اكد الرئيس العراقي صدام حسين ان اختياره نجله الثاني قصي عضواً في القيادة القطرية خطوة اولى في خطوات لتوليه مواقع حساسة في الحكم. وأصبح قصي نائباً لامين سر المكتب العسكري للحزب الى جانب لطيف نصيف جاسم، وهو موقع يجعله مشرفاً فعلياً لا على الحرس الجمهوري فحسب مثلما هو موقعه الرسمي الحالي بل على كل القوات المسلحة العراقية. ومعلوم ان المكتب العسكري الذي يوجّه قيادة الجيش والقوة الجوية والبحرية والحرس الجمهوري يشرف عليه صدام شخصياً. جاء اختيار صدام لقصي نائباً له في "المكتب العسكري"، أول من أمس، خلال اجتماع توزيع المسؤوليات على اعضاء القيادة القطرية الجدد الذين انتخبوا في المؤتمر القطري الثاني عشر الخميس الماضي. وظهرت مؤشرات لافتة في توزيع المسؤوليات كان أبرزها تحول علي حسن المجيد ابن عم صدام" الى مسؤولية تنظيمات صلاح الدين تكريت بعدما كان في العام الماضي مسؤولاً لتنظيمات الحزب في بغداد / الكرخ والمسؤول الحزبي والأمني في محافظات الجنوب خلال الاعوام 1991- 2000. وترى مصادر عراقية مطلعة ان جعل المجيد مسؤولاً عن منطقة "مضمونة الولاء" مثل تكريت مسقط رأس صدام، اضافة الى مسؤولية قطاع لا يشكل بعداً أمنياً وهو "مكتب العمال المركزي"، يعني تخلياً تدريجياً عن المجيد الذي كان "عنصراً مهماً في تثبيت سلطة الحكم اثناء غزو الكويت وبعده". وفي حين اكد صدام ابعاد التنظيم الحزبي عن المسؤوليات الحكومية، فلم يكن بين 18 عضواً في القيادة القطرية سوى وزير واحد هو محمد زمام عبد الرزاق وزير الداخلية الذي نيطت به مسؤولية الاشراف على تنظيمات محافظتي التأميم كركوك ونينوى الموصل، إلا ان تغييراً وزارياً تتوقعه المصادر العراقية ذاتها ، مؤكدة ان قصي كان وضع "خطة للاداء الحكومي" أخذت في الاعتبار ما أورده شقيقه الاكبر عدي من انتقادات للوزارات العراقية في "ورقة عمل" قدمها الى المجلس الوطني البرلمان بوصفه عضواً فيه اواخر العام الماضي. وتشير المصادر نفسها الى ان عدم الاعلان عن مسؤولية نائب أمين سر "مكتب الثقافة والاعلام القومي" يعني تجديد الثقة لطارق عزيز الذي يشغل هذا الموقع نائباً لصدام، وهو ظل امين سر المكتب المسؤول عن تنظيم اعلام العراق وثقافته منذ نهاية الستينات من دون ان تغفل الاشارة الى رغبة عدي في الاستئثار بهذا المنصب انطلاقاً من موقعه الاعلامي يشرف على صحيفة يومية وسبع مجلات اسبوعية ومحطتي تلفزيون واذاعة وهو نقيب الصحافيين ومعاركه الدائمة مع وزراء الثقافة والاعلام المتعاقبين على المنصب في التسعينات، لافتة الى ان ابتعاد عدي عن "مكتب الطلبة والشباب" الذي اشرفت عليه بموجب التشكيلة الجديدة للقيادة القطرية هدى صالح مهدي عماش، يؤكد ان موقعاً حزبياً ينتظره في الثقافة والاعلام اضافة الى رئاسة متوقعة للمجلس الوطني الذي ظل يقاطعه عدي ولم يحضر غير اجتماع واحد فيه منذ انتخابه عضواً في اذار مارس 2000. وكانت مقالات عدي في صحيفته "بابل" أكدت سعيه الى احتلال موقع في الحكم، وقد مهّدت تلك المقالات لتغيير وزاري قبل اكثر من شهر أبعد محمد سعيد الصحاف عن وزارة الخارجية الى الاعلام، كذلك انتقاداته العنيفة لاداء المجلس الوطني التي قدمها هو مباشرة أو لفتت فيها صحيفته الانظار الى "تجاوزات غير قانونية" يمارسها نجل رئيس المجلس الوطني سعدون حمادي، وردّ عليها الاخير بمشاريع قرارات قدمها المجلس تؤكد "ولاءه" لصدام، منها طلب جعل يوم ميلاد صدام "عيداً وطنياً" وتقليده "سيف البطولة والتحرير" وجمعه لاحقاً اكبر عدد من المفكرين القوميين في "تظاهرة تأييد لصدام" حين عقد في بغداد الاسبوع الماضي "المؤتمر القومي العربي" الذي يرتبط حمادي بعلاقات وثيقة مع رموزه. وقد عقدت القيادة القطرية الجديدة لحزب البعث التي انتخبت الخميس ا ف ب، اول اجتماع لها برئاسة الرئيس العراقي صدام حسين اول من امس السبت. وكانت هذه القيادة اعادت انتخاب 11 من اعضائها السابقين من بينهم عزة ابراهيم، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في العراق وطه ياسين رمضان نائب الرئيس العراقي وطارق عزيز نائب رئيس الوزراء ومحمد زمام عبد الرزاق الذي يتولى حقيبة الداخلية. كما اعيد انتخاب علي حسن المجيد ومزبان خضر هادي ولطيف نصيف جاسم وعبد الباقي عبد الكريم وسمير عبد العزيز النجم وعادل عبد الله. وقال مراقبون ان تكليف عضو القيادة محمد زمام مهمات حزبية قد يؤشر الى اعفائه من حقيبة الداخلية الذي يحملها منذ اربعة اعوام. وقال دبلوماسي عربي لوكالة "فرانس برس" ان دخول قصي صدام حسين القيادة القطرية "سيرتب عليه مسؤوليات اوسع من تلك التي مارسها خلال السنوات الماضية". واضاف ان هذا المقعد في القيادة القطرية "سيتيح له ايضاً فرصة اتخاذ القرار السياسي من خلال الاجتماعات المشتركة التي يترأسها الرئيس صدام حسين لمناقشة القضايا والمواضيع المهمة بعد ان كان عمله محصوراً بالقضايا العسكرية". ورأت صحيفة "الجمهورية" العراقية امس في انتخاب قيادة جديدة للحزب ان "المرحلة ستكون مرحلة البناء على المستويات كافة وقد هيأنا لها ما تستحق من مستلزمات النهوض والازدهار"، معتبرة ان هذه القيادة الجديدة "تحمل كل اسرار التفوق والنجاح". اما ابرز الاعضاء في القيادة السابقة الذين لم ينتخبوا لقيادة الجديدة فهم عضو مجلس القيادة الثورة محمد حمزه الزبيدي الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء وعبد الغني عبد الغفور وزير الثقافة والاعلام السابق. ومن المنتظر صدور مراسيم جمهورية وقرارات لمجلس قيادة الثورة تقضي باعفاء الزبيدي العضو في مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الوزراء من منصبيه.