يبدي الصناعيون المصريون قلقاً من توقيع اتفاق المشاركة مع أوروبا ويحذرون من الانعكاسات على الصناعة الهندسية المحلية "لأن الطلب عليها سينحسر بعد الاتفاق بنسبة 50 في المئة، ما سيؤدي الى انهيار هذه الصناعة بالكامل والصناعات المغذية والقائمة عليها في نهاية فترة تحرير السلع الهندسية والمستوردة من دول الاتحاد الاوروبي واعفائها من الجمارك". أنهت الحكومة المصرية مداولاتها في شأن اتفاق المشاركة مع اوروبا تمهيداً لعرضه على الرئيس حسني مبارك الاسبوع الجاري قبل التوقيع النهائي عليه في 14 ايار مايو الجاري. وقال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشراكة جمال بيومي إن نص الاتفاق بات قابلاً للتوقيع نهائيا من قِبل وزير خارجية مصر ووزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي. وناقش مجلس الوزراء امس تقارير عدة طُرح خلالها التصور النهائي للاتفاق بعد انجاز عمليات المراجعة والتنقيح وتعديلات لغوية وقانونية وكذلك مدى استعداد الصناعة المصرية لهذا الحدث. وكانت الحكومة خصصت في الموازنة المقبلة 500 مليون جنيه لتحديث الصناعة وبدء التفاوض مع الخبرة الاجنبية لإنجاز ذلك. وكان الجانبان المصري والاوروبي وقعا الاتفاق بالاحرف الاولى في 26 كانون الثاني يناير الماضي بمشاركة سفير مصر لدى بروكسيل رؤوف سعد ومدير ادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المفوضية الاوروبية بيتر انجل. ويبدو ان اعلان التوقيع سيكون جاداً هذه المرة، خصوصاً ان وزارة الخارجية التي بذلت جهداً منذ عام 1995 ترى ضرورة انهاء الامر قبل ان يترك الوزير عمرو موسى منصبه منتصف الشهر الجاري ما يُعد تتويجاً لدوره. ولوحظ ان الخلافات التي دبت بين الوزارات المختلفة في شأن الاتفاق تم حسمها خصوصاً بين الخارجية والاقتصاد، لكن الصناعيين المصريين ما زالوا يحذرون من مضمون الاتفاق على الصناعة. واعتبر الصناعيون أن الاتفاق في وضعه الحالي سيؤدي الى انهيار صناعات وطنية عدة بالكامل، اهمها الغذائية والنسيجية والهندسية والكيماوية والطباعة، ما يعني عدم قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة في السوق المحلية والدولية. وقالوا في مذكرة الى القيادة السياسية إن ضرراً سيقع على الصناعات الزراعية المصرية بسبب صادرات الاتحاد الاوروبي الى مصر، وكذلك بسبب استحالة نفاذ الصادرات المصرية لدول الاتحاد نتيجة لعدم نص الاتفاقية على تطبيق المعاملة بالمثل. واشاروا الى الانهيار الشامل لصناعة الغزل والنسيج في ضوء قواعد المنشأ التي تعتبر المنسوجات الاوروبية خصوصاً الغزول والاقمشة كأنها مصرية حتى لو كانت على شكل اقمشة مستوردة من خارج دول الاتحاد. وبالنسبة للمنتجات الصناعية الهندسية المحلية فإن الطلب عليها سينحسر بعد الاتفاق بنسبة 50 في المئة، ما سيؤدي لانهيار هذه الصناعة بالكامل والصناعات المغذية والقائمة عليها وذلك في نهاية فترة تحرير السلع الهندسية والمستوردة من دول الاتحاد الاوروبي واعفائها من الجمارك. وعن الصناعات الكيماوية يؤكد اتحاد الصناعات ان فرصة نفاذ انتاجها الى اوروبا ضئيل نظراً لارتفاع نسبة المكون المحلي التي تقرها قواعد المنشأ، وينطبق ذلك ايضاً على صناعات اخرى مثل الادوية ومستحضرات التجميل. وطالب الاتحاد بضرورة دعم المطابع مادياً وتقديم التسهيلات المصرفية لمساعدتها على اقتناء احدث الماكينات بكلفة تسمح بالجدولة وبفائدة لا تزيد على 8 في المئة، حتى يمكن مواجهة الانتاج الاوروبي المتفوق في التعبئة والتغليف والجودة والميزة التي يتمتعون بها في الاعفاءات الجمركية التي تصل من واحد الى ستة لمصلحة اوروبا، في اشارة الى ان ذلك سيتضاعف بعد ازالة الحواجز الجمركية ما يؤدي الى تدمير الصناعة المحلية بالكامل. وأشار الاتحاد الى إنه لكي يأتي الاتفاق بثمار فلا بد من التحرر من الجمارك بالنسبة للصناعات النسيجية لحين عمل التطوير الشامل الذي من المتوقع ألا تقل كلفته عن 3 بلايين جنيه 880 مليون دولار في فترة تراوح بين 6 و9 سنوات، وكذلك تحرير الصناعات الهندسية في إطار جدول يتناسب مع التطوير الشامل الذي لن تقل كلفته عن بليوني جنيه خلال مدة تراوح بين 5 و8 سنوات. وكشف الاتحاد عن ان انتاج الصناعات الغذائية في مصر يصل الى 5.18 بليون جنيه سنوياً، تنتج نسبة كبيرة جداً منه بإمكانات توازي وتفوق المنتج الاوروبي في بعض الاحيان، لكن لن نستطيع مواجهته في ظل الشراكة الاوروبية بالطريقة الحالية لأن تلك الصناعات مدعومة، ولذلك نحتاج الى الندية ووجود آلية لدعم هذه الصناعة.