تشهد أسواق الولاياتالمتحدة فورة هائلة في بيع دواء جديد لمعالجة السرطان وتتداول ألسن الناس والأطباء ووسائل الإعلام اسماً واحداً يتردد كأنه السحر: "غليفيك" Gleevec. وخصصت شركة "نوفارتيس"، التي صنعت الدواء، موقعاً خاصاً على الإنترنت، يشدد على حصر بيع "غليفيك" داخل الأسواق الأميركية، بعدما نال موافقة "مكتب الدواء والغذاء" منتصف أيار مايو الماضي. وسبقت الموافقة، التي وصفت بأنها الأسرع في تاريخ الطب الأميركي، قصص نجاح قاربت السحر والخوارق. وقبل بضعة أشهر، شرعت الأميركية مارينا سيمو كوكس في ترتيب جنازتها، بعدما يئس الأطباء من شفاء سرطان معدتها. وتناهى الى سمع سيموكوكس اليائسة ان كبسولات صُفراً أثبتت قدرتها على علاج سرطان الدم لوكيميا. وتناولت "غليفيك" على سبيل التجربة، وفعل سحر الكبسولات فعله، وصارت سيموكوكس أحدى قصص نجاح "غليفيك". وتحتوي كل كبسولة 100 ميلغرام من مادة "ايما تينيب ميسايليت" Imitinab Mesylate، وهي العنصر الفاعل في "غليفيك"، وتؤخد مرة واحدة في اليوم. زرنيخ "ماوتسي تونغ"... الفاعل! ويتميز "غليفيك" بأنه يثبط انزيماً معيناً هو تايروسين كاينيز. ولا ينشط هذا الأنزيم إلا في حال التكاثر السرطاني السريع. ويفسر هذا سبب فاعلية الدواء ضد خلايا السرطان وحدها، وعدم أذيته الخلايا الطبيعية. وتؤذي معظم أدوية السرطان الخلايا الصحيحة ولا "تميّزها" عن خلايا الورم. ويعتبر الدواء مقدمة لعلاجات مماثلة وتجري بعض الشركات اختباراً على دواء "فينوكسو ديول"، يشبه فعله فعل "غليفيك". فهل أنقذ الدواء مرضى السرطان من الأورام ومن علاجات خطرة، بعضها سم فاتك. وفي المدة الأخيرة، دار حديث على استعمال الزرنيخ السام في علاج السرطان. ويبدو ان قدماء الصين استعملوا ذلك السم الزعاف الذي ظل سره متناقلاً عبر الأجيال. وأرغمت ثورة ماوتسي تونغ الثقافية بعض الأطباء على الذهاب الى الريف الصيني حيث اكتشفوا سر الزرنيخ. ومع انفتاح الصين على العالم، نقل بعض الأطباء قصة الزرنيخ وفاعليته في مجال السرطان فهل جاء "غليفيك" أيضاً، ليحرم ماو تسي تونغ نصراً علمياً متأخراً و... ملتبساً بالقمع؟