تحدى المقاتلون الألبان الحشود العسكرية المقدونية في منطقة تيتوفو شمال غربي البلاد، فيما رفضت الفئات السياسية الألبانية قرار سكوبيا اعتبار "جيش التحرير الوطني" الألباني من الجماعات "الإرهابية". حذر قائد "جيش التحرير الوطني" الألباني في مقدونيا علي احمدي الحكومة المقدونية من مغبة استئناف هجماتها العسكرية على المرتفعات المطلة على مدينة تيتوفو. وقال أحمدي الملقب "سوكولي" الرجل الشجاع: "هيأنا ثلاثة ألوية قوامها 18 ألف مسلح للدفاع عن الأرض الألبانية". وأضاف في تصريح نقلته محطات تلفزيونية خاصة في سكوبيا امس: "التزمنا بالهدنة، وإذا خرقها الجانب المقدوني، فإن قواتنا تستطيع العودة خلال 24 ساعة الى كل المواقع التي انسحبت منها احتراماً لطلبات السياسيين الألبان وجهات دولية لإعطاء الفرصة لمساعي الحل السلمي". وحمّل "سوكولي" قادة الجيش والشرطة في الحكومة المقدونية مسؤولية مقتل وجرح عدد من العسكريين المقدونيين الذين "مارسوا الاستفزاز وقاموا بمناورات عسكرية في منطقة لا يحق لهم دخولها". وأكد ان المقاتلين الألبان سيتصدون بكل إمكاناتهم لأي محاولة للحكومة المقدونية لاستخدام القوة. وناشد المواطنين في كل أنحاء مقدونيا "عدم السماح بنقل ابنائهم وذويهم من الجنود والشرطة الى المناطق الألبانية التي ستحرقهم نيرانها". وأوضح "سوكولي" ان المقاتلين الألبان لا يمكن ان يعترفوا بالوضع الحكومي الراهن في مقدونيا الذي "يضطهد الشعب الألباني". وقال: "إننا لا نطلب أكثر من الاعتراف بحقوقنا الشرعية والمساواة الكاملة كمواطنين". وجاءت تصريحات القائد الألباني رداً على التعزيزات العسكرية التي ارسلتها الحكومة المقدونية الى منطقة تيتوفو في اعقاب مقتل 8 جنوب وجرح 3 آخرين مساء السبت الماضي، كما جاءت إثر اجتماع "مجلس الأمن القومي المقدوني" اول من امس في حضور الرئيس بوريس ترايكوفسكي وكبار الوزراء والقادة العسكريين الذين قرروا إطلاق تسمية "مجموعات ارهابية ألبانية" على "جيش التحرير الوطني" الألباني. وخوّل المجلس القيادة العسكرية المقدونية استخدام كل الأسلحة "لتنظيف مناطق شمال غربي البلاد من الإرهابيين الألبان". وأكد المجلس في قراره "أن المجموعات الإرهابية الألبانية" ترمي الى "تدمير النظام الديموقراطي" في مقدونيا. وانسحب ممثلو الحزبين الألبانيين الرئيسيين: "الديموقراطي" بزعامة اربن جعفيري المشارك في الحكومة الائتلافية المقدونية، و"الرفاه" برئاسة ايمير اميري، من اجتماع "مجلس الأمن القومي المقدوني"، وأبلغوا الصحافيين انهم يدينون قتل العسكريين المقدونيين "لكن مسؤولية ذلك يتحملها رئيس الجمهورية الذي لم يوفر اي نتيجة ايجابية باتجاه حل الأزمة، على رغم خمسة اجتماعات شارك فيها الجانب الألباني". ورفض ممثلو الألبان تعبير "الإرهابيين الألبان" الذي اتخذه المجلس، وأكدوا على وجوب مشاركة المقاتلين الألبان في مفاوضات حل الأزمة "كي يتوافر التزام من جانبهم". وحذروا من المخاطر الجسيمة "إذا لم تتوافر النية الصادقة لدى الحكومة لتحقيق مطالب الألبان". وعرض تلفزيون سكوبيا الرسمي امس، مشاهد لعودة الدبابات والشاحنات المحملة بالجنود والشرطة الى داخل مدينة تيتوفو وتحليق طائرات الهليكوبتر العسكرية فوق المرتفعات المطلة على المدينة التي كانت مسرحاً لقتال عنيف في النصف الثاني من آذار مارس الماضي. وأعلن امس الاثنين يوم حداد وطني في كل انحاء مقدونيا، واقتصرت برامج محطات التلفزيون والإذاعة في سكوبيا على حض الشعب على التعاون مع الحكومة في "إجراءاتها الصارمة للقضاء على الإرهابيين الألبان". واتهمت وزيرة الداخلية المقدونية دوستا ديموفسكا قوات حفظ السلام كفور بعدم تنفيذ مسؤولياتها لمنع تسلل "الإرهابيين من كوسوفو الى مقدونيا". وتوقعت الكثير من الهجمات الإرهابية التي ينفذها المتسللون داخل مقدونيا "إذا لم تتخذ كفور اجراءات تحول دون تكرار الحادث الأخير". وإلى ذلك، قال وزير الخارجية المقدونية سرجان كريم إنه "دعا قوات حلف شمال الأطلسي الى تكثيف دورياتها على الحدود داخل كوسوفو". ومن جانبه، دان قائد قوات حفظ السلام في كوسوفو الجنرال ثورستين سكياكر الهجوم الذي تعرض له الجنود المقدونيين. وأكد ان قواته ستبذل ما بوسعها لمساعدة الحكومة المقدونية "للتغلب على التهديدات التي تستهدف امنها". وتسلم الرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي رسالة تعزية من نظيره اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، ذكر فيها ان ما قام به "الإرهابيون الألبان" دليل على ضرورة تضافر الجهود في المنطقة للقضاء عليهم "ومنعهم من مواصلة جرائمهم التي تقوض مساعي إحلال السلام في البلقان". وأكد كوشتونيتسا وقوف يوغوسلافيا الى جانب مقدونيا "لمنع الإرهابيين من تفكيك البلاد وإشاعة الفوضى".