رأى وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ان الموقف الذي أعلنه رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون أول من امس، انتقائي ومضاد للمبادرة المصرية - الأردنية، ووصفه بأنه عبارة عن تلفيق وأكاذيب لا علاقة لها بما يتضمنه تقرير ميتشل. جاء ذلك في حديث أدلى به شعث ل"الحياة" على هامش زيارة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس الى باريس حيث اجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان. وتناول شعث التحرك الأوروبي بالقول ان الأوروبيين يدركون ان أصعب مسألة بالنسبة الى شارون هي وقف الاستيطان، "فلا يمكن القول انه لا يريد التفاوض ولا يريد تنفيذ الاتفاقات القائمة، لكن بإمكانه الادعاء ان الاستيطان يمكن ان يستمر مثلما استمر في السنوات السبع الماضية التي كان رؤساء وزراء اسرائيل يدعون خلالها انه لا يشمل زيادة النمو الطبيعي للاستيطان". لكنه أضاف انه خلال السنوات السبع الماضية ازداد عدد المستوطنين مئة في المئة وازدادت الرقعة الاستيطانية 120 في المئة، وبالتالي ازدادت المستوطنات بنسبة 10 - 14 في المئة، في حين ان مستوى النمو الطبيعي في اسرائيل هو بين 1 و2 في المئة، "فهذا الأمر اذاً كذبة صارخة لإيجاد حقائق على الأرض من خلال الاستيطان". وتابع ان "ما يطرحه الاوروبيون علينا هو أكره أمر بالنسبة الينا وهو الاعلان عن وقف لإطلاق النار من دون الحصول على ما نريد"، وان "أكره شيء على اسرائيل هو وقف الاستيطان". وان هذين الموضوعين الصعبين على كلا الطرفين قد يكونان بداية الطريق. وأشار الى انه اذا أعلنت اسرائيل وقف الاستيطان وأعلن الفلسطينيون وقف النار فعندئذ يفتح الباب لبحث جميع الأمور الأخرى حسب الطرح الأوروبي. وقال شعث: "ليس لدينا مانع من قيام أوروبا بهذه الحركة السياسية، ولكننا لا نرى مبرراً للقبول بأقل من التطبيق الكامل لتقرير لجنة ميتشل والمبادرة الأردنية - المصرية". وعن هدف زيارة عرفاتلباريس، قال ان الموقف الأوروبي كان في تراجع بين شهري تموز يوليو وآذار مارس الماضيين، مرده الى ان الأوروبيين كانوا على قناعة بأن الفلسطينيين اضاعوا فرصة كانت موجودة في عهد الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، وفي عهد حكومة ايهود باراك، وانه كان ينبغي عليهم ان يقبلوا ما عرض عليهم في كامب ديفيد، وان اضاعة هذه الفرصة مهدت لوصول شارون الى الحكم. وأضاف: "أما الآن فقد عدنا الى موقف أوروبي قوي لأسباب عدة منها ان اسوأ انسان يمكن ان يقود اسرائيل هو في الحكم الآن"، وهو شارون، وان أوروبا ارادت خلال الشهر الأول من ولايته اعطاءه فرصة، "فأخذها واثبت لهم سوء سياسته عسكرياً واقتصادياً وسياسياً". وتساءل شعث: "ما هو الحافز الذي سيقدمه لنا لنوقف النار، ان لم يقرر القيام بانسحاب جديد ولم يغير موقفه من القدس ولا من الدولة الفلسطينية ذات السيادة؟". واعتبر ان انطباع اوروبا هو ان شارون "أخطر شخص على المنطقة بأسرها ولو استمر في حكمه فلا بد من تحجيمه والتصدي له". وأشار شعث الى انه عندما استخدم شارون طائرات "اف - 16" ازداد خوف الأوروبيين من انفجار واسع في المنطقة، لكن تحرك الولاياتالمتحدة وتصديها لتصعيد شارون ثم تأييدها لتقرير ميتشل ولّدت انفراجاً أوروبياً، لأن المطالب الاميركية اصبحت مطابقة لمطالب أوروبا. وتابع ان أوروبا "بدأت تقتنع بمنطقنا الذي كانت ترفضه في عهد باراك ونحن الآن في ظرف قريب من الظرف الذي عشناه في عهد رئيس الوزراء الاسرائىلي السابق بنيامين نتانياهو، وانما أكثر سوءاً". وذكر شعث ان اللقاءات التي اجراها مع وزراء الاتحاد الأوروبي تسمح له بالقول ان أوروبا مستعدة لتبني تقرير لجنة ميتشل والمبادرة المصرية - الأردنية واعتبارهما البرنامج السياسي للسلام الذي تتبناه أوروبا. اضاف ان الاتحاد الأوروبي يرى الآن حاجة لاستخدام ما في حوزته من أدوات للضغط على اسرائيل، وهناك اتفاق أوروبي عام على البدء بالعقوبات المترتبة على صادرات المستوطنات وقد ابلغوا الاسرائيليين رسمياً بذلك. وقال ان الأوروبيين يقدرون هذه الصادرات بحوالى 250 مليون دولار. واضاف شعث ان الاتحاد الأوروبي اصبح جاهزاً لإثارة موضوع حقوق الانسان وهو منصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الأوروبية - الاسرائيلية.