} أظهرت تقديرات أميركية أن منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك ستعاني من إنخفاض "طفيف" في عائداتها النفطية السنة الجارية لكنها ستتمكن من الاحتفاظ بالجزء الأعظم من الزيادتين السنويتين الكبيرتين اللتين سجلتهما العائدات منذ إنهيار الأسعار عام 1998 وتبني سياسة ضبط الانتاج. ذكرت إدارة معلومات الطاقة، في أحدث تقاريرها الدورية عن تجارة النفط، أن إجمالي عائدات الدول ال11 الأعضاء يتوقع أن تبلغ في العام الجاري 212 بليون دولار مقوما بأسعار صرف الدولار في سنة 2000 مسجلاً انخفاضاً بنسبة تقترب من 4 في المئة للمرة الأولى منذ تبنت "أوبك" سياسة ضبط الانتاج في آذار مارس 1999. وحسب التقرير يتوقع أن يتوزع إنخفاض العائدات على الدول الأعضاء بنسبة متفاوتة إلى حد كبير تراوح بين 2 في المئة في الجزائر وفنزويلا و19 في المئة لاندونيسيا بينما تحتفظ نيجيريا بعائداتها كاملة وينفرد العراق بأقل نسبة إنخفاض. وتشكل العائدات المتوقعة السنة الجارية، أيضا حسب الأسعار الثابتة لعام 2000، زيادة بنسبة 71 في المئة على عام 1999 و129 في المئة مقارنة مع عام 1998 حيث شهدت أسعار النفط الخام إنهياراً تاريخياً خفض عائدات الدول الأعضاء إلى أدنى مستوى لها منذ الانهيار السيء الصيت نهاية 1985 وبداية 1986. ولفت معدو التقرير إلى أن تحسن العائدات النفطية في العامين الماضيين ساعد دول "أوبك" في تجاوز فترة طويلة من الأسعار المنخفضة نسبياً التي عرضتها لعجوزات في موازين مدفوعاتها ومشاكل في موازناتها وتراكم ديونها وتدهور أوضاعها الاقتصادية بشكل عام مشيرين إلى أن إجمالي العائدات المتوقعة السنة الجارية لا يزيد على 37 في المئة من عائدات 1980 التي تجاوزت 580 بليون دولار. وكشف التقرير مدى تأثر "أوبك" بإنهيار الأسعار عام 1998 إذ أشار إلى أن نصيب الفرد في الدول الأعضاء من عائدات تصدير النفط الذي يتوقع أن يبلغ في السنة الجارية 416 دولاراً يعكس تحقيق زيادة بنسبة 93 في المئة بالمقارنة مع 1998 لكنه يشكل تراجعاً خطيراً عن 1980 حين بلغ نصيب الفرد بالأسعار الثابتة للسنة ألفين نحو 1742 دولاراً. وعن تداعيات تراجع العائدات كشف تقرير أصدرته وزارة الخزانة الأميركية الاسبوع الماضي أن إستثمارات دول "أوبك" في السندات الأميركية إنخفضت من 52.4 بليون دولار في نهاية 1997 إلى 38.9 بليون دولار في نهاية 1998 ولم تسترد عافيتها إلا في تشرين الثاني نوفمبر سنة 2000 حيث بلغت قيمتها آنذاك 51.4 بليون دولار قبل أن تتراجع إلى 50.7 بليون دولار في نهاية العام. على الصعيد نفسه إرتفعت ودائع دول النفط الخليجية لدى المصارف الأميركية من 15.5 بليون دولار عام 1997 إلى 17 بليون عام 1998 بينما قفزت التزاماتها تجاه هذه المصارف في الفترة نفسها من 11.5 بليون دولار إلى زهاء 20 بليون دولار قبل أن تتراجع إلى 10.7 بليون دولار في حزيران يونيو 1999. يشار إلى أن أسعار النفط بدأت بالإنهيار في أواخر 1997 وبقيت مستوياتها متدنية جداً طوال 1998 والأشهر التي سبقت إتخاذ "أوبك" قرارها الحاسم في آذار 1999 بخفض الانتاج بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا. ونتيجة لهذا الانهيار بلغت عائدات "أوبك" عام 1998 نحو 105 بلايين دولار مايعتبر أدنى مستوى لها منذ 1972 حين بلغت بأسعار سنة ألفين 102 بليون دولار. ولاحظ أحد المحللين في إدارة معلومات الطاقة أن هذا التراجع الخطير في العائدات فرض نفسه بقوة على قرارات وسياسات "أوبك" وعرض المنتجين الأميركيين لضغوطات مالية إضطرتهم لإغلاق آلاف الآبار الضحلة في أوكلاهوما وتكساس وتقليص إستثماراتهم في عمليات التنقيب والانتاج بينما عمل في المقابل على تنشيط الطلب وخفض فاتورة واردات النفط الأميركية بمعدل 20 بليون دولار سنوياً. وساهم الانهيار الأخير في إبراز مدى خطورة تقلبات الأسعار على دول "أوبك" التي فقدت زهاء نصف عائداتها بين عقدي السبعينات والتسعينات إذ بلغ إجمالي حصيلة صادراتها النفطية في السبعينات 3.3 تريليون دولار ثم إنخفض إلى 2.2 تريليون دولار في الثمانينات التي شهدت في منتصفها إنهياراً كبيراً وإنخفضت من جديد في التسعينات إلى 1.5 تريليون دولار. وأشار المحللون الأميركيون إلى أن إنتعاش عائدات النفط في العامين الماضيين والأشهر الأولى من السنة الجارية ساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والموازنات المالية والموازين التجارية لدول "أوبك" وأتاح لحكومات هذه الدول زيادة إنفاقها للمرة الأولى منذ أعوام عدة لكنه قد يخفف من الضغوط التي تتعرض لها على صعيد تطبيق الاصلاحات الاقتصادية.