يقال إن معركة بيرل هاربر حفرت الذاكرة الأميركية في العمق. والبعض يرد الميل الأميركي الى اتباع استراتيجيات عسكرية استباقية الى رضّة الهجوم المفاجئ على بيرل هاربر. القصة في التاريخ ليست بسيطة. انها بسيطة في السينما فحسب. فهوليوود، هذه الأيام، ما دخلت شيئاً إلا أفسدته، كما يقول نقادها. هذه المرة، وعلى مدى ثلاث ساعات، استحضرت السينما اجواء الأشهر الأولى للحرب العالمية الثانية من خلال قصة حب تمت فصولها قبل الهجوم الذي شنته اليابان على ذاك الميناء في 1941 وأثناءه وبعده. وكما هو معروف كان ذاك الهجوم ما أدخل الولاياتالمتحدة في حرب مع الامبراطورية اليابانية لم تنته الا بقنبلة ذرية. فيلم "بيرل هاربر" الذي بدأ عرضه في اسبوع عطلة "يوم الذكرى" في الولاياتالمتحدة هو قنبلة استديوهات ديزني لهذا الصيف، وتشير التوقعات الى أنه سيحقق أرباحاً خيالية مستغلاً مأساة تاريخية ما زالت تلاحق الذاكرة الاميركية. بتكلفة بلغت 140 مليون دولار وحملة اعلانية مسبقة لم يسبقها مثيل حتى بالمعايير الهوليوودية، يقدم المخرج مايكل باي والمعدّ جيري براكهايمر عرضاً يتلاءم مع جيل "النينتاندو" و"البلاي ستايشن" من خلال استعمال احدث المؤثرات والخدع السينمائية. وهو الاسلوب الذي طبع افلامهما في السابق كthe Rock وArmageddon وطوب المخرج باي على عرش افلام العنف. ويعتبر فيلم "بيرل هاربر" استمراراً لتوجه في استديوهات هوليوود لإعادة انتاج افلام نابعة من احداث ومفاصل تاريخية بعد النجاحات التي حققتها أفلام مماثلة، كفيلم باخرة التايتانيك و"انقاذ الجندي رايان". ولا شك بأن "بيرل هاربر" سيدخل التاريخ من خلال مشاهده التي بدا واضحاً انها صممت لخدمة الخدع السينمائية التي ابتكرها المخرج، وليس لتوليد اي مشاعر سياسية او وطنية. فمشاهد غارات الطائرات اليابانية تدل على عبقرية باي وقدرته على استغلال طاقات هوليوود المادية في صناعة السينما. وملاحقة الكاميرا لصاروخ منذ اطلاقه حتى بلوغه الهدف ثم انفجاره ليست بالشيء الجديد على المشاهد الاميركي هذه الايام، مع وجود "القنابل الذكية" التي يعرضها البنتاغون بعد كل عملية عسكرية. لكن هذا المشهد يبدو في اللغة السينمائية اكثر واقعية، ولا شك سيكون الأكثر انطباعاً في ذاكرة المشاهدين. ومثله مثل اي فيلم ضخم تطلقه هوليوود، يتعرض "بيرل هاربر" لانتقادات شديدة تتناول اغفاله المضمون والتكلف في الاخراج والتقنيات اضافة الى نص ساذج وقصة حب سطحية يقوم ببطولتها ممثلون يتسمون بجمال المظهر بين افليك، جوش هارتنيت والممثلة البريطانية كيت باكينسايل التي تلعب دور الممرضة ومحاولته استغلال مأساة تاريخية تعرضت لها الولاياتالمتحدة لتحقيق الارباح، الى ما هنالك من انتقادات تصح على معظم افلام هوليوود التي تعتبر الربح المادي اولوية في انتاجاتها. النقاد السينمائيون لم يكونوا متسامحين مع "بيرل هاربر" لكن شباك التذاكر هو الذي سيحكم. الشيء الوحيد المؤكد ان الخسارة التي منيت بها البحرية الاميركية في بيرل هاربر لن تتكرر على شباك التذاكر هذا الاسبوع، بعدما تهافت الاميركيون واصطفوا طويلا لمشاهدة ثلاث ساعات عن معركة لم تدم اكثر من ساعتين.