من المؤكد ان نجمة كرة المضرب الروسية آنا كورنيكوفا اقتربت كثيراً من انجاز احراز لقبها الاول في الدورات الدولية والبطولات العام الماضي، واكبر دليل على ذلك تأهلها الى الدور نصف النهائي في عشر دورات، وللمباراة النهائية مرة واحدة في دورة الكرملين الدولية. لكنها لا تزال عاجزة عن تهديد المنافسات البارزات في شكل جدي، ما ظهر جلياً مرة جديدة في بداية الموسم الحالي فحرمت من لقب البطلة الحقيقية، والذي يليق بموهبتها الكبيرة، الى جانب لقب "الدمية الجميلة" الذي جعلها الاكثر شعبية بين لاعبات كرة المضرب الحاليات. لم تقُل حماسة محبي رياضة كرة المضرب لدى استقبالهم بزوغ نجم السويسرية مارتينا هينغيس، التي شكلت باكورة جيل البطلات الناشئات البارزات في عام 1994، عنه لدى بزوغ نجم الروسية آنا كورنيكوفا في العام التالي... وجسدت البطلتان الناشئتان باعتقادهم نموذج المواجهات الاسطورية التي ستصنع تاريخ كرة المضرب النسائية في المستقبل على غرارمواجهات الاميركيتين مارتينا نافراتيلوفا وكريس ايفرت في الثمانينات من جهة، والالمانية شتيفي غراف والاميركية مونيكا سيليش في بداية التسعينات من جهة اخرى. وتزامن ذلك مع اصداء الانتصارات المدوية للبطلتين في دورات الناشئات ثم في البطولات المفتوحة التي شهدت مواجهتهما للمرة الاولى عام 1994، حين "اذلت" هينغيس منافستها كورنيكوفا بالفوز عليها 6- صفر و 6- صفر في بطولة الولاياتالمتحدة المدرجة ضمن البطولات الاربع الكبرى. وعزا النقاد خسارة كورنيكوفا القاسية وقتذاك الى عدم تكيفها مع الضغط الكبير للمباريات مقارنة بهينغيس التي تكبرها بعام واحد. ذروة الاخفاق واذ اظهرت الدلائل كلها ان مسألة اكتساب كورنيكوفا النضوج الفني ولحاقها بركب تألق هينغيس في منافسات المحترفات، ترتبط بالوقت فقط في ظل تمتعها بمقومات التفوق كلها لجهة اجادة الضربات بفاعلية، وحسن تكيفها مع المتطلبات التقنية للملاعب كافة، الى التفهم الجيد لاساليب اللعب، وامتلاكها ارادة التطوير الكبير، الا ان النتائج لم تعكس هذا الواقع. ومثل العام الماضي ذروة الاخفاق باستمرار مسلسل خسارتها المتعاقبة التي ابقت سجلها خالياً من الانتصارات البارزة في مقابل نجاح هينغيس في احراز لقبها الخامس في البطولات الاربع الكبرى في استراليا، وتجاوز قيمة ارباحها المادية ال10 ملايين دولار. وعزت كورنيكوفا تخلفها عن مواكبة الانجازات الكبيرة الى خضوعها لنظام تقليص عدد مشاركاتها في الدورات والبطولات بين عامي 1996 و1997، ما اثر سلباً على تطورها الفني واكتسابها عامل خبرة المواجهات القوية. وكانت البطلة الروسية وجهت رسالة الى مسؤولي الاتحاد الدولي في العام ذاته من اجل استثنائها، على غرار هينغيس، من مفاعيل النظام الذي هدف الى منع تكرار سلبيات الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها اللاعبات اللواتي يحترفن في سن باكرة، كما حصل مع الاميركية جنيفر كابرياتي التي ادمنت المخدرات. لكن طلبها رفض فاقتصرت مشاركاتها على 13 استحقاقاً سنوياً بين عامي 1996 و1997. وفي عام 1998، تحضرت كورنيكوفا بجدية كبيرة لموسمها الكامل الاول في منافسات المحترفات، واستعانت بمدرب جديد هو التشيخي بافل زلوزيل، ما اثمر تقدمها من المركز 60 الى 24 في التصنيف العالمي، من دون ان تتعرض لخسارة واحدة امام لاعبة غير مصنفة بين ال15 الاوليات. الا ان انجازيها البارزين انحصرا في بلوغها نهائي دورة كي بيسكاين الاميركية، ونصف نهائي ايسبورن، قبل ان تتعرض لاصابة في اصبع ابهامها الايمن. وعانت كورنيكوفا من تأثيرات هذه الاصابة السلبية في المرحلة التالية، خصوصاً على صعيد تنفيذ ضربات الارسال. وبلغ عدد اخطائها المزدوجة 31 خطأ في مباراتها امام اليابانية ميهو سايكي في الدور الاول من بطولة استراليا المفتوحة 1999، وهو رقم قياسي جديد في البطولة، علماً ان الرقم السابق، وهو 39 خطأ، سجله جيرالد باتيرسون عام 1927. واللافت ان هذه الاخطاء لم تتسبب بخسارتها في هذه المباراة، اذ استمرت مسيرتها حتى الدورالرابع، الذي اقصيت فيه على يدي الفرنسية ماري بيرس، علماً انها لم ترتكب الا 5 اخطاء مزدوجة. وغابت كورنيكوفا عن بطولة فرنسا المفتوحة، ثم شاركت في بطولة ويمبلدون البريطانية من دون مدربها الذي فسخت عقدها معه بعد خروجها امام باربرا شيت من الدور ربع النهائي في دورة ايستبورن، وتسبب ذلك باقصائها على يدي فينوس وليامس من الدور الرابع. وتجدد غيابها في بطولة الولاياتالمتحدة المفتوحة، علماً انها كانت استعانت للاشراف عليها بخدمات المدرب الهولندي اريك فان هاربن، قائد مسيرة انجازات غراف في السابق، وكذلك بعض مراحل تألق الاسبانية كونشيتا مارتينيز، وعراب صعود نجم السويسرية شنايدر، قبل ان تختتم موسمها بخروجها امام بيرس من الدور الاول في بطولة الماسترز، لتحتل المركز ال12 في التصنيف العالمي. وشكل عزاء كورنيكوفا الوحيد في عام 1999 احرازها خمسة القاب في الزوجي مع هينغيس، أهمها في بطولة استراليا المفتوحة والماسترز، وهما اختيرتا بطلتا العالم للزوجي. فان هاربن الضحية وبدا ان فان هاربن قادر على منح مسيرة كورنيكوفا الدفعة الكبيرة والسريعة على صعيد النتائج، بعدما ساهم في تأهلها الى الدور نصف النهائي في ست دورات، هي سيدني الاسترالية وبيرسي الفرنسية واريزونا وفلوريدا وكاليفورنيا وسان دييغو الاميركية. وكان الاهم في هذه الانجازات تقديم كورنيكوفا افضل عروضها في مسيرتها الاحترافية القصيرة بإعتراف الخبراء جميعهم، وخصوصاً في دورتي كاليفورنيا وسان دييغو، اللتين حققت فيهما انتصارين ثأريين على الاميركية دافنبورت والفرنسية توزيا، لتنهي سلسلة طويلة من الاخفاقات امامهما. وفي الوقت الذي اعتقد الجميع ان الالقاب باتت مسألة وقت فقط بالنسبة لكورنيكوفا، حصلت مفاجأة اقالة فان هاربن من قبل والدتها في دورة مونتريال الكندية التي تلت مباشرة دورة سان دييغو، والتي خرجت فيها من الدور الثالث امام الاميركية سيرينا ويليامس . وكانت الذريعة، اضافة الى عدم احرازها الالقاب، عدم تكيف كورنيكوفا مع منهجية التمارين القاسية التي اعتمدها المدرب الهولندي، والتي شكلت عموماً ركيزة اسلوبه التدريبي، علماً انها كانت تسببت بانهاء ارتباطه بالاسبانية مارتينيز في السابق. اما فان هاربن فبرر الاقالة بعدم توافر الاجواء المثالية لعمله، خصوصاً على صعيد الهالة الاعلامية الكبيرة المحيطة بكورنيكوفا، ومعارضته واقع الحضور المكثف للمصورين لحصصها التدريبية، والذي يبلغ الآلاف احياناً، واعتراضه على والدتها متهماً اياها بتشجيع هذه الظاهرة. يذكر ان الهالة الاعلامية توفر لكورنيكوفا الايرادات المادية الاكبر والتي تتجاوز ال14 مليون دولار سنوياً ومن بينها ارباح عملها في الاعلانات وخصوصاً في ترويج ماركة شهيرة للملابس الداخلية النسائىة، في حين تحصل على نحو 748 الف دولار فقط من المباريات. ومهما كانت معطيات الاقالة نجحت كورنيكوفا نسبياً في مواصلة طريق النتائج الجيدة، وبلغت نصف نهائي دورتي لوكسمبورغ، التي خسرت فيها امام البلغارية مغدالينا مالييفا، ونهائي دورة الكرملين التي انهزمت فيها على يدي السويسرية هينغيس. وهي عزت تراجعها الجزئي، والذي ظهر خصوصاً في عدم تخطيها عقبة هينغيس مجدداً في ربع نهائي دورة فيلادلفيا التالية، ونصف نهائي بطولة الماسترز للسيدات الى ارهاقها نتيجة خوضها دورات وبطولات عدة هذا الموسم. ومع انطلاق منافسات العام الحالي، نجحت كورنيكوفا في بلوغ الدور ربع النهائي في احدى البطولات الاربع الكبرى للمرة الاولى منذ عام 1997، في بطولة استراليا المفتوحة التي اقصيت فيها في هذا الدور على يدي الاميركية ليندسي دافنبورت 4-6و2-6، الا انها اظهرت باعتراف المراقبين جميعهم اسلوب لعب متطور خصوصاً لجهة فاعلية ضربات الارسال والضربات الامامية العرضية. واعقب ذلك بلوغها الدور نصف النهائي في دورة طوكيو الدولية، والتي تجددت فيها خسارتها امام دافنبورت 1-6و6-7وصفر-6، قبل ان تغيب عن المنافسات فترة شهر بسبب الاصابة.