لعلّ ما اشتهرت به العارضة إيفا هرتزيغوفا ينمّ عن موهبة فائقة وقدرة كبيرة على تمثيل العطور وحمّالات الصدر بما توحيه لها. فهي ابتدأت عارضة "لانْجيري"، لدى "وانْدرْبرا" ثم "بريتي بولي"، تقدّم المعروضات المغرية بطبيعتها من دون أن تتقدّم عليها، مع أنها امرأة جذّابة، رشيقة القوام وصاحبة جسد فتّان. وقالت، في مقابلة مع مجلة "صنداي تلغراف" البريطانية إنها لم تشعر أبداً بأنها استُغلّت جنسياً أو بأنها كانت شبه عارية لمجرّد إبراز مفاتنها... إنما "كنتُ أشعر بمتعة العمل. وقد لفتُّ الأنظار". ومنذ عام 1998، تعمل إيفا "سفيرة" أو وجهاً ل"جيفنشي"، أي عارضة عطور. وأظهرت براعة في استخدام خطوط جسدها وتعابير وجهها المتفاوتة بين براءة خالصة ورصانة حازمة، ل"تجسيد" شيء لا يُرى، هو العطر. وتنتمي إيفا إلى جيل جديد من عارضات الأزياء، التي تبدّلت وظائفها الفنية وتطوّر اداؤها، منذ أن صارت الأزياء صناعة. جيل يتميّز بحضور قوي، يقترب، حيناً، من حضور الممثل المسرحي، ويتفوّق عليه، أحياناً، بجرأة البوح، من دون أن يطغى على الغرض أي على المعروض. فبعد أن كانت العارضة، المملوءة الجسم أو النحيلة، أشبه بهيكل بارد، مخفّف الملامح، يتنقّل لمجرّد عرض الزي، اتّجه المصمّمون نحو تفعيل عروض منتوجاتهم بشيء من الدرامية، تشحذ مخيّلة المشاهدين، وتشدّد على دلالة الزي وتوجّهه عملي، رسمي، صرعة، غرائبي.... فبات الزي وعارضته يشكّلان كلاً متكاملاً. ومن العروض، وخصوصاً عروض المجوهرات، ما وصل إلى درجة راقية جداً من الاتقان في تركيبته المشهدية تسلسل المَشاهِد، ديكور، إضاءة، صوت...، وكذلك في اداء العارضين. نشأت إيفا في مدينة ليتفينوف التشيكية القريبة من الحدود مع ألمانيا، غالبية سكّانها من عمّال المناجم. ولمّا بلغت السادسة عشرة، زارت العاصمة براغ، عام 1989، للاشتراك في مسابقة جمال. وهناك، بدأ كل مشوارها عندما "اصطادتها" إحدى وكالات عرض الأزياء وأوصلتها إلى باريس. وما لبثت أن احتلت أغلفة المجلات الفرنسية. وصارت كثيرة الأسفار، بحكم عملها، لا تستقر في مكان واحد، حتّى في عيشها، إذ تقطن نيويورك ولوس أنجليس معاً. ومع ذلك، لا تزال تحتفظ بالجنسية التشيكية، وتقرأ الجرائد التشيكية، وتتلقى أخباراً من أهلها، ولا يزال اصدقاؤها المفضلون من هناك. ولإيفا تجربة سينمائية، إذ مثّلت في فيلم فرنسي عنوانه "الملائكة الحارسون" الى جانب جيرار دوبارديو، والفيلم الكوميدي الإيطالي "صديقي المفضّل"، وكذلك في الفيلم الأميركي "حالياً فقط"، والذي اشترك في مهرجان نيويورك للأفلام. إلاّ أنها لا تحب عالم السينما حيث "لا تقدير فعلياً لعارضات الأزياء... أحببتُ التجربة كثيراً... لكنّي لم أحبّ كل ذلك التسلّط والنفوذ"، على حدّ ما قالت في مقابلة مع المجلّة المذكورة. ولا تُنكر إيفاً نفوذها في عالم الأزياء. إلاّ أنها تشعر بأنها لم يبقَ لديها وقت طويل في هذا المضمار، مع بلوغها سن السابعة والعشرين. وعلى رغم أنها لم تعد تشعر بالرضى في عملها، الذي بات مجرّد وظيفة، يصعب عليها كثيراً تركه، خصوصاً أنها وصلت إلى مستوى من الاحتراف يزيد من مشاغلها والتزاماتها، فلا تجد وقتاً لنفسها ولهواياتها. لذلك، نراها تستعدّ، منذ الآن، للمرحلة المقبلة من حياتها، قبل أن تترك عملها نهائياً. وهي تجد صعوبة في اختيار ما تريد فعله لاحقاً، لأنها ستبعد عن الأضواء وستحيد عن محور الاهتمام العام. في التسعينات، تزوّجت إيفا من تيكو توريس وهو عازف إيقاع في فرقة الروك "بون جوفي". وارتبط اسمها بالممثل ليوناردو دي كابريو. وإيفا، الآن، ليست وحيدة تماماً، إذ يشاع في الأوساط أنها مغرمة بغي أوسيري، مدير أعمال المغنية مادونا. وترى إيفا أن الموضة ثقافة تفضح الأسرار والخفايا. وعندما تعرض الأزياء، يكون همّها الوحيد شحذ مخيّلة المشاهدين وإغناءها.