} دخلت "حرب الجواسيس" بين موسكووواشنطن طوراً جديداً بطرد ديبلوماسيين روس واعلان موسكو انها "سترد بقسوة" وتحذيرها من عودة الحرب الباردة. وجاء قرار طرد الديبلوماسيين في سياق تدهور غير مسبوق في العلاقات الروسية الاميركية منذ تولي ادارة الرئيس جورج بوش السلطة. استدعى وزير الخارجية الاميركي كولن باول السفير الروسي في واشنطن يوري اوشاكوف وأبلغه ان على عدد من الديبلوماسيين الروس الذين يعملون لأجهزة الاستخبارات ان يغادروا الولاياتالمتحدة. وذكرت وسائل الاعلام الاميركية ان ستة ديبلوماسيين طردوا بالفعل وطلب من 45 آخرين التهيؤ للرحيل في وقت لاحق. واعتبر قرار الترحيل رداً على تورط ديبلوماسيين روس في تجنيد روبرت هانسن الضابط في مكتب التحقيقات الفيديرالي أف بي آي الذي عمل لمصلحة موسكو منذ 15 سنة. وكانت واشنطن اتخذت قراراً مماثلاً في زمن الاتحاد السوفياتي عندما طلبت من 50 ديبلوماسياً سوفياتياً مغادرة واشنطن واعتبرت خمسة آخرين اشخاصاً غير مرغوب بهم. وردت موسكو آنذاك بشكل "مخفف" إذ اقتصر تحركها على طرد 10 أميركيين. وفور تسرب انباء القرار الأخير، توالت ردود الفعل الروسية وأعرب سيرغي بريخودكو مساعد الرئيس للشؤون الدولية عن "الأسف العميق لهذه الأنباء إذا ثبتت صحتها". وأضاف ان حملات البحث عن "اعداء وجواسيس" هي من بقايا الحرب الباردة. وأعلن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف انه سيوضح موقفه بعد تلقي تبليغاً رسمياً من واشنطن، إلا أن نائبه غيورغي محمدوف استدعى السفير الاميركي جيمس كولينز، وأعلنت مصادر غير رسمية انه ابلغه ان رد موسكو سيكون "فورياً ومكافئاً". لكن ناطقاً باسم السفارة، قال ان اللقاء لا علاقة له ب"نقطة الخلاف" المتعلقة بالديبلوماسيين، وشدد على ان السفير "لم يستدع بل هو الذي طلب اللقاء قبل اعلان الأنباء" عن طرد الديبلوماسيين. وأفاد مصدر مقرب من وزارة الخارجية ان موسكو حاولت اقناع الجانب الاميركي ب"التوقف" عند الخطوة الأولى والاقتصار على طرد ستة ديبلوماسيين روس، والتفاوض على الرد المحتمل. ودعا رئيس مجلس الدوما النواب غينادي سيليزنيوف الى الرد "بحسب الاسلوب المتعارف عليه"، أي بطرد عدد من الأميركيين يماثل عدد الروس الذين سيجرى ترحيلهم من واشنطن. رد قاس إلا أن مصدراً في الاسخبارات الروسية توقع في حديث الى وكالة أنباء "ايتار تاس" الرسمية ان يكون رد موسكو "قاسياً". وأوضح ان البعثة الروسية في واشنطن تضم 190 شخصاً، فيما يعمل ضمن السفارة الاميركية في موسكو 1100، لذا توقع ان يتم ترحيل "نسبة مماثلة" أي ربع العاملين في سفارة الولاياتالمتحدة 275 شخصاً. وتحدثت وكالة أنباء "نوفوستي" شبه الرسمية عن "اجراءات مزعجة"، مشيرة الى احتمال تكرار الخطوة التي اتخذت في أواسط الثمانينات عندما أوعزت موسكو الى الموظفين المحليين العاملين في قطاع الخدمات في السفارة الاميركية بالتوقف عن العمل. ولكن الخبراء يرون ان مثل هذا الاجراء متعذر حالياً إذ ان السفارات لم تعد تقتصر على تشغيل موظفين محليين يوفرهم مكتب الخدمات الديبلوماسية التابع لوزارة الخارجية، بل تلجأ الى التعاقد المباشر. خلفية التوتر وجاء قرار طرد الديبلوماسيين في سياق تدهور غير مسبوق في العلاقات الروسية الاميركية منذ تولي ادارة الرئيس جورج بوش السلطة واصراره على تنفيذ خطة اقامة شبكة الردع الصاروخي التي اعتبرتها موسكو محاولة لتحجيم روسيا وتهميش دورها. وتزايد التوتر بعد اعلان الكرملين نيته تزويد طهران اسلحة متقدمة على رغم اعتراضات واشنطن. وردت الأخيرة باتخاذ قرار باستقبال وزير الخارجية الشيشاني الياس أحمدوف، متجاهلة احتجاجات موسكو، حتى ان الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر أكد ان الولاياتالمتحدة "لا ترى شيئاً غير عادي" في استقبال احمدوف وهي مصرة على ابقاء الاتصالات مع الاطراف الشيشانية. إلا أن رئيس كتلة "نواب الشعب" الموالية للكرملين غينادي رايكوف اكد ان استقبال المبعوث الشيشاني وطرد الديبلوماسيين الروس يدل على ان واشنطن "لا تقيم أي وزن" لروسيا.