منذ 32 عاماً والممثل أسعد رشدان يتنقل بين كاميرات التلفزيون وخشبات المسارح حتى بلغ رصيده الفني الى اليوم زهاء 30 مسرحية و100 مسلسل تلفزيوني. وحالياً يشارك رشدان في مسرحية "نيالك بعدك صابر" من تأليف كميل سلامة وإخراجه، وكذلك مسلسلين تلفزيونيين يعرضهما تلفزيون لبنان: "ليل الذئاب" للكاتب جبران ضاهر إخراج جورج غياض، و"إسمها لا" للكاتب شكري أنيس فاخوري وإخراج ألبير كيلو. والاثنان توقفا مع توقف تلفزيون لبنان القسري والموقت. وأسعد رشدان من الأسماء العريقة التي عايشت العصر الذهبي للتلفزيون والمسرح وعملت مع أهم الأسماء التي حفرت حضورها في الذاكرة الفنية اللبنانية. بدأ مشواره مسترقاً النظر، وهو بعد ولد صغير، الى المسلسلات المحلية التي يبثها جهاز تلفزيون يندر وجوده في ذلك الزمان، ومستمعاً الى مسرحيات الرحابنة في الإذاعة ومأخوذاً بتعبيرية صوت الممثل أنطوان كرباج. كان في الخامسة عشرة من عمره حين شجعه أنطوان ملتقى على دخول معهد الفنون كي ينال شهادته الثانوية بعدما شاهده في دورة تمثيلية كان ينظمها "نادي عمشيت". وهذا ما فعله رشدان الذي بدأ يشارك في أعمال تلفزيونية منذ السنة الدراسية الثانية. وحظي بفرص جيدة وأدوار رئيسية في مسلسلات ما زالت راسخة في ذاكرة اللبنانيين ومنها "في ظلال الحب" 1997، مع إحسان صادق وسميرة بارودي ومنى كريم. "البركة" 1980 من بطولته مع منى طايع وإيلي صنيفر وطوني حجل وجورج دياب وعلي الزين، "النبع" مع سوزان أبو ناضر وأندريه جدعون... وعند اندلاع الحرب شهدت مسيرته "طلعات ونزلات" حسبما يقول نظراً الى الظروف الصعبة. أما مسرحياً فنذكر "ست الكل" مع المطربة صباح ووسيم طبارة، "القبقاب" مع أنطوان كرباج، "زلمك يا ريس" لجلال خوري، "صبي وين بدو يروح" لمروان نجار، الى مسرحيات عدة مع نبيه أبو الحسن: "أخوت دولي"، "عرس الأخوت"، "شعب بالمزاد" وسواها. ومثل في مسرحيات عدة باللغة الفرنسية. يفضل رشدان المسرح على التلفزيون إذ يرى عمقاً أكبر في الأداء المسرحي "الذي يتطلب مقومات لا يحتاجها التلفزيون، بدءاً من الحضور الذهني الى الحضور الجسدي. يحتاج الممثل في المسرح الى قدر كبير من التركيز إذ لا تمكنه الإعادة، والى تقنية صوتية عالية وقدرة جسدية على التحمل. هذا الجهد لا يبذله في التلفزيون وهو لا يتطلب سوى الذاكرة القوية والتعبير الداخلي الذي لا يظهر كثيراً لأن الكاميرا تكبر الإحساس وهو يبدو مبالغاً فيه إن أداه الممثل كما على خشبة المسرح. وتلعب العيون دوراً رئيسياً على الشاشة، لأن تعبير العين يختصر النفس البشرية ويسبرها من أعماقها، وهذا أمر علمني إياه شكيب خوري". أصعب شخصية أداها رشدان بنظره وتطلبت منه جهداً كبيراً هي شخصية رئيس الحكومة الراحل رياض الصلح في فيلم تلفزيوني لشارل صوايا عرضته "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، "بذلت جهداً لتقمص الشخصية بغية إيصالها بأمانة شكلاً وحضوراً، عبر البسمة والأداء. قمت بقراءة تاريخ لبنان وقابلت أشخاصاً عرفوا شخصية رياض الصلح عن كثب. ونبعت الصعوبة من كون الشخصية موجودة فعلاً وبالتالي لا أستطيع التصرف بها وتحضيرها كما أشاء بل كما هي بالفعل". يلعب رشدان حالياً في مسرحية "نيالك بعدك صابر" دور السيد وهيب أحد أغنياء الحرب. وهو دور كوميدي محبب على غرار معظم الشخصيات التي أداها في المسرح وكانت كوميدية في معظمها، "لست أنا مثير الكوميك في المسرحية ودوري هو نقيض الكوميك الساذج. والمعروف أن الكوميديا هي لعبة التناقض بين حالتين ومفهومي للعبة يجعلني أنجح لأن الفعل وردّة الفعل يوصلان الإيقاع المطلوب". ويرى رشدان في الكاتب والمخرج كميل سلامة "شخصاً يتميز بالجدية ويدرك ما يريده من الشخصيات وهو يتمتع بموهبة إخراج عمل وإيصاله الى قلوب الناس بما يتمتع به من موهبة كممثل جيد وكاتب جيد أيضاً عنده الحس الفكاهي والإجتماعي. وهو استطاع أن يقدم عملاً مهضوماً ومعبراً يثير الضحك لساعتين متواصلتين من دون التعليق على السياسيين او اللجوء الى الكلام البذيء والإغراء الرخيص معتمداً على الموقف الكوميدي وأداء الممثلين". ويعتبر رشدان أن المسلسلين التلفزيونيين "إسمها لا" و"ليل الذئاب" أعطياه الأدوار التي تبرز طاقاته التمثيلية. وهو كان قبلاً يشعر بنوع من الغبن على رغم تعاونه مع مخرجين كبار. يشرح: "لم تكن الأعمال التي شاركت فيها على المستوى الذي أطمح اليه لكنني كممثل لا استطيع رفض ما يقدم إلي وإلا لما كنت قبلت بأكثر من عملين أو ثلاثة. أحب الدور الذي يبرز قدرتي الداخلية على الأداء كما في الشخصيات المركبة والصعبة التي تحتاج الى بحث وطاقة ولا يستطيع أداءها أي كان. وأعتبر أن الكاتب مروان نجار هو أكثر من فهمني في هذا الموضوع من خلال الأدوار التي أسندها إلي في مسلسل "طالبين القرب". وقد أديت في إحدى الحلقات دور رجل غادر ومجرم متخف تحت قناع التواضع والأخلاق وقادر على إخفاء حقده ضد قريبته إلسي فرنيني التي يعمل على حرمانها من الميراث ثم يحاول قتلها". وعلى رغم الإنتعاش الواضح الذي يشهده الإنتاج المحلي الدرامي، يرى رشدان مشكلة كبرى تتمثل "بشركات الإنتاج التي يبغي أصحابها الربح السريع فقط لا غير ولو على حساب المستوى الفني اللائق". من هنا نعول كممثلين على "تلفزيون لبنان" قبل ان يقفل ولدى عودته فهو لا غاية ربح لديه بل يحرص على تشجيع الإنتاج المحلي العريق. ولا ينقص الإنتاج المحلي لدينا سوى المنتج المتفهم ابعاد العمل الفني الذي يمكنه أن يكون مربحاً جداً إن كان جيداً. والدليل على ذلك مسلسل "من برسومي" الذي يجتذب الكثير من الإعلانات". يستعد أسعد رشدان اليوم لتصوير مسلسل تلفزيوني للكاتب أنطوان غندور. وهو كان صور مسلسل "أحلى بيوت براس بيروت" للكاتب مروان نجار لدى "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، ويصور حالياً فيلماً سينمائياً للمخرج وليد برجاس مع ملكة جمال لبنان السابقة نيكول بردويل. ويهيئ لفيلم آخر لمخرجة فيلم "الشيخة" ليلى عساف وهو إنتاج مشترك سويدي - لبناني. أما القواعد الذهبية للممثل الناجح فيلخصها أسعد رشدان بعد 32 عاماً من الخبرة ب"الموهبة، والعمل على تطويعها بالدراسة. إحترام الممثل للمهنة بتفاصيلها واحترام الرفاق والكاتب والمخرج وتعليماته والإلتزام الكامل".