وصف داود الشريان الدعوى الكويتية ضد قناة الجزيرة الفضائية بأنها حضارية، على اعتبار أنها لم تلجأ الى رد فعل قوي كسحب سفير أو إغلاق مكتب أو خلافه. ولتصحيح معلومات داود أو تنشيط ذاكرته التي يبدو ان الوهن قد أصابها، فإن من اقام الدعوى انما هم مجموعة كويتية بمبادرة من المحامي صلاح الراشد، دونما اي تدخل من الحكومة الكويتية كما كتب داود. المسألة الثانية هي ان الحكومة الكويتية سبق ان قدمت احتجاجاً شديد اللهجة اعفي على أثره مذيع قناة الجزيرة الأنصاري، بعد ان تهجم احد المشاهدين في إحدى حلقات برنامج "الشريعة والحياة" على أمير الكويت. وفي الوقت نفسه جمدت الكويت نشاط مكتب القناة في أرضها حتى تم عقاب المذيع. وعلى أي حال فحساسية العلاقات بين دول مجلس التعاون ومتانتها تمنع اياً منها من ان تمارس اجراء غاضباً بسهولة. داود أراد من المقال ان يثني على قناة الجزيرة التي من الواضح انه يهيم بها إعجاباً، مع ذلك فوصفه لموقف القناة من الشكوى الكويتية بالحضاري لهو شطط لا معنى له. فالقناة رفضت الدعوى من الأساس، ورفضت ان تعتذر، فأين الحضارية في ذلك السلوك؟ كنت أتمنى لو أن داود ركز على الاختلاق والتزييف الذي تمارسه القناة، وخصوصاً إذا كان المحور عن دول مجلس التعاون الخليجي وبالذات الكويت التي تتحامل عليها القناة في شكل سافر، بينما قصور المهيب تتجاوز الستين وشعبه يتضور جوعاً، والقناة تحرم على أي معارض المساس بشخصه الكريم، وإلا ناله من حداد والقاسم قارع الكلام والتقذيع والسخرية. لا أحد ينكر الريادة الإعلامية لقناة الجزيرة من حيث برامجها الحوارية وتحقيقاتها الشاملة، ولكن هذا لا يبرر بعض الأخطاء الكبيرة مثل قضية الدعوى إياها. فالمذيع سامي حداد ذكر في معرض حديثه ان الكويتيين متهمون بأنهم يذيبون خصومهم بالأسيد، ولم يذكر الحداد - وأتحداه ان يفعل - من الذي يتهم الكويتيين. أي ان الرجل يتحدث من دون دليل أو قرينة. أما مسألة العناية بالمعلومات أو دقتها فقضية الدعوى تدحضها. ومن يكذب مرة سيكذب مرات اخرى. فمن الذي سيضمن صدقية القناة؟ لغة الحوار التي يشيد بها داود في القناة تحولت مع الوقت الى غوغائية وإثارة، وخصوصاً في برنامجي الحداد والقاسم، مع استثناء برنامج أحمد منصور المتميز. وبصراحة اذا استمرت قناة الجزيرة على هذا المنوال فستفقد المنافسة مع قنوات اخرى متميزة مثل قناة ابو ظبي التي تتقدم في نهجها الرصين والشامل والمتكامل بكل ثقة. يا حبذا لو ان الدعوى الكويتية اقيمت في لندن - بحكم موقع القناة أو تصريحها - حيث تنال الجزيرة غرامة دسمة تجعلها تتردد الف مرة قبل النيل من الآخرين بغير وجه حق. أحمد الحناكي - كاتب وصحافي سعودي