وجّه وزير الخارجية الاميركي كولن باول انتقادات عنيفة الى موسكو وحمّلها مسؤولية "اعدامات بلا محاكم وتعذيب" وانتهاكات اخرى لحقوق الانسان في الشيشان. وقال ان تسليم ايران تكنولوجيات نووية وصاروخية يدخل ضمن "نقاط الخلاف" بين موسكووواشنطن. وفي المقابل، لمّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى ان بلاده قد توافق على تعديل معاهدة الردع الصاروخي التي اعتبرت الولاياتالمتحدة انها لم تعد تلائم المستجدات الراهنة. وقال وزير الخارجية الاميركي كولن باول في حديث الى وكالة "انترفاكس" وهو الأول من نوعه الى الاعلام الروسي، ان روسيا لا تزال تحتل "موقعاً مفصلياً" في العالم. وذكر ان هناك تطابقاً في مصالح موسكووواشنطن حيال قضايا عدة، بينها منع انتشار الاسلحة الفتّاكة. لكنه تحدث ايضاً عن نقاط خلاف بينها "قضية تسليم معدّات وتكنولوجيات نووية وصاروخية روسية إلى ايران"، وأن الوزير الأميركي وجّه اتهاماً صريحاً الى موسكو بانتهاك مواثيق دولية كانت روسيا اكدت الوفاء لها. وفي لهجة غير مسبوقة، قال باول ان "هناك معلومات جديرة بالثقة" عن انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان. وقال "ان الاعمال الوحشية والمقابر الجماعية ... هي من المظاهر المقلقة الكثيرة" للحرب القوقازية. وأضاف "ان المجتمع الدولي يقرّ لروسيا بحق الدفاع عن اراضيها، ولكنه يطالبها باحترام حقوق الانسان والمواثيق الدولية والضمانات الدستورية. وتحدث الوزير الاميركي عن "حالات اختفاء مواطنين وإعدامات بلا محاكم وتعذيب واعتقالات كيفية". وعلى رغم خطورة الاتهامات وقسوة اللهجة التي وردت بها، فإن ردّ موسكو كان اشبه بالاعتذار. إذ أصدر مبعوث الرئىس الروسي لشؤون حقوق الانسان في الشيشان فلاديمير كالاسانوف بلاغاً قال ان الولاياتالمتحدة "ربما لا تملك المعلومات الكافية". وأضاف "ان الوضع في الشيشان، قد لا يرضي روسيا نفسها"، ولكن القضايا التي اشار اليها باول "تجد طريقها الى الحل". وبلهجة مصالحة مماثلة، تعاملت موسكو مع اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش نيته الانسحاب من معاهدة عام 1972 في شأن الصواريخ المضادة للصواريخ، علماً "ان القيادة الروسية كانت أصرّت طوال السنة الماضية على رفض مجرد الحديث عن تعديل نص المعاهدة او إلغائها". إلاّ أن الكرملين التزم الصمت بعد خطاب بوش الاخير ولم يرد الرئىس فلاديمير بوتين إلا أمس، عندما اعلن في حديث صحافي انه يدعو الى العمل وفق مبدأ "لا تلحق الأذى". وأحال الصحافيين الى تصريحات في هذا الشأن لوزير خارجيته ايغور ايفانوف الذي قال امس في حديث ادلى به في دلهي التي يزورها حالياً، ان موسكو "تتعامل ايجاباً مع واقع عدم اقدام واشنطن على خطوات من جانب واحد"، وإعلانها عن الاستعداد لمشاورات واسعة مع حلفائها ومع روسيا والصين والهند. وأكد كولن باول في حديثه الى "انترفاكس" ان شبكة الردع الصاروخي التي تنوي الولاياتالمتحدة نشرها، ليست موجهة ضد موسكو بل غرضها الوقاية من هجوم صاروخي محتمل تشنّه دول "مارقة". وأضاف ان واشنطن "ستراعي مخاوف" موسكو في شأن الحفاظ على قدرة الردع الروسية. ولقيت هذه التصريحات ترحيباً روسياً، اذ اعرب الرئىس بوتين عن ثقته بان الادارة الاميركية الجديدة "ستباشر عملاً مشتركاً" مع روسيا لخفض الترسانات النووية وتعزيز الاستقرار الاستراتيجي. وقال الوزير ايفانوف ان بلاده مستعدة لإجراء مشاورات مع الولاياتالمتحدة عن قضايا التسلّح النووي والردع الصاروخي. ولكنه اعترف بأن المشاورات ستكون صعبة بعد اعلان بوش نية واشنطن الانسحاب من معاهدة 1972.