الشخصية التي لا تهدم صاحبها. وإذا ضربنا مثلاً شخصية سيد درويش، فهل من المفيد أن نصوره مدمناً يعيش في حي البغاء في الاسكندرية ويتردد على الملاهي حتى الصباح. أظن أن هذا لا يخدم أي إنسان يشاهد هذا العمل بل سيقدم إليه شخصية مشوهة. وعليه فالفيلم السينمائي الذي قدمه المخرج أحمد بدرخان عن سيد درويش لم يتعامل معه كمدمن أو يذكر علاقته بحي البغاء أو ما شابه ذلك". يبلغ عدد حلقات المسلسل 31، يتم تصوير بعضها في فرنساوتركيا. فقاسم أمين درس في جامعة مونبلييه ثم ذهب إلى باريس حيث كان الإمام محمد عبده منفياً، ليكون مترجماً له. أما تركيا فكانت عاصمة الخلافة في ذلك العصر يذهب إليها دائماً الخديوي وكبار الشخصيات، وقد تزوج قاسم أمين إبنة أمير البحر التركي، وكانت له دار في اسطنبول. جارية وتقول عزة بهاء عن دورها في المسلسل: "أجسد شخصية "جلنار" الجارية التركية التي ارسلها الخديوي إلى والد قاسم أمين فتبناها واعتبرها في منزلة شقيقة قاسم، وبقيت حياتها هادئة إلى أن تزوجت ضابطاً مارس عليها صنوف القهر وتزوج عليها أكثر من امرأة. وتجسد جلنار صورة المرأة في ذاك العصر، وكيف كان الرجل يتعامل معها. وهي شخصية جديدة بالنسبة إلي لم أقدمها قبلاً، وتعاطفتُ من خلالها مع المرأة في ذاك العصر، فضلاً عن أنني اتحدث معظم الوقت بالتركية". وتؤدي ميرنا وليد شخصيتين في المسلسل تقول عنهما: "الأولى "سلا÷ا" الفرنسية التي أحبها قاسم أمين طوال السنوات الأربع التي أمضاها في جامعة مونبلييه، والثانية "وسيلة" الغازية التي التقاها في أحد الموالد ووجد فيها شبهاً كبيراً بسلا÷ا فأحبها. وبين الشخصيتين اختلافات كثيرة لأن سلا÷ا رقيقة ناعمة راقية، تختلف عن وسيلة الفتاة البلدية الفلاحة، في كل شيء، في الملابس والتصرفات وطريقة الكلام. وشخصية وسيلة نفسها تمر بأكثر من مرحلة، إذ تبدأ راقصة في الموالد ثم مغنية في الأفراح والمنازل، فمغنية في القصور تغني باسم مصر... لتصبح "هانماً". لكن قاسم أمين لم يتزوج وسيلة، على رغم حبه لها، لأن مركزه الاجتماعي، كقاض، جعله لا يقترن براقصة غازية، فتزوج فتاة تركية". وتقول منال سلامة عن دورها في المسلسل: "أجسد شخصية الأميرة نازلي فاضل إبنة عم الخديوي توفيق الذي تولى الحكم، بدلاً من والدها، في اللحظة الأخيرة، ولأسباب سياسية، ما أغضبها وأغضب بقية أفراد العائلة، وأحدث خلافاً وانشقاقاً في الأسرة. وتعد الأميرة نازلي أول سيدة تقيم صالوناً في مصر، تناقش فيه الأعمال الأدبية والسياسية، وكان من رواده سعد زغلول والإمام محمد عبده، الذي تعلمت منه اللهجة المصرية، وطلعت حرب وفتحي زغلول وجمال الدين الأفغاني. وقد وقفت إلى جانب قاسم أمين وساندته في نشر دعوته إلى تحرير المرأة". وتضيف: "من أجل هذه الشخصية، تعلمت ركوب الخيل وتلقيت دروساً في اللغتين الإنكليزية والفرنسية والإتيكيت، وخفضت وزني، لأن المخرجة إنعام محمد علي ترغب في ظهور الأميرة نازلي فاضل على الشاشة نموذجاً للمرأة المثالية في كل شيء حتى في المواصفات الجسدية، علماً أنني جسدت سابقاً شخصية أميرة في مسلسل "بوابة الحلواني". إلا أن الشخصية هنا مختلفة وثرية أكثر وأجسدها بكل تفاصيلها".