صدر حديثاً للناقد والأكاديمي محمد صالح الشنطي كتاب بعنوان "النقد الأدبي المعاصر في المملكة العربية السعودية: ملامحه واتجاهاته وقضاياه". يلفت الناقد الانتباه الى ضرورة التأريخ للحركة النقدية المحلية ورصد معالمها حتى لا يصبح النهوض بهذه المهمة أمراً عسيراً، خصوصاً ان رؤى نقدية كثيرة طرحت في المقالات المنشورة في الصحف أصبحت بعيدة العهد، وبعض اصحابها غادروا الحلبة الى ميادين أخرى، والبعض الآخر لم يعنَ بجمعها. ولعل أصداء التطورات التي ترددت بعد نشر أعمال نقدية على جانب كبير من الأهمية أوشكت أن تضيع في قضاء السنين. ويعنى الكتاب بواجب المعاصرة عبر تقديم شهادة قد تفيد الدارسين في المستقبل لهذه الحركة النقدية، من موقع التفاعل مع وقائع هذه الحركة ومحاولة رسم المشهد الثقافي السعودي باتجاهاته المتعددة في لوحة بانورامية يمكن أن تفيد مستقبلاً في الدراسة التفصيلية المتأنية. وكذلك محاولة الغوص في المسائل الجوهرية من خلال عرض القضايا المهمة وهموم الحركة النقدية وربطها بتيارها العام. ويسعى المؤلف من خلال كتابه الذي جاء في جزءين من الحجم الكبير مجموع صفحاتهما 1140 صفحة ويكمل واحدهما الآخر، يسعى للنفاذ الى حقيقة مهمة تتعلق بالمثاقفة على الصعيد العالمي بين المشروع النقدي المحلي الخاص بالسعودية والمشروع الآخر الغربي. وفي الوقت نفسه يربط هذا المشروع بسياقه العربي ومرجعياته المختلفة، وكذلك يميط اللثام عن الحوارية العميقة التي أفرزتها عملية المثاقفة وثمراتها وآثارها، مختطاً منهجاً يحقق بعضاً من تلك الأهداف ويقوم هذا المنهج على: الاستكشاف ومن ثم العرض المنظم للرؤى والأفكار والتيارات وأنساقها وربطها بأصحابها. ومحاولة رصد التغيرات في السياق الزمني. ومن ثم دراستها والعمل على ادراجها في أطر وتصنيفات يمكن تحديدها على التقريب وليس التدقيق. فتحديد المذاهب والتيارات على نحو دقيق أمر ليس سهلاً ولا ممكناً، خصوصاً أن المناخات الثقافية والاجتماعية كانت تشهد تقلبات وتحولات سريعة فرضتها المسيرة التنموية المتسارعة الوتائر وما صاحبها من استثمار دؤوب لكل الطاقات والخبرات. وهذا ما استدعى استقدام حشد من الأكاديميين والمفكرين يمثلون تركيبة متعددة الاتجاهات أثرت في افراز تيارات لها خصوصيتها. فضلاً عما أسفر عنه الانفتاح العلمي والثقافي على العالم وما أدت اليه الوقائع التاريخية والاجتماعية.