وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    شمعة مضيئة في تاريخ التعليم السعودي    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طوكيو - يوكوهاما - كيوتو - هيروشيما . اليابان بلاد العجائب : تهذيب وفعالية وركض جماعي سريع
نشر في الحياة يوم 01 - 04 - 2001

صمت طوكيو في ساعات الفجر لا يقطعه الا نعيق الغربان. اعداد كبيرة من هذه الطيور السوداء تقاسم أهل المدينة حياتهم. الاستيقاظ على نعيقها في الليل مزعج للغرباء. لكن اهل طوكيو يعلمون أن هذه الغربان تحمي الشوارع ومحطات المترو من آفات لا تحصى: الجرذان، الحشرات، الزواحف الخ... تأتي الغربان الى المدينة لأن المدينة هادئة. يبدو هذا غريباً جداً، في مدينة هي الاكثف سكاناً على سطح الأرض، 12مليون نسمة، لكنه حقيقي. طوكيو مدينة هادئة. القاعد في غرفته خلف واجهة زجاجية لا يسمع للمدينة صوتاً. سكة المترو - والشوارع العريضة - محصنة بجدران معدنية تمنع التلوث الصوتي. الأشجار الصغيرة، والنبات الذي يعربش على الحيطان، يمنع انتشار السخام في الهواء. هذا جانب من الصورة. الجانب الآخر ليس جميلاً. في مجتمع استهلاكي متطور كاليابان يترافق التطور مع ازياد مطرد في انتاج النفايات، تعاني طوكيو هذه المشكلة. وتعمل الحكومات المتلاحقة على حلها. لكن النهاية ما زالت تنتظر وقتها. وحتى ذلك الحين تبقى النفايات مصدراً جاذباً للغربان في هجرتها من الجبال المحيطة.
أقصى الشرق
نحسب، نحن والغربيون، ان اليابان تقع في نهاية العالم. دليلنا الى ذلك خريطة مدرسية ترافقنا منذ الصغر. اليابان في أقصى الشرق. العالم القديم في الوسط. والقارة الاميركية في الغرب. في اليابان خريطة اخرى للعالم. الخرائط المنتشرة في اليابان تنقل القارة الأميركية الى الشرق. تنظر الى كرة الكوكب من الجانب الآخر. وتجعل اليابان في مركز العالم. في أحد معامل "نيسان" في يوكوهاما خريطة مشابهة تظهر معاملها المنتشرة- في شراكة مع رينو الفرنسية - في انحاء العالم. تنتج نيسان في هذا المعمل فقط 1300 سيارة في اليوم. أي سيارة كل دقيقة ونصف تقريباً. وتملك مرفأ خاصاً بها. السفن تحمل البضاعة الى العالم. السفينة الى السواحل الأميركية تحمل خمسة آلاف سيارة وتبلغ وجهتها في 12 يوماً. السفينة الى أوروبا تحتاج أربعة أسابيع. بحر من السيارات المرصوفة في رصيف واسع كملعب كرة قدم، وسفينة مفتوحة البطن تنتظر السائق الماهر الذي يقود البضاعة الى قلبها. من يصدق ان سيارة كاملة - السيارة اليابانية في أي عاصمة عربية - صنعت من الألف الى الياء خلال دقيقة ونصف فقط. زيارة قصيرة الى المصنع تكفي لاقناعنا. آلات اللحام الضخمة. الأذرع الآلية. وكل شيء مبرمج. أضغط زراً واحداً خطأ وسوف تجد في الأسواق بعد أيام سيارات لا تفتح أبوابها.
لكن اليد العاملة البشرية موجودة هنا أيضاً. شبان يبدون دون الثامنة عشرة، وتقول الشركة انهم ليسوا كذلك، يعملون كالساعة. مذهل ان تشاهد خفتهم ومهارتهم وقدرتهم على التركيز. السيارة تتحرك وهم يتحركون على منصة حديدي والعدة تتحرك معهم. يركبون الأبواب في الهيكل، أو يرفعون المحرك، وفي أقل من ربع دقيقة ينهون مهمة معقدة تستغرق في خيالنا ساعة كاملة. الشعراء اليابانيون القدامى وجدوا استحالة أو شبه استحالة في وصف الطبيعة كما هي. كلمة شجرة أو شجرة كرز مزهرة لا تنقل للقارئ صورة الشجرة في تمامها الباهر. الأمر ذاته يخطر للمشاهد وهو يتفرج على الشبان اليابانيين في معامل نيسان. مدهش. الفعالية اليابانية.
مترو طوكيو لا يشبه غيره في العالم. المقاعد النظيفة والحشيات الجديدة والقماش المحتفظ بلونه. كأن قطاراتهم خارجة من الشركة للتو. يتصرف اليابانيون كجسم موحد. يحترمون قانوناً خفياً ينظم شؤونهم. ويمارسون تهذيباً يومياً لا يضاهى. يعملون من الصباح الى الليل. الدوام ينتهي عادة في الخامسة عصراً لكن أحداً لا يغادر عمله في الخامسة. يعملون بعد الدوام الى التاسعة أو العاشرة ليلاً. نوافذ الشركات تبقى مضاءة، وعند التاسعة، بينما بعض المتاجر والمكتبات يغلق أبوابه، ترى الموظفين في الطوابق العليا يعملون في النور الأبيض المؤطر بالنوافذ. كأنهم شخصيات خيالية على شاشات سينما.
عمال نيسان الشباب لا يعملون أكثر من 8 ساعات. وكل ساعتين يرتاحون قليلاً. ذلك ان الشركة تريد الاستفادة من يومها كاملاً. ولهذا يجري تشغيل دفعتين من العمال. دفعة للنهار ودفعة لليل. وبغية المحافظة على اللياقة البدنية، وتنمية الشعور الجماعي، يبدأ نهار العمل بتمارين رياضية وحركات سويدية على أنغام الموسيقى. الكثير من هؤلاء الشبان يجني نحو ألفي دولار شهرياً. وهذا ليس بالمبلغ الكبير في طوكيو. لهذا تراهم يعملون في مهن أخرى. أو يتابعون دراسة ليلية في احد المعاهد.
الوضع الاجتماعي للساكن في طوكيو يقاس بمساحة شقته. شقة مساحتها 50 متراً مربعاً تدل على حال متوسطة الى أفضل من متوسطة. الايجار باهظ. ومعظم الفتيات العاملات يفضلن البقاء في بيت العائلة بانتظار ادخار مبلغ مناسب للانتقال. ميوكو التي تعزف الغيتار واقفة امام محطة شيناغاوا للمترو تقول انها تعمل ولكنها تريد ان تتوقف عن العمل. تعمل في مطعم، وتعمل في شركة الهاتف. دوامان جزئيان. وهي الآن تعزف، واقفة في كنزة خضراء وبنطلون جينز كحلي وحذاء رياضي أبيض، وتقول أنها تجني أكثر من هذا العمل. النقود ترن حين تسقط في بيت الغيتار.
موسيقى في اليابان. ماري مارسو قدمت من مونتريال الكندية، تقف في محطة جينزا وتعزف على الناي الخشبي موسيقى كلاسيكية. تشبه امرأة من القرون الوسطى في ثوبها النبيذي السميك ووجهها الشمعي الأبيض. تبيع C.D سجلت عليه موسيقاها ونالت عليه جائزة في كندا، عشرة آلاف دولار. عنوان ال C.D الذي تبيعه بألفي ين كل 120 يناً تساوي دولاراً أميركياً يشبه سيرة حياتها vagabondage. تقول انها تحب هذه الحياة. لكن كيف تعيش في مدينة مثل طوكيو، هل تملك مالاً يكفيها؟
ماري مارسو كندية محظوظة في طوكيو. انها هنا منذ شهرين وهي تجني في كل ليلة نحو 60 الف ين. هذا يعني ان مدخولها الشهري يقارب ال15 الف دولار. ودوامها من السابعة مساء الى منتصف الليل فقط. ساعة توقف المترو عن العمل، عن الزحف كالثعبان سريعاً تحت طوكيو، تجمع ماري مارسو أغراضها وتمضي الى الفندق القريب حيث تقطن.
الكهرباء في طوكيو 100 فولت. وهذا يفسر ثبات شعاع مصابيحها. في الليل لا توج الأضواء أو ترتجف، مهما بعدت في مسافتها عن الناظر. أنوار ثابتة جميلة. البنايات بالأضواء الحمراء عليها تشبه شجرة العيد. طوكيو كلها شجرة عيد في الليل. ثمة أنوار حمراء صغيرة منتشرة على البنايات تشتعل ثم تنطفئ ثم تشتعل. بثبات. في الطابق التاسع والثلاثين، أعلى "أوتيل شيناغاوا برنس"، مطعم دائري بواجهات زجاجية تطل على المدينة. الشوارع انهار من الأضواء. وبرج طوكيو الذي بني على مثال برج ايفل يتوهج بأنوار صفراء لا تحصى. اليابانيون يذهبون من العمل مباشرة الى المطاعم. هذه حفلتهم الأولى كل ليلة. والحفلة الثانية هي المشارب. مكان مثل هذا. هنا، فوق بحر الأضواء، يمتزج الكحول بدمهم سريعاً. الأضواء الحمراء على المباني ليست للزينة. انها تعني ان أدوات رصد السير، وحركة السيارات في الشوارع، تعمل. هذه الرادارات ترسل اشارات الى التصالبات ومداخل الجسور. بهذه الطريقة يعرف قائد السيارة أين يتوجه للهرب من الزحمة. يكفي ان ينظر الى السهم الكهربائي المعلق على الجسر. اللون الأحمر يشير الى الزحمة الشديدة. البرتقالي الى زحمة أخف. وهكذا. زينة وفعالية يابانية في آن معاً. كثير من العربات مزود ب GPS. جهاز يرتبط بأقمار اصطناعية ويحدد مكان السيارة في المدينة، وعدد السيارات الأخرى حولها، ومكانها بالضبط.
البعض يختار نوعاً آخر من المشارب. الكاريوكي لفظ مركب يعني الأوركسترا الفارغة. هنا يستطيع الواحد ان يشرب وأن يغني. تطلب أغنية فتظهر على التلفزيون المزود بجهاز فيديو. ومع الأغنية الفيديو كليب تظهر كلمات الأغنية. طالب الأغنية يُعطى الميكروفون ويشارك الفيديو في الغناء.
الرجال، كما النساء، يأتون الى هنا للشرب والغناء. لا يتخلون عن اللياقة والتهذيب. الانحناء دوماً وكلمات التبجيل. لكن في لحظة يفلتون العقال. الاتزان يهوي. ويقفز رجل على الكنبة أو الطاولة ويبدأ بالصراخ. معظم الأغاني يتحدث عن الموضوع ذاته: تأتي لحظة في حياتنا وننظر الى الخلف ونتساءل ماذا أنجزنا. الأغاني غربية ويابانية. يحبون البيتلز كثيراً.
لا بد من ربط الصورتين: صورة الياباني في البذلة الفخمة السوداء وربطة العنق والقميص الأبيض والحذاء اللامع، يقفز على كنبة وهو يغني صارخاً، مع صورة الياباني العامل في "نيسان" أو الواقف الى طاولة يرسم التصاميم حتى العاشرة ليلاً في النافذة المضاءة. هذا هو ذاك. اللحظة تختلف لكن شخصاً واحداً يعيش اللحظتين. وفي نصف الليل، أو بعد ذلك، يُسرب الى البيت. لكن قبل المغادرة، وعلى رغم حالته، يتذكر من يكون، فينحني مودعاً رفاقه، وينحنون. اكتمل المشهد، عالم كأنه على كوكب آخر.
اليابانيون يقولون انهم لا يفهمون أولادهم. لا يفهمون هذا الجيل الجديد. التسمية الدراجة في وصف هذا الجيل تكفي للدلالة على الهوة الفاصلة بين عالمين. يسمي اليابانيون الجيل الجديد بالجنس البشري الجديد!
نساء عاملات كثيرات يفكرن في الانجاب من دون زواج. وهذا مسموح في اليابان. لكن الأمر أعمق. الثقافة الأميركية تغزو اليابان. لم يبدأ هذا مع العولمة. وانما قبل زمن بعيد. منذ الاحتلال الأميركي للبلاد. اثر هزيمة الحرب العالمية الثانية. لكن ما يحدث الآن هو تكريس الغزو بفضل الانترنت.
في اليابان قطيع الكتروني هائل يجتاح بورصات العالم. هناك مجموعات من الشبان حققت ثروات ضخمة وابتاعت بيوتاً في طوكيو. كل شيء ممكن في أرض الفرص. الدعاية الأميركية موجودة في الافلام كما في المجلات والكتب. وأرض الفرص هي العالم كله مسجوناً في شاشة. "مخازن ستديو وارنر بروس" في شارع جينزا في طوكيو تبيع نماذج من ثياب الممثلين في هوليوود ودمى لشخصيات الرسوم المتحركة الأميركية. على بعد شارعين فقط يعج الماكدونالد باليابانيين. وقربه، في ستاربكس كافيه، ثلاث فتيات يابانيات في ثيابهن الأنيقة وأجسامهن الصغيرة المرتبة، يشربن النسكافه.
طوكيو تبدأ صباحاتها مع نسكافه. نسكافه وبيض مخفوق مع خضار أو لحم الطيور يقدم بارداً جداً في قطع صفراء مكعبة تشبه الحلوى. نسكافه وبيض ولحم وسمك أيضاً. مثل الانكليز وهؤلاء يسكنون جزيرة أخرى في الجانب الآخر من العالم يباشر اليابانيون يومهم بفطور من الوزن الثقيل: الشاي ياباني أخضر أو انكليزي أحمر والحليب والقهوة والبيض واللحم والسمك. كان ت. س. إليوت يقول ان فهم المدينة يبدأ بتحديد رائحتها. في الصباح، في مقاصف الفنادق وفي المطاعم التي تزحم الشوارع، رائحة طوكيو سمك. حتى الشاي رائحته سمك. الأجنبي يعتاد الأمر خلال أيام. لا يعني هذا انه يبدأ بالتهام السمك في الصباح. لكنه يعتاد الرائحة. يتأقلم. لمسة اليابان الخاصة على الطعام: سمك وأعشاب بحرية.
الرحلة من الشرق الأوسط الى اليابان تشبه رحلة في الفضاء. هناك اليابسة الآسيوية العظيمة. صحارى سيبريا التي تمتد في كابوس أبيض ولا نهائي. وبعد بحر اليابان تبدأ مناظر عجيبة: مناطق جبلية بركانية سوداء وبيضاء تشبه الصور التي ترسلها مراكب الفضاء لسطح القمر. ثمة من يعيش في هذه الأماكن. في الأخاديد وبين البراكين الهامدة. لكن معظم الناس ينزحون الى السهول. الى طوكيو وكيوتو وباقي المدن الكبيرة.
وسائل العيش
في المدن الكبيرة توجد وسائل العيش المريح. الهوس الياباني بالأدوات الكهربائية يفصح عن نفسه اينما توجهت. في المصاعد يركبون شاشات صغيرة تنقل آخر الاخبار. خصوصاً اخبار البورصة. الكل يتابع حركة الأسهم في العالم. الولع بالاقتصاد يظهر في مبيعات الصحف الاقتصادية. لكن الهوس بالأدوات الكهربائية وتوابعها وكافة الآلات يظهر في الحمامات وفي الخزائن أيضاً. كراسي المراحيض مزودة بأجهزة تدفئة وبرشاشات ماء. الخزائن مزودة بمصابيح للطوارئ معلقة جنب الباب. في غرف الفنادق تجد ساعة منبه في الحائط، وأخرى في الكومودينة قرب السرير. طبعاً يمكنك استعمال الهاتف لإيقاظك حين تشاء.
الأبواب تفتح تلقائياً، لا حاجة للتعب بعد كل تعب النهار. والمصاعد كالصواريخ. قبل ان تبدأ في عد الثواني يرفعك المصعد الى الطابق الأربعين. البنايات العالية ليست كثيرة في اليابان. يخافون الزلازل، يبنون بنايات من ثلاث طبقات الى أربع عموماً.
التاكسيات تفتح أبوابها كهربائياً. في الليل تصطف في خطوط طويلة امام الفنادق. سيارات نيسان برازيدنت وسانتوري لا تصدر الى الخارج عادة. سيارات فاخرة تشبه السيارات الأميركية ويستعملها الذين يحتلون المراتب العليا في المجتمع. الثروة، والنجاح. الحلم الياباني لا يختلف عن نظيره الأميركي كثيراً.
النوادي الليلية الخاصة ترسل فتيات في معاطف بيضاء أو سوداء الى زوايا الشوارع لتوزيع العناوين والبطاقات. هاروكي موراكامي، أحد اشهر الروائيين اليابانيين المعاصرين، وصف هذا في "ارقصْ ارقصْ ارقصْ" 1988. رواية باعت مليون نسخة خلال ثمانية اشهر من صدورها. اليابان تقرأ. صحيفة "يوميوري" توزع عشرة ملايين نسخة يومياً. لا تدخل مكتبة الا وتجدها مزدحمة. الصغار والكبار. في المترو، في التاكسيات، في الباصات، في صالات المطارات، وفي البيوت. الكل يقرأ. الرواية الناجحة، ربما باعت ثلاثة ملايين نسخة. بعضها يبيع أربعة ملايين. يحدث هذا في بلد عدد سكانه 120 مليوناً.
ثمة أماكن يرتادها المراهقون لقراءة المغامرات المصورة. مجلدات تشبه سوبرمان والوطواط والرجل البرق في بلادنا. هنا، تحت الأرض، تجدهم جالسين في علب صغيرة، يقرأون مجلداتهم، يدخنون، ويأكلون الرز أو السوشي بالعيدان الخشب. صورة من صور الوحدة المفرطة. الجنس البشري الجديد.
ريو موراكامي صوت قوي آخر في الأدب الياباني يعتقد ان الياباني لم يكتشف النزعة الفردية حتى اللحظة. اليابانيون يعملون بشكل جماعي. حياة من الركض الجماعي المنظم. الأفراد غائبون. لهذا لا نعثر على قادة عظماء. الحكومات تسقط بفضائح مالية. والفساد يستشري. يوكيكو، يابانية عاشت في نيويورك فترة طويلة ثم عادت الى طوكيو للاهتمام بأمها المريضة، تقول ان اليابان تنقصها الحرية. لا تحترم الفرد، تقول.
الحزب الديموقراطي الحر DLP يحكم اليابان منذ خمسين سنة تقريباً، مع فترة انقطاع بسيطة لم تتجاوز السنتين في مطلع التسعينات. وهو يبدو قادراً على الحكم لخمسين سنة اخرى. عبر الاستعانة بائتلافات مع أحزاب كما هو حاصل الآن. والسبب: غياب البديل.
في "شارع كاواباتا" في كيوتو تمر تظاهرة ينظمها الحزب الشيوعي وبعض الاتحادات العمالية. الحزب الشيوعي ما زال حياً يرزق في اليابان. ولقادته صور تعلق على الحيطان. يوم دافئ من آذار مارس. الشمس تغمر الشوارع. واللافتات ترتفع عمودياً في أيدي المتظاهرين. يكتب اليابانيون عمودياً، من أعلى الى أسفل. يمشون بهدوء. الشرطي عند الجسر كأنه يتفرج على ضفة النهر في الأسفل، وعلى العشاق الجالسين على المقاعد. أطفال يمشون مع أهلهم في التظاهرة الهادئة. مثل نزهة في يوم أحد.
الرحلة من طوكيو الى كيوتو بالهيكاري 209 سوبر اكسبرس تستغرق أقل من ساعتين ونصف. قلب كيوتو أشبه ما يكون بمانهاتن مضاعفة عشر مرات. لم يحاول اليابانيون تسويق بلادهم سياحياً. كانت الصناعة الهم الأول دائماً. الآن، مع الركود الاقتصادي، ربما آن الآوان. اليابان بلاد عجائب. من مدنها الى ريفها. الصاعد الى نارا، أرض المعابد البوذية، والغابات، وحدائق الصخور والغزلان، يكتشف سلاماً يخيم على أرض ما زالت تحيا في عصور سحيقة. خلال ساعات ترحل في الزمن ألف سنة الى الوراء.
في سوبر اكسبرس اخر تنتقل الى هيروشيما. 140 الف نسمة قتلوا هنا خلال يوم واحد بقنبلة واحدة. من نافذة فندق رينغا رويال يظهر مشهد مخيف: شمس حمراء تغيب بين غيوم بيضاء وسوداء. مثل انفجار نووي معلق في أفق المدينة.
هيروشيما مدينة الأنهار السبعة. أو النهر الذي يتفرع الى سبعة أنهار. المراكب في النهر، والغربان في الفضاء، وأكثر من مليون نسمة في الشوارع والبيوت.
في "شارع السلام" أمام فرع "بنك اليابان" لوحة حجرية نقشت عليها كلمات تشبه ضربات القلب. في 6 آب اغسطس 1946 اسقطت القنبلة الأميركية فوق المدينة. المدينة كلها حالت ركاماً باستثناء أربعة أبنية حجرية متينة. القنبلة انفجرت في السماء. الشعاع احرق كل شيء. في المتحف المخصص لذكرى الكارثة صور لاشخاص يمشون بين الركام ولحم اصابعهم يسيل. صور مخيفة. لا تصدق. يقولون ان النهر سد بالجثث. الناس المصابون بحروق الشعاع الذري، كانوا يرمون أنفسهم في النهر لاطفاء حريق لحمهم وعظمهم ودمهم.
من نافذة الفندق العالية ترى المدينة نائمة. سلام في الأسفل. في ليلة أخرى تظهر جرافات وجيوش من العمال لتصليح بعض أجزاء المترو. في النهار سيتلاشى كل هذا. الفعالية اليابانية. هذه العبارة تعني ببساطة: القدرة على انجاز ما ينجز في سنة، خلال اسابيع معدودة. اليابانيون يحرقون الوقت. هذا هو انجازهم الجماعي. يتحركون في كتلة واحدة. المئات منهم. يصنعون سيارة لا تفنى الدهر كله، في دقيقة ونصف فقط.
تركوا في هيروشيما قبة ومبنى مدمراً، شاهداً على الجريمة. القبة سموها قبة القنبلة الذرية. الحمام - مع الغربان - يطير بين القبة والنهر والمتحف القريب. فوق هذه القبة انفجرت القنبلة التي أدت الى استسلام اليابان. الحدث التاريخي ليس القتلى، ولا دمار مدينة بأكملها. الحدث التاريخي احساس ولد في تلك اللحظة. الانتقام الياباني الغريب: ان تصبح اليابان في أقصر وقت ممكن قوة عظمى. قوة اقتصادية هذه المرة. لا سياسية. قصف هيروشيما لا يسمى جريمة في المتحف. اليابانيون يطالبون بالسلام. يصارعون ماضيهم العسكري مثل مصارعي السومو. يعرفون جيداً الجرائم التي ارتكبها الجيش الياباني في منشوريا. في المتحف كلمات تؤكد هذا. القنبلة قتلت أيضاً أسرى كوريين كان الجيش الياباني يستخدمهم في بناء المتاريس في المدينة.
تحارب اليابان ماضيها العسكري لكنها تتذمر أيضاً من المظلة الأميركية. مظاهرات متباعدة ضد الوجود الأميركي العسكري. حادثة الغواصة والاعتذار الذي أتى متأخراً. الأميركيون - يجهلون قوانين اللياقة اليابانية. واليابانيون منزعجون منذ حرب الخليج. قبل عشر سنوات ساهموا في دفع النفقات، لكن قطعاً عسكرية يابانية لم ترسل للمشاركة في القتال. الأميركيون في المرصاد. وكلينتون زار الصين من دون ان يزور اليابان. في البلاد جدل الآن حول المادة التاسعة في الدستور. الدستور صنيعة الأميركيين والجنرال ماك آرثر. هل يعدل الدستور؟ قوات الدفاع الذاتي الياباني هل تتحول الى جيش. المفارقة انها جيش بالفعل. ولكنها لا تسمى جيشاً. وسلاحها لا يسمى سلاحاً. ربما يسمونه: أدوات قوات الدفاع الذاتي. هذه طرفة يابانية، فن السخرية من الذات.
اللوحة أمام بنك اليابان في هيروشيما تقول ان القنبلة سقطت في السادس من آب وان بعض أقسام البنك تحولت في الثامن من الشهر نفسه الى مكان موقت للعمل، ومأوى للمصابين. مرة أخرى. في يومين، وبعد قنبلة ذرية، العمل يبدأ. يومان فقط يكفيان. ولا حاجة لكلام رنان حول الذاكرة والنسيان. الخ الخ. تركوا مبنى واحداً وقبة ليشهدا على ما جرى. جمعوا اثاراً عادية في متحف. ثياب محترقة، ساعة سالت من الحرارة، دراجة ذابت، حائط انطبعت عليه صورة شخص تلقى الأشعة الخ. وهذا كل شيء. نقطة على السطر. الحزن في القلب. والحياة لا تتوقف.
ماري مارسو المحظوظة تنتظر نصف الليل وعودة اليابانيين سكارى من المشارب، والكاريوكي، وحفلاتهم الخاصة في الأندية. أو في المطاعم الفرنسية والايطالية والصينية... واليابانية أيضاً. ربما رمى أحدهم في كيسها ورقة من فئة العشرة آلاف ين، ومن دون ان يأخذ C.D حتى. يحدث هذا. كل شيء يحدث. والمحطة مكان آمن.
وكالة رويترز وزعت قبل شهر رقماً: 5700 متشرد في طوكيو. رقم صغير جداً. لا تكاد تراهم. ثمة واحد يرابط في مدخل محطة شيبويا للمترو منذ نصف الليل الى الصباح. يتقن الانكليزية. في الستين ويشبه كاواباتا حامل نوبل الآداب الذي انتحر بانبوب غاز في فمه سنة 1972 بعد ان اصابه العجز وأمراض الشيخوخة. الستيني يدعى باشو. مثل الشاعر القديم. بطيئاً بطيئاً تتسلق البزاقة جبل فوجي. باشو يرفع مظلة امامه تقيه الريح. آخرون يجتمعون في حديقة قرب خيمة زرقاء. يخلعون المداسات قبل الدخول اليها. باشو يحب الكلام مع الذين يقفون قربه. هؤلاء قلة في اليابان. وباشو صاحب نظريات. اليابان تتحرك. الجزيرة كلها تتحرك. بحر اليابان ومياه الهادئ يحميانها من جنون البقر. الطباخون الفرنسيون يتابعون شغفهم في طوكيو وكيوتو من دون خوف. لكن المياه تدفع اليابان نحو استراليا. وحين تفقد اليابان عزلتها الجغرافية، هذا الامتياز الكبير، يبدأ الانهيار. باشو صاحب نظريات. اليابانيون توقفوا عن الانجاب. عائلاتهم باتت صغيرة جداً. سنة 2005 يتحولون الى شعب عجوز، ليس هذا هذياناً. بل هو الواقع.
مذيعة الأخبار تنحني للمشاهدين عند نهاية النشرة التلفزيونية. كل يوم تصدر توقعات جديدة لموعد ابتداء موسم تفتح أزهار الكرز - أواخر اذار مارس أو مطلع نيسان ابريل. ذلك موسم احتفالات اعتاد الأدب الياباني وصفه. لكن الجيل الجديد لا يهتم كثيراً بهذه المناسبة.
اليابان تتبدل. لكن ليس بسرعة. التقليد محفور عميقاً في الجينات. في محطات المترو، حيث مراكز التسوق الضخمة مطاعم، متاجر ألبسة وحقائب وأحذية الخ، يمكن لمجموعة فتيات التمرن على رقصة جماعية قبالة زجاج يعكس صورهن. آلة تسجيل سوداء ضخمة تضخ موسيقى الروك في النفق والفتيات يرقصن غير آبهات بأحد. بناطيل جينز سوداء ضيقة وشعر مقصوص الى الكتفين.
انفاق. طرقات المترو. سكك الحديد التي تصل مدن اليابان بعضها ببعض. انفاق لا بد منها في هذه الجغرافية الجبلية. وبين نور الفضاء وظلام النفق يقرأ الياباني جالساً على مقعد مريح في القطار السريع. يقرأ ويعبث بالخليوي. كل ياباني يحمل خليوياً. أجهزة ضئيلة، دقيقة، تشبه الألعاب. أجهزة تناسب في الوانها وأشكالها موضة الثياب الجديدة. شركات التصميم والملابس الأوروبية ترسل فرق بحث الى اليابان سنوياً للاطلاع على آخر الابتكارات اليابانية. يكفيك ان تعبر شارع جينزا لترى اشكال أناقة لا تضاهى.
اليابان تتبدل لكن ليس بسرعة. الفتيات يرقصن في المحطات ويصعدن الى المشارب في أعالي الفنادق ليشربن الكحول ناظرات الى برج طوكيو وأضواء المدينة. لكنهن لا يغادرن المكان الا بعد الانحناء وتبادل تحية الشكر والوداع مع الندال الشبان. هذه الانحناءة الصادقة، هذا الاحترام العميق، لا بد ان يعني شيئاً. التقليد، التراث، في الجينة الوراثية.
صوت جديد في الأدب الياباني. بانانا يوشيموتو. روايتها "مطبخ" 1988 ظاهرة. لكن التفحص الدقيق للرواية يظهر اثراً لكاتب قديم نسبياً: كاواباتا، وصف الطبيعة وتحليل الأحاسيس. ذلك فن ياباني اسمه الآخر: تشريح الكآبة.
اليابانيات، بحسب أحصاء شركة من شركات أدوات التجميل، يرغبن في الحصول على ملامح الدمى وبطلات أفلام الرسوم المتحركة اليابانية. ذلك يؤشر الى رغبة في الانتقال من اليابان الى عالم خيالي. ربما الى عالم قديم. كمنطقة نارا أو جزيرة مياجي مثلاً. وتلك المعابد البوذية. والغزلان يقودها بوق الراهب الى العشاء. أو ربما الى عالم مستقبلي. عالم الانترنت والحقيقة الافتراضية.
هاروكي موراكامي تنبه للأمر في أوج "اقتصاد الفقاعة". عام 1985 نشر رواية عن رجل يعيش في عالم مستقبلي. رجل يعيش في مكانين معاً: عالمه المستقبلي الذي يشبه طوكيو الآن، وعالم آخر موجود في جمجمته يستعير بعض عناصره من اليابان القديمة: وحيد القرن الخرافي الذي يتحرك في قطيع على صوت بوق الحارس هو صدى للغزال في معابد نارا.
كوكب آخر؟
"بلاد العجائب ونهاية العالم"، عنوان رواية موراكامي معبر. اليابان ليست بلاداً عادية، بل كوكب آخر. التهذيب الصادم. الابتسامة الثابتة على وجوه الموظفين ومن تلتقيهم في الشوارع. تلك الاغناءة. ولهجة الترحيب. الأجنبي يدهشه هذا، لكنه ربما أثار أعصابه أيضاً. هذه القدرة، هذه الطاقة، من أين حصلوا عليها؟
لكن ثمة ثمناً يدفع كل يوم. كل ليلة. حوادث الانتحار كثيرة. معدلات الانتحار في اليابان عالية. يحدث ان تتعطل حركة القطارات اذ يرمي شخص نفسه على السكة. القطار الياباني دقيق. 31:8 تعني 31:8. مع حادثة انتحار تتبدل الى 39:8. أو 49:8. ذلك كل شيء. يتغير موعد القطار. ثم تعود المياه الى مجاريها.
طبقة الأثرياء، شبان دون الثامنة عشرة في بذلات وربطات عنق وقمصان بيضاء وأحذية سوداء. يدخنون ويضحكون خارجين من سيارات فخمة داخلين الى فنادق درجة أولى. هؤلاء أيضاً من الجنس البشري الجديد. يصغون الى موسيقى روك يابانية ويسافرون الى أوروبا للسياحة. Big in Japan. معظمهم تجاوز البيتلز. ربما لأن أهلهم الذين في الأربعين يحبون الفرقة وأغاني جون لينون وبول مكارتني. Yesterday.
طوكيو وكيوتو تعانيان "حمى الطلع". حساسية تسببها زهور الصنوبر والأرز في الربيع. كمامات بيضاء على الأفواه. الأسفلت والاسمنت أكلا التراب، والزهر ما عاد ينزل في الأرض. يظل في الهواء ويسبب الحساسية، تقول امرأة يابانية تعمل في سوق السمك.
الاسمنت، البنايات، الجسور، طبقات جسور فوق بعضها بعضاً تصنع سقفاً فوق خليج طوكيو أو فوق خليج يوكوهاما. الاسمنت يأكل المحيط. والبحر قنوات مائية تعبر بين الشوارع. نوارس حول برج طوكيو. الحياة لا تنتظر أحداً. ما يحدث يحدث.
في احدى صالات المؤتمرات في "بنك طوكيو ميتسوبيشي" يجتمع مستشارون للحديث عن الوضع الاقتصادي في اليابان والعالم. على الحيطان لوحات زيتية أصلية لا تقدر بثمن. عبر النوافذ العالية ترى الغربان تحلق تحت سماء بيضاء. الاقتصاديون في البذلات ينعسون. الوقت عصر. ونهار العمل كان طويلاً جداً. لن يجدوا حلاً في هذه الجلسة، الى الغد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.