بينالي الشارقة الدولي للفنون اختتم دورته الخامسة يوم الجمعة الماضي، بعد عشرة أيام حفلت بالفاعليات الفنية المختلفة. وكان الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى في دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم الشارقة رعى افتتاح المعرض في اكسبو الشارقة، وكان مؤملاً افتتاحه في صالات خاصة حددت في ضوئها بعض الشروط للمشاركة فلم تكتمل الاجراءات الفنية المتعلقة بتلك الصالات. حضر الافتتاح الفنان فاروق حسني وزير الثقافة المصري، والفنان أحمد نوار رئيس قطاع الفنون التشكيلية في مصر، والشيخ حسن آل ثاني. وبمقدار الاتفاق والاختلاف على دورة هذا العام فإن الجهود بدت واضحة في المطبوعات التي صدرت حول البينالي، ومنها الدليل الضخم الذي وزّع - على غير المعتاد - خلال أيام الافتتاح الأولى، وكذلك الكتب المعادة طباعتها من الدورة السابقة. وحملت الندوة الموازية اسم "حوار الفن، حوار الجهات". فقدّم عفيف بهنسي ورقته في عنوان "العالمية وحوار الذاتيات"، وعلى انه طرح انتقاداً في احدى الجلسات حول بعض العناوين/ المحاور الرئيسية للندوة، مثل الخصوصية، العالمية مبدياً رأيه في الخاص يقابله العام، وان العالمي يقابله المحلي. وقال ان أبواب الشرق لم تكن مغلقة امام الباحثين عن ثقافته وفنونه، بل كانت مشرعة. وطرح احمد شبرين ورقته "فنون التشكيل العربية... والعربية الافريقية للجماليات الثقافية والمهن الفنية الصناعية". فحاول ربط الفن بالأدب، مؤكداً ان فنون التشكيل عندنا هي من أصداء الشعر العربي فينا وأن اعتزازنا بما هو بين أيدينا هو اعتزاز وجود في أصوله، وبالطبع ليس اعتزازاً بما استنبطنا في ذلك الموجود... فالفارق شاسع بين الأصول الموجودة، بما استطعنا ان نبني عليه في حاضر الثقافة العربية. واختتم بالدور المطلوب من الحكومات والقطاع الخاص، ان ينهض بمهمات كبيرة وخطيرة، فمن دون ذلك نكون في موقع التغني بما عندنا وليس في دائرة العمل والتطبيق!! وأكدت ورقة محمد الجزائري على جوانب العولمة التي وصفها بمثل البوكيمون لتجعلك لها مواطناً، يدلل ببعض الأمثلة لكنه يتناول التجربة العراقية أو جزءاً منها في استعراضه لبعض نماذجها شاكر حسن آل سعيد، فائق حسن، أو غيرهما. وأشار ناصر عراق في ورقته "تصحر الفنون... حضور الذات وغياب المجتمع" الى ان ما يعانيه الفن التشكيلي الآن من خصام مع المجتمع لم يحدث بهذه الحدّة من قبل، آملاً ان "يتمكن فنانونا من ابداع أعمال تحتفي بالجماليات العربية وتدعم الهوية، تستلهم الموروث وتطوره ولا تعادي أحدث منجزات العالم، تحترم العقل وتسر الخاطر، تفجر الأسئلة وتمتع العين". واستعرض حكيم العاقل في ورقة "الخصوصية والعالمية في الفن" بعض الجوانب: الموروث والخصوصية، تمثل الخصوصية، النقد التشكيلي والخصوصية، المتاحف والصالات المتخصصة وعملية الاقتناء. كما طرح حسن شريف ورقته في عنوان "الفضاء الخيالي" مؤكداً على موقفه من اللوحة المرجعية والموروث، وأنه ليس من واجب الفنان تعزيز وتقوية الخرافة المحلية، بل تبنيه المجتمع لالخيال. وطرح احمد فؤاد سليم ورقته متسائلاً: ما هي العولمة؟ واستند الى تعريف سمير أمين بأنها: سيادة رأس المال، مضيفاً انها ظاهرة غير وطنية وغير قومية وغير ثقافية. رفيق شرف عنون ورقته ب"الخصوصية والحداثة والعالمية في الفن"، مشيراً الى بيانه الثاني 1971 - 1972، وأن بعض الفنانين العرب سافر الى الغرب بخصوصية أكيدة وعاد من دونها معتقداً ان الفنان العربي خسر ما هو مهم، ومؤكداً في الوقت ذاته ان علينا عدم الوقوف جامدين امام مقولة الأصالة والتراث والانعزال عن عالمنا. مساء اليوم الأول للبينالي، افتتح متحف الشارقة للفن العربي المعاصر، وكذا افتتح المركز العربي للفنون، والمعارض الموازية. وفي البينالي عرضت اعمال للفنانين المصريين ابتداء من الرواد الى الجيل الحالي وجاءت هذه الأعمال لوحات مرجعية، كما عرضت مقتنيات المتحف الوطني في الشارقة تضمنت اعمالاً لفنانين عرب وأجانب حصل بعضهم على جوائز بينالي الشارقة في دوراته السابقة، وخصص جناح لأعمال النحات الكويتي سامي محمد من تصوير أو رسم أو نحت، وكان وقع اتفاق انشاء كلية الشارقة للفنون الجميلة في دولة الامارات العربية المتحدة، وتوأمتها مع كل من الاكاديمية الملكية للفنون وجامعة لغبراو في المملكة المتحدة، وبمقتضاها تقدم الاكاديمية الملكية الدعم والخبرة الفنية لتأسيس ادارة كلية الشارقة للفنون الجميلة، وفق المعايير التعليمية والمعطيات العلمية والفنية المعتمدة. أما المعارض الموازية فكانت لثلاثة من فناني الامارات هم محمد يوسف الذي اختير رئيساً للجنة التحكيم وهو من مواليد الشارقة عام 1953، وعبدالرحيم سالم 1955، وحسن شريف المولود في دبي 1952. المعارض الفردية المصاحبة كانت للكويتي خزعل عوض القفاص 1944 وللسوداني احمد شبرين 1931 ولليمني حكيم العاقل 1965 والأردني سامر الطباع 1945 والفلسطيني كمال بلاطة 1942 والمكسيكية إرما بالسيوس فلورس 1943 والايطالي فبريزيو بليسي 1940، كما كرّم الفنانون أنور خميس سونيا من سلطنة عمان وصفيه فرحات من تونس ومحمد طه حسين من مصر ورفيق شرف من لبنان وعفيف بهنسي من سورية واقيمت لهم عروض. أما الورش الفنية فنفذها كنعان كنعان من الأردن تقنية الشمع، وثائر هلال من سورية مقيم في الإمارات ورشة رسوم للأطفال عن الانتفاضة، وورش لعباس الكاظم وفبريزيو بليسي وباتريزيا موليناري. وعن جوائز البينالي حصل الفنان الايراني حسين خسرو جيردي على الجائزة الكبرى، وحصل على الأولى تصوير السعودي محمد الغامدي والثانية تصوير لليوناني تاناسيس بانايوتو، أما الأولى غرافيك فللياياني أشوكو والثانية للياباني أيضاً يومو جيزاوا، والأولى نحت للاماراتي محمد احمد ابراهيم والثانية لليونانية ناكيس تاستاكيوغولو، ومنحت جائزة التركيبات والانشاءات الفراغية الأولى للعراقي خالد مقدادي، والثانية للأماراتية كريمة الشوملي. وتشكلت لجنة التحكيم من محمد يوسف، عارف الريس، احمد فؤاد سليم، اسماعيل فتاح الترك، مارتن جيزن، جان بيير تانغي، الساماريا بوكدال، عبداللطيف الصمودي كمقرر. * فنان تشكيلي سعودي.