شهد الأردن أخيراً إقبالاً شديداً على شراء أجهزة الكومبيوتر. وترافق ذلك مع توجه وزارة التربية والتعليم إلى اعتماد تدريس علوم الكومبيوتر في المدارس التابعة لها، بدءاً من العام الدراسي المقبل، وادخالها ضمن امتحان الثانوية العامة التوجيهي، لتُدرَّس في ما بعد في الصفوف العليا. وتقول مصادر وزارة التربية والتعليم إن 45 مليون دولار أُنفقت حتى الآن، في تجهيز نحو 1400 مدرسة ثانوية، بما معدله عشرون جهازاً لكل مدرسشة. وبلغ عدد أجهزة الكومبيوتر المرصودة للمدارس الحكومية، للعام المقبل، نحو 100 الف، بكلفة 60 مليون دولار، مُوِّلت بمشاريع ممولة بقروض ومنح من البنك الدولي، ومن الحكومتين الاسبانية والكندية. ويبلغ عدد الطلاب المسجلين في الاردن، ذكوراً وإناثاً، نحو مليون ونصف المليون. أما المدارس الخاصة، فبدأت منذ زمن بعيد بتدريس مادة الكومبيوتر منذ الصفوف الاولى. وأسهمت الانترنت في تسارع إقبال الناس على شراء الكومبيوتر. فمنذ العام 1996 ارتفعت اعداد المشترين، وازداد عدد الشركات المتخصصة في بيع الكومبيوتر والبرمجيات. وعزا المدير الإداري في شركة "فن ديركتوري" عماد أبو شعيرة إقبال الناس إلى "توفيره الكثير من الجهد والمال". وأضاف أن غايات الناس تتعدد في اقتناء الكومبيوتر "فبعضهم يشتريه من أجل الانترنت، وتحديداً من أجل تسهيل الاتصال الدولي، وبعضهم يختاره لاعتماده مصدراً لالعاب الأطفال". وعن مواصفات الاجهزة التي يفضلها المشترون، قال أبو شعيرة: "يشترون الأجهزة الحديثة، وتحديداً بنتيوم 3، الذي يربط، في سهولة، بالانترنت"، وكذلك "يبحثون عن السعر المناسب، وهو يتفاوت بين 400 دينار أردني و700"، أي ما يعادل ما بين 600 دولار أميركي وألف. ويتفاوت معدل بيع الاجهزة في عمان بين 50 و 60 يومياً، ما يرفع نسبة مستخدميه عن الرقم الذي أعلنه المركز الوطني الاردني للمعلومات. وتقدر نسبة انتشار الحواسيب في الاردن بنحو 2 في المئة، ونسبة مستخدمي الانترنت بنحو 4 في المئة. ويرى مدير التسويق في "الجمعية الاردنية للحاسوب" جميل عبيد أن عدد مستخدمي الانترنت يفوق ال120 الفاً، و"تكفي زيارة واحدة لشارع اليرموك في مدينة اربد 90 كم شمال عمان للتأكد من ارتفاع عدد مستعملي الانترنت والحاسوب". وأضاف: "ليس من المستغرب، والحال هذه، أن يدخل هذا الشارع موسوعة غينيس للارقام القياسية، بصفته الشارع العربي الأكثر اشتمالاً على محلات ومقاه للانترنت والكومبيوتر!". ويعد الاردن سادس دولة عربية من حيث انتشار أجهزة الكومبيوتر فيها وعدد مستخدمي الانترنت بعد مصر والامارات والسعودية ولبنان والكويت. وحفز يسرى عودة ربة منزل على شراء جهاز كومبيوتر شعورها "أن اقتناءه ضروري جداً. فالاولاد يلعبون عليه، ويلهون ببرامج وأفلام ترفيهية، ويتعلمون تقنيات جديدة، فضلاً عن مساعدتهم في دراستهم كونه جزءاً من مناهجهم الدراسية". وعن طريقة موافقة العائلة على شراء الجهاز، ومراحل التفكير في الامر، قالت: "بدأ ابنائي الخمسة يلحون علي منذ مدة طويلة، لكنني كنت أخشى عدم موافقة زوجي. وبعد مفاتحته في الامر، وافق فوراً، فذهبنا الى محل لبيع الاجهزة، واخترنا جهازاً جميل الشكل يتضمن برامج العاب كثيرة، ويمكن وصله بشبكة الانترنت مستقبلاً". وأوضحت أن ثمنه دفع نقداً "على رغم امكان التقسيط". واختار مهندس الالكترونيات علي الرفايعة التقسيط المريح سبيلاً إلى اقتناء بنتيوم 3 بدلاً من جهازه بنتيوم 2. ولفت إلى إفادته من عرض قُدم الى شقيقته التي تعمل مدرّسة في وزارة التربية والتعليم، يسمح لكل موظف باقتناء جهاز كومبيوتر يسدد ثمنه على أقساط تصل مدتها الى أربع سنوات. وأضاف: "اخترت جهازاً يتمتع بسرعة هائلة، استخدمه في عملي، وأتخاطب من خلاله مع اصدقائي، وأتعرف إلى اصدقاء جدد عبر برامج المحادثة". إلا أن قصيّ المبيضين، الطالب في الجامعة الأردنية، اقتنى جهاز الكومبيوتر من أجل الموسيقى، إذ يمكنه "الاستماع إلى موسيقى صافية، ومشاهدة أفلام فيديو ذات جودة عالية". ولا يقتصر استخدام الكومبيوتر على قصيّ وحده "فشقيقاتي وأشقائي وأمي وأخي يستخدمونه، في استمرار. أختي مصممة غرافيك، والأخرى عاملة في شركة "آرابيا دوت كوم" وشقيقي الاصغر يستخدمه للالعاب، أما أبي وأمي فللبريد الالكتروني". وخالف أيمن عنتر، طالب ثانوية عامة، رغبة أهله في التفرغ للدراسة، وأصر على اقتناء جهاز كومبيوتر، ووصله بالانترنت "حيث المحادثة والاغاني، ومتابعة أخبار السيارات". وشكا من بطء جهازه، فاتصل بشركة متخصصة لتبلغه أنه يستطيع دفع 33 ديناراً 50 دولاراً لترتيب جهاز يسرّع حركة الكومبيوتر ففعل... وكانت النتيجة "ممتازة جداً". وعلى رغم الاقبال الشديد على اقتناء اجهزة الكومبيوتر، يرى سعد طرقجلي، مدير التسويق في شركة "غزال للالكترونيات"، أن "المبيعات تراجعت ثلاثة أضعاف، بسبب توقيع الأردن قانون حماية الملكية الفكرية، ما ضاعف أسعار اجهزة الكومبيوتر وبرامجها". وعلق على الشركات التي لا تلتزم ذلك، بالقول "إنها حرّة، لكنني اتعامل مع زبائن يريدون أجهزة وبرامج وقطعاً اصلية... إذا أراد الزبون شراء الجهاز فقط، وتحصيل البرامج بطريقته الخاصة، فلا مانع لدينا". لكن المدقق في حركة بيع أجهزة الكومبيوتر لا يتوقف عند التزام المشترين هذا الامر. فعدنان مصطفى كان همه الحصول على الكومبيوتر، في منأى عن كون برامجه أصلية أو مزورة. وبرر الامر بقوله: "كنت أدفع بدل اتصالات بذوي في اميركا مبالغ طائلة، والآن وفرت على نفسي ذلك من خلال الاتصال عبر الانترنت، وهو ما أمنّه لي جهاز الكومبيوتر الذي اشتريته بألف دولار. وفضلاً عن ذلك صرت أتابع تفسير القرآن الكريم من خلال قرص مدمج خاص، بدلاً من شراء كتاب باهظ الثمن من عشرة أجزاء".