قرر البنك الدولي دعم المغرب في مجال محاربة الفقر وتحسين معيشة سكان الارياف وهوامش المدن عبر تقديم قروض ميسرة الى وكالة التنمية الاجتماعية التي عقدت اجتماعها التأسيسي الاسبوع الماضي برئاسة رئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي. وكان وفد من المؤسسة في واشنطن برئاسة مدير فرع شمال افريقيا كريستيان ديلفوا زار المغرب الشهر الماضي وتفقد بعض المناطق الفقيرة التي سيشملها الدعم. ولم تكشف المصادر عن حجم الدعم الذي ينوي البنك الدولي منحه للمغرب، لكنها اشارت الى ان اتصالات تجرى كذلك مع البنك الدولي الاوروبي للاستثمار ومؤسسات مالية دولية اخرى لتحصيل موارد كافية لاطلاق البرنامج، الذي يهدف على المدى المتوسط الى تقليص الفقر الى النصف وتوفير فرص عمل للفئات الاقل تأهيلاً عبر مدّها بقروض لإنشاء مشاريع خاصة. وتعتزم الوكالة اطلاق عملها سنة 2002 بهدف تقليص معدلات الفقر عبر اشراك مؤسسات من المجتمع المدني وجمعيات القروض الصغيرة. وينص قانونها الذي صادق عليه البرلمان عام 1999 على تمويل مشاريع صغيرة موفّرة للعمل خصوصاً في اوساط النساء والفتيات القرويات وحماية البيئة ومحاربة الأمية عبر انشطة ثقافية ورياضية. وحسب المصادر نفسها يعتزم المغرب تحويل قروض البنك الدولي الى المجالات الاجتماعية والاكتفاء بتمويلات الصناديق العربية والدولية في مجال البنى التحتية، واشراك القطاع الخاص في تلك المشاريع باعتبار ان الفقر بات يهدد فئات عدة من المجتمع بسبب التحولات الاقتصادية الدولية وفقدان مناصب العمل وتعاقب سنوات الجفاف. ويشكل الفقر برأي المحللين احد مخاطر عدم الاستقرار في المغرب على المدى البعيد. وجاء في تقرير اعدته وزارة الاحصاء ان عدد الفقراء في المغرب ارتفع الى 5.5 مليون شخص عام 2000 وباتت النسبة تمثل 20 في المئة من مجموع السكان وهي من اعلى النسب في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وكانت النسبة تقدر بنحو 13 في المئة عام 1991 ولم يتجاوز الفقراء سقف 10 في المئة من مجموع السكان عام 1983 تاريخ اطلاق برنامج التقويم الهيكلي مع صندوق النقد الدولي. ويخسر المغرب حالياً نحو 100 الف فرصة عمل سنوياً بسبب المنافسة التجارية غير المتكافئة العولمة مع الاتحاد الاوروبي. وبلغت النسبة 80 ألف فرصة في قطاع النسيج وصناعة الملابس والصناعة الغذائية التي تعتبر من اكثر مجالات توفير فرص العمل للنساء والاشخاص متوسطي التعليم. وذكر التقرير ان ارتفاع اعداد الفقراء ارتبط بفترة الجفاف التي عاشها المغرب بشكل منقطع طيلة العقد الماضي وشملت خصوصاً سكان الارياف الذين تضررت مداخيلهم جراء تقلص الانتاج الزراعي، كما تضررت وضعية العمال وصغار موظفي القطاع العام بفعل الانفتاح الاقتصادي وتجميد الاجور. وعلى العكس من ذلك تحسنت وضعية فئات كبار الموظفين واصحاب المهن الحرة ورؤساء الشركات بمعدل سنوي بلغ اربعة في المئة في المتوسط. واعتبر التقرير ان وضعية العائلات التي تعتمد على الراتب الشهري او ايرادات التقاعد او المساعدات الاسرية تراجعت ب70 في المئة سنوياً وبلغت النسبة -4 في المئة سنوياً لدى المزارعين والعمال ومستخدمي المكاتب العمومية وصغار التجار والحرفيين والعائلات التي لها مصدر دخل وحيد. واشار التقرير كذلك الى ان 20 في المئة من الفئات الاكثر حظاً في المجتمع استفادت من التحولات الاجتماعية والاقتصادية على امتداد العقد الماضي، وزادت معدلات الاستهلاك لديها بواقع 1.5 في المئة سنوياً مقابل تراجع نسبة 1.7 في المئة للفئات الاقل حظاً. ولاحظ التقرير وجود علاقة بين مستوى التعليم والوضع الاجتماعي حيث ينتشر الفقر بصورة خاصة في الأوساط الأقل تأهيلاً والاكثر عدداً للاطفال وبعداً من الحواضر والمدن الكبرى. ويتمركز الفقر خصوصاً لدى الأسر التي ترأسها النساء أرامل ومطلقات وتبلغ النسبة 43 في المئة من مجموع الفقراء في المدن و72 في المئة في الأرياف. ولاحظ التقرير انه في عام 1999 بلغ عدد العاطلين الشباب في المدن نحو 1.5 مليون شخص من أصل عشرة ملايين نشيط. وزاد توسع البطالة بتراجع دور الدولة في مجال التوظيف في القطاع العام في وقت يعجز فيه الاقتصاد المحلي عن توفير فرص عمل كافية لنحو 300 ألف شخص يدخلون سوق العمل سنوياً وغالبيتهم من خريجي الجامعات والمعاهد العليا الذين يخوضون اعتصامات واضرابات عن الطعام للتعريف بأوضاعهم الصعبة. وكانت بطالة الشباب انتقلت في المدن من 25 الى 29 في المئة، وبلغت النسبة في البوادي 38 في المئة. وساهم اغلاق الحدود الأوروبية وتطبيق معاهدة شنغن في تأزيم وضعية العمل في المغرب بعدما اصبحت دول الاتحاد الأوروبي تفضل عمال أوروبا الشرقية على نظرائهم من شمال افريقيا. وقضى نحو 500 شاب مغربي غرقاً العام الماضي اثناء محاولتهم عبور مضيق جبل طارق بقوارب مطاط. وكان الاتحاد الأوروبي قبل عام 1992 يستقبل 60 الى 80 ألفاً من المهاجرين المغاربة سنوياً، وتشكل تحويلات 2.5 مليون مهاجر في أوروبا أهم مصادر المغرب من العملة الصعبة بليوني دولار ويعيش عليها 15 في المئة من السكان.