توقعت مجموعة دولية تنشط في مصر تحسن سوق الاسمنت المصرية في السنتين المقبلتين. وكشفت ان استراتيجيتها في السوق المصرية تستند الى المؤشرات الاقتصادية والديموغرافية الايجابية التي عرفتها مصر في الاعوام الأخيرة. وأكد مسؤول العلاقات الاستثمارية في مجموعة "تايتان سيمنت" تاكيس كانيلوبولوس ل"الحياة" أن مجموعته تتوقع مضاعفة انتاج مصنع الاسمنت في بني سويف في السنتين المقبلتين، بعد تنفيذ خطة توسعة بوشر حالياً بإعداد المناقصات الخاصة بتوريد المعدات وخطوط الانتاج الخاصة بها والتي سترفع الكميات المنتجة الى ثلاثة ملايين طن. وتعتبر "تايتان سيمنت"، التي تتخذ من أثينا مقراً لها، إحدى الشركات العشرين الأبرز في العالم في صناعة الاسمنت. وهي تملك أو تشارك في ملكية 76 مصنعاً في اليونان وبلغاريا وشرق الولاياتالمتحدة ومصر يصل مجموع انتاجها الى 11 مليون طن من الاسمنت و8،3 مليون متر مكعب من أخلاط البناء الجاهزة، بالاضافة إلى عشرة مقالع تنتج سنوياً 17 مليون طن علاوة على ست محطات تحميل واستيراد، اثنتان منها في مصر. وسجّلت المجموعة نمواً سريعاً منذ منتصف التسعينات مع ارتفاع العائد السنوي بمقدار 12 في المئة ليرتفع من 354 مليون يورو عام 1995 إلى 623 مليون يورو العام الماضي. كما زادت أرباحها الصافية خلال الفترة نفسها بمعدل يقارب 30 في المئة سنوياً، من 26 مليون يورو إلى 95 مليون يورو. وقال تاكيس، الذي يعتبر من الجيل الرابع من عائلة كانيلوبولوس التي أسست المجموعة الخاصة عام 1902: "قمنا بعمليات توسع عامودية في مجال نشاطنا الرئيسي أي الانتاج والتسويق. واستهدفت عمليات التوسع تحقيق نمو عضوي وفق قاعدة تنويع جغرافية ذات طابع دولي. وتندرج صفقات التملك التي قمنا بها في هذا المجال في اطار تدعيم موقعنا في سوق عالمية تحفل بامكانات نمو حقيقية". وتشمل عمليات التملك التي قامت بها "تايتان سيمنت" شراء 59 في المئة في شركة "رونوك" الأميركية، و98 في المئة من شركة "بليفنسكي" البلغارية، وتقاسم مشروع مشترك يملك 95 في المئة من شركة "فيروم" الأميركية أقامته "تايتان سيمنت" مع "هولدربنك" الألمانية التي تعتبر ثاني أكبر مجموعة في العالم في صناعة الاسمنت، وشراء شركة "ترمك" الأميركية العملاقة قبل شهور بسعر لا يتجاوز 309 ملايين دولار، "وهو سعر مناسب جداً إذ لا يتجاوز ستة أضعاف أرباح ترمك السنوية". ودخلت ""تايتان سيمنت" في شراكة في مصر، قبل عامين، مع "لافارج" الفرنسية، التي تعتبر أكبر مجموعة لصناعة الاسمنت في العالم، وحصل كل منهما على 50 في المئة من مشروع مشترك اشترى من الحكومة المصرية 95 في المئة من "شركة بني سويف للاسمنت" ضمن صفقة قدرها 150 مليون دولار. وأتاحت الصفقة ل"تايتان سيمنت" التي تصدر قرابة 800 ألف طن من الاسمنت إلى مصر تسوّقها عن طريق مركزي التوزيع في الاسكندريه وبني سويف، الاستفادة من مصنع بني سويف التابع ل"شركة بني سويف للاسمنت" والذي ينتج قرابة 4،1 مليون طن سنوياً. وقال تاكيس: "مصنع بني سويف ينتج 4،1 مليون طن من الاسمنت الرمادي. وتم انجازه عام 1994 وربحت مجموعة لافارج المناقصة العلنية التي قامت بها الحكومة المصرية لبيع المصنع، وقررت بعد ربحها المناقصة أنها بحاجة الى شريك لذا دخلنا معها في صفقة شراكة تمنح لكل منا 50 في المئة من المشروع المشترك". وأضاف: "مصنع بني سويف عصري وحديث ونحن مسرورون بتواجدنا بهذه القوة في السوق المصرية لأن فيها الكثير من النمو المتوقع في صناعة الاسمنت". واعتبر أن السوق المصرية واعدة للغاية وقال: "النمو السكاني في مصر يتميز بمعدلات عالية. وحجم مشاريع الأشغال العامة لمصر كبلدٍ نامٍ لم يبلغ بعد مستوياته في البلدان الصناعية لأن البلد غير متطور بعد في شكل واسع، وهناك الكثير الذي يمكن القيام به في المستقبل وبالتالي ستشهد مصر زيادة كبيرة في استهلاك الاسمنت". وتصل كمية انتاج مصانع الاسمنت في مصر الى 27 مليون طن. وكانت مصر تستورد كميات كبيرة في السنوات الماضية إلا أن خطط الحكومة لتوسيع الانتاج الوطني أدت الى استغناء تدرجي عن الواردات، في وقت بات فيه معدلا الانتاج والاستهلاك شبه متقاربين بسبب تراجع الطلب على الاسمنت نتيجة التباطؤ في الدورة الاقتصادية. وقال تاكيس: "نمو السكان يعني أن هناك مزيداً من الأشخاص ممن سيحتاجون الى مساكن جديدة لا بد من بنائها لهم. كما أن متوسط أعمار السكان متدنٍ في وقت يؤدي ارتفاع مستوى الخدمات الصحية في مصر وتطورها باستمرار الى إطالة مدة عيش الفرد، وهذا يعني أن هناك زيادة في عدد السكان بسبب الولادات وأيضاً بسبب تحسن المستوى المعيشي والاجتماعي، وبالتالي ستشتد الحاجة الى بناء مساكن إضافية". وتابع: "دخل السكان في مصر في تقدم وسيكون بوسع الناس نتيجة ذلك الحصول على مساكن أكثر من اليوم، وهذه جميعها تعتبر مؤشرات منطقية إلى ارتفاع الطلب على الاسمنت مستقبلاً". وأضاف: "عندما استثمرنا في مصر لم يكن هناك فائض في الطاقة الانتاجية في السوق، بل كانت مصر تستورد اسمنتاً، ومن المستحسن عموماً أن تكون في سوق لا ينتجون فيها أكثر من حاجتهم الى الاستهلاك". وقال تاكيس: "حتى لو زاد الانتاج مع بناء مزيد من المصانع التي سترى النور قريباً، إلا أن مصر تبقى سوقاً جيدة في المستقبل". ويقارب عدد موظفي مصنع بني سويف 800 موظف. وقال تاكيس: "كان العائد السنة الماضية في حدود 250 مليون جنيه نحو 70 مليون دولار. وننوي مضاعفة الانتاج إلى ثلاثة ملايين طن عام 2003. ونحن ننظر حالياً في عروض الآلات وخطوط الانتاج، أي أننا بدأنا بالفعل في تنفيذ مشروع التوسعة مع شريكنا لافارج". وتابع: "كنا نبيع أكثر من مليوني طن في مصر في السابق، إلا أن الاستهلاك هبط في مصر وكذلك سعر الطن من 55 دولاراً إلى 40 دولاراً، لذا نصدر اليها كميات أقل بكثير من السابق". وأشار إلى أن مجموعته تنظر باهتمام الى السوق المصرية وامكانات التوسع فيها. واعتبر أن الفرص المتاحة في مصر مرتهنة بمدى جاذبيتها للمستثمرين. وقال: "الحكومة المصرية تنوي بيع شركتين الى ثلاث من شركات انتاج الاسمنت. وهي الآن في مرحلة دعوة المستثمرين للتقدم، ويجب أن نرى من سيتقدم الى المناقصة". وذكر أن صادرات مجموعته الى العالم العربي محدودة. وقال: "كنا نصدر كثيراً إلى السعودية من قبل، إلا أن المملكة نجحت في بلوغ الاكتفاء الذاتي لا بل تحولت الى التصدير الآن". وتحتل "تايتان سيمنت" المرتبة الثانية في صناعة الاسمنت في اليونان بعد شركة "هيرقليس"، إلا أنها تفوقها حجماً إذا أُخذت ممتلكاتها عبر البحار في الاعتبار. وتغيرت الموازين في السوق اليونانية منذ اشترت "لافارج" أخيراً "هيرقليس" واتبعتها بامبراطوريتها الشاسعة لصناعة الاسمنت.