سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رسالة الفصح تضمنت المواقف نفسها ... ولكن بلهجة هادئة معتدلة . صفير يطالب بتطبيق الطائف لأن لبنان "الى الهاوية": نتضامن مع الجولان ولا سلام من دون دولة فلسطينية
ضمن البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير رسالة الفصح التي وجهها أمس، المواقف نفسها التي نادى بها منذ بيان مجلس المطارنة في أيلول سبتمبر الماضي، وأثارت مذ ذاك سجالات لما تنته، خصوصاً في ما يتعلق بانسحاب الجيش السوري من لبنان، أو بإعادة انتشاره، وفق ما نص عليه اتفاق الطائف، واستعادة السيادة والقرار الحر. لكن لهجة الرسالة كانت هادئة، ووصفت بالمعتدلة، ما ينسجم مع المسعى القائم الى تغليب لغة التهدئة على جو التشنج الذي ساد أخيراً. فقد تمنى صفير للبنان أن ينتصر وينهض "في غمرة القلق الذي يساورنا جميعاً". وأضاف: "ان ما دفعنا الى المناداة بتطبيق اتفاق الطائف رؤيتنا بلدنا يسير يوماً بعد يوم الى الهاوية. ولا حاجة الى تعداد مظاهر هذا التدهور، وأبرزها الضائقة المعيشية الناتجة عن الأزمة الاقتصادية، التي حملت الكثير من الشبان على الهجرة، وهم الذين يعوّل الوطن على ما لهم من طاقات علمية وفكرية للعمل على انهاضه وازدهاره، وما من أحد يجهل ان الوضع الاقتصادي مرتبط الى حد بعيد بالوضع السياسي". وتابع: "عندما نطالب باستعادة الاستقلال والسيادة والقرار، لا نطلق كلاماً أجوف. اننا نعني تأمين مصالح الشعب اللبناني بأسره، أي حماية اليد العاملة والانتاج الزراعي والصناعي ووقف المضاربات غير المشروعة واستباحة الحدود، ووضع حد للتدخل في شؤون الادارة والتوظيف. فضلاً عن شؤون الحكم من تشريع وقضاء والتزام مشاريع وصفقات مشبوهة، فيعرف المسؤولون انهم مسؤولون امام الشعب اللبناني وليس أمام سواه من المراجع. وللشعب اللبناني وحده أن يحاسب المسؤولين ليؤيدهم أو ليخذلهم، ويبعدهم عن مواطن المسؤولية، أو يقرّهم فيها، ولا غرابة اذا رأينا بعضاً من بينهم يستميت في الدفاع عن الوضع القائم، لأنه يدافع في الحقيقة عن مصالحه الشخصية على حساب المصلحة العامة، وليس عن المراجع التي هو مدين لها بما هو فيه. وكل هذا لن يتحقق من دون استقلال وسيادة وقرار حر". وزاد صفير: "أعلنا غير مرة ان مصلحة لبنان تقضي بأن يكون على أوثق علاقة مع جارته الأقرب اليه، وهي سورية، على شرط أن يقوم بين الدولتين تنسيق وانسجام والتزام المواثيق في صدق، ومحبة خالصة، هي محبة الشقيق الذي يريد من الخير لشقيقه ما يريده لنفسه. ومن هذه المواثيق اتفاق الطائف الذي قال بوجوب اعادة تمركز الجيش السوري بعد مرور سنتين على توقيعه، ولم تكن من الأخوّة في شيء المطالبة بتطبيق هذا البند ما دامت اسرائيل تحتل الجنوب اللبناني، أما وقد أجبرت هذه على الانسحاب، وان بقيت هناك معوقات، كمزارع شبعا، أفلا يجوز التذكير بما نص عليه الطائف الذي لم يطبّق حتى الآن إلا انتقائياً؟ أفليس من الواجب لفت النظر الى الوضع المزري الذي وصل اليه لبنان، وهو وضع سينعكس حتماً على شقيقته سورية؟ وأما التشنج الذي لا مبرر له ولا مكان بين البلدين فلن يحل المشكلة، خصوصاً ان بينهما قضايا كثيرة مشتركة". وأعلن "ان لبنان لا يمكنه ان يعيش بعيداً من هموم أبناء بلدان منطقته، ومن واجبه أن يتفاعل معها، مثلما ان من واجبها ان تتفاعل معه، وهو إذ يفكر بمصير أبناء الجنوب وما يقاسون من عذاب يجب وضع حد له في أسرع وقت، لا يمكنه إلا أن يتألم مع الشعب الفلسطيني الذي يشيّع كل يوم غير واحد من أبنائه الذين يقعون ضحايا الظلم والعدوان، ويُمنع ظلماً من إقامة دولة له من دون قيامها لا يبدو أن هناك سلاماً عادلاً شاملاً طويل الأمد سيكون". وختم "ان ما نحمله من هموم المنطقة، وهي هموم مشتركة، كقضية استعادة الجولان، يحفزنا على أن نتضامن خصوصاً مع سورية، وأن نقف صفاً واحداً واليد باليد بعيداً من طائفية ومذهبية لنظهر لبنان، لا بلداً مشرذماً، غير قادر على تسيير أموره بذاته، وبالتالي غير قابل للحياة، بل بلد موحد قادر على النهوض ليأخذ دوره التقليدي في مجموعة الأمم". الى ذلك، استشهد بطريرك الأرمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر بكلام البابا يوحنا بولس الثاني على أن "الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان هو المدخل الى السلام"، مركزاً على الحوار بين المسيحيين والمسلمين في لبنان. ودعا الى "الكلام الهادئ العاقل الرزين المسؤول الذي يؤمن بالاعتراف بالآخرين والاحترام المتبادل بين الأطراف، الحوار الصادق الصريح الذي سيوصلنا الى التفاهم والتعاون من أجل نهضة لبنان، الحوار الحر المتجرد من كل أنانية شخصية أو جماعية للوصول الى الوفاق الوطني والعيش المشترك، إذ في الحوار فقط يكمن خلاص لبنان ومستقبله المزدهر". وكانت الطوائف المسيحية أحيت أمس الجمعة العظيمة في مختلف المناطق. وفي مرجعيون قال مطران صيدا وصور ومرجعيون للروم الارثوذكس المطران الياس الكفوري: "نحتفل اليوم بعد تحررنا من الاحتلال الاسرائيلي ونفرح بعودة الحرية الى المنطقة"، مشدداً على "ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين الطوائف، لأنه يمنع التشرذم والانقسام". ودعا الى "بداية مسيرة جديدة نحو التعالي عن الصغائر وعدم التلهي بأمور جانبية". ودعا راعي ابرشية عكار للروم الارثوذكس المطران بولس بندلي الى "المحبة والسلام بين كل أبناء الوطن"، مناشداً الحكام كذلك "العمل الصالح لخير لبنان كي يتحقق السلام الحقيقي".