هل يمكن ان تتغير العادات الغذائية للسعوديين وان يتحولوا من اكل لحوم الضأن الى لحوم النعام؟ وهل سيأتي يوم يأكل فيه السعوديون "الكبسة" و"البرياني" و"السمبوسك" بلحم النعام؟ الاجابة كما يتوقعها بعض رجال الاعمال وخصوصا الذين بدأوا الاستثمار في مجال مزارع النعام هي: نعم. يتوقع خبراء تغذية واقتصاديون في السعودية اقبالا كبيرا من السعوديين على استهلاك لحوم النعام في غضون السنوات الخمس او العشر المقبلة. وعزا رئيس قسم الدراسات والبحوث في "الشركة الوطنية الزراعية" اسامة صالح ذلك الى الفجوة الغذائية مع انخفاض معدل الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، والى اسباب صحية اهمها انخفاض نسبة الدهون في لحم النعام مقارنة مع اللحوم الحمراء، وتغير العادات الغذائية للمستهلكين مع انتشار امراض القلب والسكري والسمنة، اضافة الى انتشار الامراض المرتبة باللحوم والتي شاعت اخيرا كمرض جنون البقر والحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع. وكان الاهتمام بهذه المشاريع بدأ عام 1995 مع انشاء اول مزرعة للنعام في السعودية. ويبلغ عدد المشاريع المرخصة الان ستة بطاقة انتاجية سنوية تبلغ 55 الف طائر. وقال صالح ان مشروع انتاج النعام التابع لشركته في القصيم اقيم على مساحة سبعة ملايين متر مربع، وبدأ بنحو 400 طائر نعام و400 طائر امبو طائر لحمه يماثل لحم النعام حتى بلغت الطاقة الانتاجية عام 2000 نحو 2288 طائرا، وبلغت نسبة الزيادة في انتاج الصيصان 482 في المئة بين موسمي 1999- 2000. وتوقع ان تبلغ الطاقة الكلية للمشروع نحو 5000 طائر. ولفت الى ان الكثير من المطاعم خصوصا في جدة بدأت في تقديم وجبة النعام على شكل ستيك او شاورما. وبدأت "الوطنية الزراعية" في عرض لحوم النعام المبردة والمجمدة في معارضها في بعض المدن السعودية كبديل للحوم الحمراء الاخرى بسعر مخفض بنسبة 50 في المئة وبقيمة 30 ريالا ثمانية دولارات فيما يبلغ سعره العالمي 90 ريالا 24 دولارا. ولقي لحم النعام اقبالا خصوصا من الفنادق والمطاعم ومحلات السوبرماركت. وقال جمال فضلو وهو طباخ مطعم "نورولز" ان الزبائن في ازدياد قياسا الى اربع سنوات مضت. واضاف ان احدى الاسر السعودية تشتري وجبات من لحم النعام شهريا بقيمة ثمانية الاف ريال. وبرر ارتفاع اسعار الوجبة الى 90 ريالا والساندوتش الى 35 ريالا بارتفاع الاسعار في الاسواق العالمية. ويتميز لحم النعام بانخفاض نسبة الكوليسترول التي تبلغ 30 غراما لكل 100 غرام مقابل 63 غراما في لحم الغنم و50 غراما في الابقار. اما الدهون فتصل الى 15 غراماً في الابقار والاغنام، في حين لا تتعدى غرامين في النعام. لذا يعتبر لحم النعام من اللحوم الممتازة من الناحية الغذائية والصحية وغذاء مناسبا لمرضى القلب لقلة محتواه من الدهون وغناه بالحديد. ويتوقع اصحاب مزارع النعام زيادة الطلب العالمي على لحومها خصوصا في اوروبا والولايات المتحدة. ويتوقع ان يظل المعروض منه اقل من المطلوب لسنوات عدة مقبلة خصوصا في ظل الامراض المتلاحقة التي بدأت تظهر مثل جنون البقر وانفلونزا الدجاج ما ادى الى تشجيع البحث عن البدائل المضمونة بأسعار في متناول الجميع. وتعمل السعودية على تشجيع رجال الاعمال على خوض هذه التجربة الجديدة. اذ نظمت وزارة الزراعة والمياه ندوة "النعام في السعودية - فرص التربية والاستثمار وتجربة جنوب افريقيا" العام الماضي بهدف درس توطين وتربية النعام بالسعودية وايجاد آفاق جديدة للاستثمار في المجال الزراعي والصناعات المساندة لها. ويقوم حاليا فريق من الخبراء في مجلس الابحاث الزراعية في جنوب افريقيا باجراء درس حول امكان نجاح زراعة النعام في السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة. واكد الخبراء الذين زاروا السعودية اكدوا ان فرص نجاح زراعة النعام كبيرة جدا لملاءمة المناخ وتوافر المزارع الكبيرة. ويتوقع الاقتصاديون وجود فجوة تسويقية متوقعة من اللحوم الحمراء تصل الى نحو 159 الف طن السنة المقبلة. وتعطي الانثى الواحدة من طائر النعام بين 40 و80 بيضة، وعند الذبح يعطي كل طائر 50 كيلوغراما من اللحم، ومتراً ونصف متر من الجلد وثلاثة كيلوغرامات من الريش ولتراً واحداً من الدهن. ويتميز النعام بكفاءة تحويلية فهو يحتاج إلى كيلوغرامين علف لانتاج كيلوغرام من اللحم فيما تحتاج ابقار اللحم الى خمسة كيلوغرامات علف، كما ان عمر البقرة الاقتصادي نحو 12 عاما فيما تنتج النعامة لمدة 40 سنة. ويمكن الاستفادة من جميع مخلفات النعام التي تدخل في الصناعات الالكترونية والطبية الكبرى، كما تجري الآن زراعة قرنية عين واربطة ركبة النعام للبشر واستخدام الجلد في صناعة الحقائب.