التقى وزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية الشيخ محمد الصباح نظيره الفرنسي هوبير فيدرين في مبنى الخارجية الفرنسية، وسلمه رسالة من أمير الكويت الى الرئيس جاك شيراك تناولت نتائج القمة العربية في عمان. وقال الشيخ محمد الصباح في حديث الى "الحياة" ان القمة كشفت نوايا النظام العراقي الذي يرفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والاعتراف بأمن وسيادة الكويت. ووصف وضع الشعب العراقي بأن "عصابة خطفته وترفض رفع المعاناة عنه". وأعرب عن اختلافه بالرأي مع الجانب الفرنسي حول منطقتي الحظر الجوي جنوب وشمال العراق، وقال ان قرارات الأممالمتحدة رقم 687 و688 و949 تنص على ذلك. ورحب بسياسة الدول العربية التي تسعى الى التخفيف من معاناة العراقيين ورأى ان "الطريقة الأمثل لدعم المعارضة العراقية تقضي بدعم الشعب العراقي والتخفيف من معاناته لكي ينتعش لأنه كالمسجون في سجن كبير ومظلم"، متمنياً ان "تكسر أبواب هذا السجن". قال وزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية الشيخ محمد الصباح عن الرسالة الموجهة من أمير الكويت الى شيراك "انها ركزت على التشاور في نتائج قمة عمان والقراءة الكويتية لها، والسعي الى معرفة انطباعات اصدقاؤنا في باريس وقراءتهم نتائج القمة". وأضاف ان "قمة عمان كشفت عن ثلاث نوايا لبغداد، هي ان الجانب العراقي يرفض أي ذكر لمجلس الأمن وأي عودة الى الأممالمتحدة ويرفض تنفيذ القرارات الدولية". وأوضح انه بالنسبة الى موضوع الأسرى الكويتيين، فإن العراق يرفض تنفيذ القرارات، مبرراً ذلك بأن "هناك قضايا ثانوية بين الكويتوالعراق، فلديهم مفقودون ولدينا مفقودون". وأضاف ان العراقيين طالبوا بأن "نجلس في غرفة واحدة ونحل هذه المشاكل بعيداً عن مجلس الأمن". وتابع انه في اللحظات الأخيرة من القمة "اجتمع سبعة ملوك ورؤساء عرب مع رئيس الوفد العراقي، قبيل الجلسة الختامية، وطلبوا منه القبول بالصيغة التوافقية، فرد رئيس الوفد بقوله: اوافق عليها شرط ان تشطبوا جملة تدعو العراق الى الالتزام بأمن وسيادة الكويت". وأشار الى أن هذا الموقف جاء بمثابة "صدمة فبعد مرور 10 سنوات، ما زال العراق يرفض الالتزام بأمن وسيادة الكويت، مما اثار استهجان واستنكار الدول العربية". وقال انه أصبح معروفاً خلال قمة عمان ان العراق "لا يريد رفع المعاناة عن شعبه ولا رفع العقوبات عنه"، وأن هذا ما عبر عنه بعض الرؤساء العرب بقوله ان "النظام مرتاح الى وضعه، فأي تغيير في هذا الوضع يؤدي الى ديناميكية تخرج الأمور عن نطاق التحكم المقبول". وعن سبب عدم رفع العقوبات الدولية عن العراق طالما ان ذلك ضد مصلحة النظام، قال الشيخ محمد ان "الصيغة التي طرحت في قمة عمان حظيت بموافقة 18 دولة عربية، وتدعو الى رفع العقوبات، لكنها رفضت من الجانب العراقي، مما أدى الى استنكار الدول العربية، وذكر ذلك كل من الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز". وأضاف ان العراق "يحاول تحميل الجميع مسؤولية الفشل في التوصل الى صيغة توافقية في حين انه هو الذي رفضها وقبلت بها كل الدول العربية". وعن سياسة فرنسا تجاه العراق وموقف الكويت منها قال ان المعارضة الفرنسية لمساعي قلب النظام العراقي مفهومة "فنحن أيضاً لا نريد التدخل في الشأن العراقي الداخلي، فهذه ليست قضية الكويت، والشعب العراقي هو المعني بها، والمعارضة العراقية بالنسبة إلينا هي الشعب". أما عن معارضة فرنسا فرض منطقتي الحظر الجوي، فقال ان لذلك "أساساً شرعياً وقانونياً يستند الى ثلاث ركائز، الأولى هي اتفاق وقف النار بين العراق والمجتمع الدولي، الذي تم في صفوان". وأوضح ان هذا الاتفاق ينص على انه "لا وجود للسيادة العراقية على الأجواء الواقعة جنوب خط الحظر، والعراق وافق على ذلك، وأعيد ذكر مضمون الاتفاق في القرار رقم 687 واكتسب بذلك شرعية دولية، وأيضاً في القرار 688، الذي يتناول حظر الطيران في الشمال والجنوب". وأضاف ان الطائرات الفرنسية شاركت حتى وقت غير بعيد في مراقبة المنطقتين الى جانب الطيران الأميركي والبريطاني. وتابع ان الأساس الثالث لفرض منطقتي الحظر هو القرار رقم 949 الصادر عن مجلس الأمن ويمنع العراق من تعزيز قواته جنوب خط العرض 33 ويمنعه من تهديد جيرانه. وأشار الى ان هذه الركائز الثلاث "تشكل الأرضية الشرعية لحماية الكويت من أي تهور عراقي، خصوصاً ان بغداد مستمرة في اطلاق التهديدات، فيما يقول طه ياسين رمضان ان 99 في المئة من الشعب العراقي يؤيدون مواقف النظام". وعن تطبيع بعض الدول العربية الذي شارك في تحرير الكويت علاقاته مع العراق، مثل مصر وسورية ولبنان، واستئناف الضخ عبر الأنبوب النفطي العراقي - السوري، قال الوزير الكويتي "نحن سعداء لرؤية برنامج النفط للغذاء يتم عبره توفير المواد الانسانية والأولية من اشقائنا العرب الى الشعب العراقي". وقال ان الجانب الكويتي سمع "وجهة نظر الرئيس السوري بشأن أنبوب النفط، ونحن نصدق الاخوان في سورية بأنها تجربة لقد اعطونا كلمة وليس لدينا أي شك في موقفهم". وبالنسبة الى الدول العربية الأخرى قال: "نحن نرحب بأن تزود العراق بالمواد الانسانية، وهي ليست وحدها فهناك أيضاً المملكة العربية السعودية ودولة الامارات، ونحن نشجع هذا، طالما ان الشعب العراقي يدرك ان الأشقاء العرب يريدون مساعدته، ولن يكون ذلك رسالة سعيدة للنظام الذي يريد أن يظهر للداخل ان الدول العربية ضده وهذا غير صحيح". وعما اذا كانت قمة عمان حققت ما كانت تريده الكويت، قال ان "القضية الأولى في أذهاننا خلال القمة كانت القضية الفلسطينية والانتفاضة. فمعاناة الأشقاء في فلسطين لها في الكويت حساسية خاصة، فنحن الشعب العربي الوحيد بعد الفلسطينيين الذي يدرك قساوة احتلال النظام الفاشي، وكنا قبل 10 سنوات خاضعين للاحتلال، وعندما نتحدث عن رغبة كويتية بمساعدة الفلسطينيين فهذه ليست مزايدة، بلا حقيقة". وقال ان العراق بتصرفه خلال القمة "جعل كل الأنظار تتجه الى الوضع بينه وبين الكويت، اذ انه ألح على المطالبة بمناقشة القضية العراقية". وأكد انه عندما اقترح العراق التبرع ببليون يورو للشعب الفلسطيني، فإن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قال انه بدلاً من "ان نضع في البيان الختامي عبارة يطالب القادة العرب مجلس الأمن، يجب أن نبدأ البيان بعبارة، يرحب القادة العرب بالتبرع العراقي، مما يظهر ان الموقف الخليجي كان شديد التجاوب وكلنا أيدنا توجه العراق لمساعدة الفلسطينيين وهذا كان نجاحاً للقمة مع ان العراق حاول أن يفجرها". وبالنسبة الى اجتماع حفر الباطن في السعودية وهل تم التطرق خلاله لقضية العراق، قال ان "العراقيين يرون تحت كل حجر مؤامرة، فهم يعيشون في هذا الجو وأنا لا ألومهم، لأن من يحيك المؤامرات باستمرار يعيش في هاجسها. فدعوة الأمير سلطان الى حفر الباطن سنوية، وكان رأى اخوانه في الأردن ودعاهم الى حفر الباطن لأن الربيع موسم جيد للصيد. ولكن النظام العراقي يعيش في كوابيس". وعما إذا كانت الشركات النفطية ومنها الفرنسية ستحظى بالدخول في عمليات تطوير حقول نفطية كويتية تعتزم الكويت فتحها أمام الشركات الأجنبية، وما إذا كان مثل هذا الانفتاح سيتحقق ام ان الخلافات ما زالت كبيرة حوله، قال الصباح "هناك موقف للحكومة، وهناك في البرلمان مراجعة للعقود، وقد تم الاتفاق على ألا تقدم الحكومة على أي اتفاق الا بعد العودة الى البرلمان. وهذا الموضوع سيعاد بحثه مجدداً والحكومة ما زالت على رأيها انه موضوع مهم".