نجح السفير الاميركي في اسرائيل مارتن انديك في ابعاد الديبلوماسي "شبه المستشرق" ادوارد دجرجيان عن طاقم السلام الجديد الذي شكلته الخارجية الاميركية. والحجة هي "قرب" دجرجيان الى العرب. فيما أعرب مسؤولان فلسطينيان عن أملهما في أن تكون الولاياتالمتحدة حكماً لا طرفاً منحازاً الى اسرائيل. وأشارا إلى أن السلطة الفلسطينية لن تقبل العودة الى الطريقة السابقة في المفاوضات. وشدد احدهما على ان "لا قيمة لتقرير ميتشل اذا استمر الاستيطان". وللمرة الثانية يمارس أنديك تآمره على دجرجيان، ففي المرة الأولى استبعده من منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط قبل سنوات، وساعده في ذلك دنيس روس. وفرضت التوازنات الأخيرة في الولاياتالمتحدة ان يقود وليام بيرنز السفير الاميركي السابق في الأردن الفريق الاميركي الجديد الذي يضم ايضاً انديك نفسه والقنصل العام في القدس رونالد شليكر. ووفق ما أعلن في تل ابيب فإن بيرنز سيصل اليوم الجمعة الى تل ابيب ليلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ثم يلتقي، ربما مساء السبت، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد عودته من اجتماع منظمة المؤتمر الاسلامي في قطر. وستكون لقاءات الفريق مع الجانبين استطلاعية تطرح فيها رؤية كل طرف لسبل تطبيق توصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة السناتور الاميركي السابق جورج ميتشل. وسينقل بيرنز وجهة نظر واشنطن من هذه المسألة، وبعدئذ يغادر الفريق الى واشنطن ليقدم تقريراً يتقرر على أساسه اذا كان من المجدي ان يعرج وزير الخارجية الاميركي كولن باول على المنطقة بعد جولته في أوروبا وافريقيا. وحسب ما أعلنه مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي فإن جولة بيرنز نوقشت في المحاورة الهاتفية بين شارون والرئيس الاميركي جورج بوش، واكد شارون خلالها قبوله توصيات لجنة ميتشل، وأرفق موافقته بضرورة التزام الفلسطينيين وقف "العنف" وان يحذوا حذو تل ابيب في وقف النار. وقال مستشار شارون الاعلامي، رعنان غيسين، ان اسرائيل ترفض ان يدرج الاستيطان في اطار العنف لأن هذه المسألة وفق اتفاقات اوسلو ستبحث فقط في اطار الحل النهائي. وتابع غيسين قائلاً: "كما ان شارون أبلغ الرئيس بوش ان مسألة البناء لتلبية الاحتياجات الطبيعية لا تتجاوز حدود المستوطنات القائمة وهو ما يجب الا يثير أي مخاوف فلسطينية". واكد الفلسطينيون ان عرفات أبلغ بوش في المكالمة الهاتفية بينهما، وهي الثانية منذ تسلم بوش الرئاسة، قبوله توصيات ميتشل وضرورة تطبيقها كرزمة واحدة من دون انتقائية كما يريد الاسرائىليون. وفي هذا الصدد، قال الوزير الفلسطيني جميل الطريفي ل"الحياة" إن الفلسطينيين يعتبرون الاستيطان "ارهاب دولة وهو أعلى أشكال العنف، وعلى الإدارة الأميركية أن تلتزم توصيات اللجنة التي نصت على ضرورة وقف كافة أشكال الاستيطان سواء داخل المستوطنات أو خارجها، ولا تنازل فلسطينياً عن هذا المطلب". واعتبر الطريفي أن تحرك الإدارة الأميركية بحد ذاته يشكل بادرة ايجابية وينهي عهداً من الاستنكاف "ولكن من غير المضمون أن يكون التحرك الأميركي الجديد ذا فاعلية إن تم تجاهل الاستيطان". ويبدو الإسرائيليون في المقابل أكثر تفاؤلاً باقتراب الأميركيين من مواقفهم، وهو ما كان أشار إليه شارون في غير مناسبة وآخرها خلال لقائه مع السفير انديك ليل الأربعاء. إلى ذلك، قال محمود عباس أبو مازن، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية: "نأمل ألا تبقى واشنطن على انحيازها لإسرائيل وأن تضع في الاعتبار حقوق الطرف الآخر ومواقفه ومتطلباته حتى تتمكن من أن تكون وسيطاً نزيهاً". وأضاف ان "الأيام القليلة المقبلة ستثبت إذا كان الأميركيون جادين فعلاً في العمل في المنطقة... سيظهر ذلك من خلال ممارساتهم ومواقفهم التي نأمل ألا تظل منحازة للموقف الإسرائيلي". وأضاف: "الأمن يتطلب أن يتعاون كل الفرقاء من أجل التهدئة لكن هذا يجب ألا يكون منفصلاً على الاطلاق عن باقي المواضيع.. يعني عندما نتحدث عن الأمن نتحدث عن الاقتصاد والمستوطنات وقضايا المرحلة الانتقالية..". من جهته، اتهم مدير الأمن الوقائي الفلسطيني محمد دحلان إسرائيل بالإعداد لعدوان جديد على الشعب الفلسطيني. وأوضح في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الإعلان في غزة ان "مبادرة شارون وقف النار والاتهامات للسلطة الفلسطينية بانتاج قذائف الهاون ليست سوى تمهيد لعدوان جديد وزيادة التوتر". ووصف المعلومات الإسرائيلية ب"الأكاذيب". ومنعت محكمة إسرائيلية سعدي العشي، الذي اعتقل بتهمة تصنيع قذائف الهاون، من مقابلة محاميه. وأكد دحلان أن السلطة الفلسطينية "لن تقبل بأن تعود المفاوضات إلى الطريقة السابقة، فيما إسرائيل تنفذ ارهاباً رسمياً وتستمر في الاستيطان". وشدد على أنه "لن تكون هناك أي قيمة لتقرير ميتشل إذا استمر الاستيطان".