كي لا تبقى الجلابية مجرد عباءة تراثية، سعت المصممة رندة سلمون منذ افتتاحها لمعامل "ايشتار" في بيروت الى تطوير الجلابية لتصبح معتمدة في كل المناسبات وفي كل العصور، وشغفاً منها باندفاع الأجيال الجديدة لاختيار "الجلابية" كزي شرقي متطور في معظم المناسبات. مع كل الحضارات التي تحاول ان تجمعها رندة سلمون في جلابية واحدة مستعينة بأقمشة تارة أوروبية وتارة هندية، تبقى الحياكة يدوية. وتقول سلمون انه كلما أزف موعد تصميم جلابية جديدة كلما انكسرت الأسوار! كيف جاءتك فكرة "إيشتار"؟ - أردت ان أطور العباءة العربية وأردت ان تبقى العباءة جزءاً مهماً من هندام المرأة العربية، وفكرت بالوسائل التي يمكن ان تدفع الأجيال الجديدة لاختيار الجلابية أو الأزياء الشرقية وكنت أقول إنه إذا بقيت هذه العباءة فولكلورية ستنقرض، لذا أسست "إيشتار" التي تهدف اليوم الى تطوير وتحديث هذا الفن. وكنت أهدف الى أن نصل الى مرحلة نقول فيها ان هذه هي "جلابية" القرن الواحد والعشرين. لأنه إذا أردنا ان نبقى في القرون الوسطى من دون أي تطور، فكل شيء سينقرض مع الوقت، وخصوصاً الجلابية، وهناك دافع اقتصادي، اجتماعي، وإنساني، حثني أكثر لتطوير وتنفيذ الجلابية خصوصاً للمرأة التي تعمل في البيت وخارج البيت. كيف حدث هذا التطوير؟ وما هي الحداثة التي تتكلمين عنها؟ - انها الحضارات الكثيرة والمتنوعة التي أجمعها في قطعة واحدة أو في جلابية واحدة، فأحياناً أستعمل الحياكة الشرقية مئة في المئة من وبر الجمل وهذا ما ينفذ فقط في العالم العربي، كما نستعمل الأقمشة الهندية والأقمشة الأوروبية والحياكة اليدوية وهذا التطوير هدف منذ البداية الى خلط الأقمشة إضافة الى طريقة التطريز التي تطورت. كيف؟ - بعد شراء قماش من التول مثلاً، نطرز عليه أجمل القطب العثمانية وهذا ما يعكس القرن الواحد والعشرين، أي لم تعد هناك من أسوار في أي عمل فني، أكان ذلك في الموسيقى أو في تصميم الأزياء حيث اختلط الخليجي مع العربي مع الأوروبي. وبرأيي، الفن هو مرآة لوضع اجتماعي معين في حقبة تاريخية معينة والجلابية هي جزء كبير ومهم من هذا الفن. متى تستطيع المرأة ان ترتدي الجلابية؟ - هناك جلابيات مخصصة لمناسبات رمضانية، لحفلات رسمية، للأعراس، ولا يجب ان ننسى مناسبات الحنّة، وفي كل المناسبات تحافظ الجلابية على مبدئها وعلى طلّتها، من الجلابية القطنية البسيطة الى الجلابية المشكوكة بشكل لافت للمناسبات المميزة. وهناك مجالات عدة لارتداء الجلابية - وللأسف في لبنان لم تأخذ حقها بعد، وأعترف أن المرأة اللبنانية ما زالت بدائية في تطور ذوقها في اللباس التراثي، وللأسف ان هذه الجلابية لم تصبح بعد هنداماً مهماً بالنسبة إليها، اما في بعض الدول العربية الأخرى فهي مهمة جداً، لا بل تتصدر اهتمامات المرأة العربية. الجلابية تدلّ على التراث على رغم كل التطور الذي لحق بها، هل يمكن استعمال كل الألوان مع هذه الجلابية؟ - نعم، أستعين دائماً باللون الذي أراه جميلاً، فالجلابية التراثية مثلاً لها أصول معينة حتى في مسألة اللون، أما في "ايشتار" فنستعمل كل الألوان، ولا شك انهم في بعض المناطق العربية يعتمدون لوناً معيناً وواحداً وهو اللون الأسود. وتلك هي الجلابية التراثية، لكننا كنا وما زلنا مع تطوير التراث كي نواجه عصرنا، وألاّ يقتصر لباس الجلابية على الجلسات الخاصة في المنزل حيث تعتمد بعض السيدات الجلابية كلباس مريح أو كعباءة خارجية خصوصاً في الجبال أو كمشلح خارجي، للأسف هذا هو مفهوم الجلابية في لبنان. ترتدين دائماً الأزياء التي تتضمن خطوطاً شرقية، هل ترتدين الجلابية في المناسبات الكبرى كالأعراس مثلاً؟ - طبعاً، وصحيح انني أرتدي دائماً الأزياء التي فيها لمسات شرقية متطورة خصوصاً ما له علاقة بالأنسنبلات وما نلاحظه دائماً في أوروبا ان كلاً من اللباس الشرقي والزي الهندي باتا يؤثران على الزي الأوروبي بطريقة مباشرة خصوصاً أن الحرائر يتم شراؤها من الهند والزي الهندي هو زيّ شرقي في الأساس. الجلابية اكثر قطعة محتشمة ممكن ان ترتديها المرأة، هل تصمم "ايشتار" عباءات مغرية وشفافة مثلاً؟ - من البديهي جداً أن عامل الحشمة يعود الى شخصية المرأة والمناسبة التي تود ان تشارك فيها أىضاً. والجلابية هي قطعة محتشمة ولكن هناك جلابيات أو عباءات مختلفة كتلك التي ارتدتها ملكة الجمال السابقة جورجينا رزق حين شاركت في انتخاب ملكة جمال الكون حيث ارتدت سروالاً مثيراً حينها، لذا ليس مبدأً ان تكون الجلابية محتشمة، ولكن في "ايشتار" نصمم جلابيات محتشمة خصوصاً للمناسبات الرمضانية والدينية، ولكن من الممكن جداً أن تكون الجلابية شفافة ومغرية أيضاً.