هل عُرْفنا عرف واعٍ أسَسَهُ عُقلاء؟ أم أنه مستمد من عادات البداوة التي تقوم على الحمية، تلك الحمية التي لم تعد ركيزة المجتمع؟ ان الذين دافعوا في الأردن عن استمرار منح العذر المحل لمرتكب ما يسمى بجريمة الشرف غاب عنهم انهم بذلك يُقرون تناقضاً في قانونهم، أولاً مع طبيعته ومبادئه، وثانياً مع الشرع الاسلامي الذي يعتبر مصدراً أساسياً من مصادر القانون الأردني. وذلك للآتي: لو عدنا الى وصف الدافع لهذه الجريمة، وهو الشرف، لوجدناه يُبنى على مغالطة. فالقتل بدافع شريف يمكن أن يكون لمنع وقوع فعل منافٍ للشرف يوشك أن يحدث، أما عندما يقع القتل بعد انتهاء الفعل فهو قد جاء للانتقام. فالدافع لم يعد الشرف لأنه هتك بانتهاء الزنى بل الانتقام. ولو قلنا انه جاء من أجل منع تكرار مثل هذه الأفعال الزنى، نظراً لخطرها الاجتماعي، فالقانون الأردني صنف الزنى كجريمة معلقة على ادعاء المتضرر. فهو بذلك اعتبر الضرر فردياً وليس اجتماعياً. ولو قلنا ان المتضرر قد نفذ القصاص ليكون وجهاً من أوجه العدالة، تحقيقاً لمبدأ مشروعية الجريمة والعقاب الذي تؤسس عليه كل أحكام قانون العقوبات، نكون قد انتهكنا العدالة في موضوع آخر وذلك بجعلنا المتضرر، وهو طرف في المنازعة حكماً. والقاعدة تقول المتهم بريء حتى تثبت ادانته، أي لا بد من الاستماع لدفوعه، وهي قاعدة أصلها في الشرع الاسلامي لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "ادرأوا الحدود بالشبهات". كما ان المشرع، بمنعه العقوبة عن مرتكب هذه الجريمة، يكون قد أوكل أمره لشخص عادي غير اعتباري لا يحمل مؤهلات تكفي ليكون قراره بإهدار حياة شخص آخر صحيحاً. بل هو شخص أفقده الغضب القدرة على المواجهة، فهرب منها بما يعبر عنه بقولهم: غسل عاره بيده، هذا لو سلمنا بأنه ليس متورطاً. كما ان الاسلام سمى جريمة الزنى بحد الله، ولم يعتبر ضررها فردياً. ومن له حق تنفيذ الحكم هو الإمام الدولة، كونه السلطة التي تحكم باسم الشرع الإلهي. أي اننا نقضنا الشريعة. عمّان - حسام مطلق