بالطبول والأغاني الفيروزية المحرفة الكلمات لتتلاءم مع المناسبة، احيت منظمات شبابية وطالبية حزبية غابت اليسارية منها الحزب التقدمي الاشتراكي والشيوشعيون وحركة الشعب، ذكرى "مجزرة اليونيسكو التي ارتكبها العماد ميشال عون وذهب ضحيتها عشرات الأطفال بين قتيل وجريح"، باعتصام في المكان الذي قُصف في 14 آذار 1989 حين اطلق عون حرب التحرير ضد الوجود السوري. وهو اول احياء للذكرى منذ ارتكابها قبل اثني عشر عاماً، وبعد ايام على تحرك طالبي قام به التيار العوني ضد الوجود العسكري السوري بالقرب من مؤسسات تربوية. جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية الاحباش كانت اكثر الجهات حشداً. ولم تكتف بتلامذة المدارس التابعة لها، بل جاءت بأمهات وحتى بسيدات مسنات وكثرت الرايات الصفر التي ترمز اليها. وغطت المكان بملصقات تحمل صوراً للمجزرة باللونين الأبيض والأسود كتب عليها "شارون " عون = تهديدات " فتنة داخلية"، وحملت توقيع "جمعية شباب المشاريع". ورفعت ايضاً لافتات منها "حاكموا ميلوسيفيتش لبنان: ميشال عون"، ورددت هتافات منها "3-2-1 شارون وعون واحد" و"لا لا يا مية ألف لا ما في رجعة لعون على بلادي كلها". ثاني المنظمات حشداً كان الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي كثر حملة اعلامه وهتفوا "تحيا سورية". ورفع بعضهم لافتات تضمنت اقوالاً للرئيس الراحل حافظ الاسد. وشاركت حركة "أمل" بأعداد مماثلة من طلاب وشبان حملوا اعلامها ولافتات كتب على احداها "لا يحق لجزار الاونيسكو ادعاء شرف الحفاظ على السيادة". وكان "حزب الله" حاضراً من دون حشد. وتبارت منظمات وجمعيات اقل حضوراً على الساحة الجامعية والطالبية ك"شباب الاتحاد الاشتراكي العربي" الذين رفعوا ملصقات حملت صوراً من مجزرة الاونيسكو وذيلت بجملة "وصمة عار على جبين ميشال عون" وجمعية "الدعاة" التي اكثر مناصروها من اللافتات التي تحمل اسم الجمعية وواحدة كتب عليها "سورية نوالي من يواليها ونعادي من يعاديها". وانضم الى المعتصمين "شباب الطليعة" حزب البعث الذين رفعوا صورة للرئيس بشار الاسد ذيلت بجملة "انت الأمل". وشاركت مجموعات اخرى باسم "شباب الاتحاد" و"شباب المستقبل" وجمعية "شبيبة الأرز" و"حركة الناصريين الديموقراطيين". وثمة طلاب قلة حملوا اعلاماً لبنانية وبضع صور لرئىس الجمهورية اميل لحود ولم يشاركوا الحضور هتافاته، اذ لم يتوحد على واحد منها. بل كان كلما هتف البعض "الله اكبر مشاريع" رد آخرون "يا الله يا الله احفظ لنا حزب الله". وعلا صوت آخرون "تحيا سورية". وكانت الحماسة تخفت او تشتد مع توالي الخطباء ممثلي الحضور على الكلام، من منبر ظللته شجرة تبارى شبان تسلقوها على ايصال اعلامهم الى النقطة الأعلى. اول المتحدثين كان النائب علي حسن الخليل الذي اكد "اهمية العيش المشترك وتحرير مزارع شبعا واطلاق الأسرى في السجون الاسرائيلية وتمسكنا بخيار التوحد مع سورية ولن ننسى انها دفعت آلاف الشهداء من اجل بقاء لبنان وقوته ووحدته ومن يحاول تصوير موقف لبنان متعارضاً مع الموقف السوري مخطئ". ولام المتحدث باسم جمعية "المشاريع" الطلاب الذين تحركوا الاسبوع الماضي "ولم يتحركوا حين كان الاحتلال الاسرائىلي في الجنوب بل دافعوا عن العميل لحد ولا يزالون عن عناصره". وذكّر المتحدث باسم الحزب القومي "باحتضان سورية المقاومة". وسأل عن سبب "كل هذا العداء لها حتى اضحى الخطاب عنصرياً". ودعا "الشباب المضلل الى مراجعة التاريخ والتمرد على القيادات التي تحاول استغلالكم"، مشدداً على "الحوار الجدي ودعونا ندرس تجربة الحرب ونتفق على عنوان واحد: العداء لاسرائيل وتعزيز العلاقة مع الشام". ورأى المتحدث باسم "شبيبة الأرز" ان "العلاقات لا تبنى بالعصيان المدني"، فيما اعتبر ممثل "حزب الله" ان "من الظلم اعتبار الوجود السوري في لبنان احتلالاً" مع تأكيده "ان من حق كل مواطن التعبير ولكن من دون اجراءات استفزازية، والمطلوب ابعاد القضايا الخلافية عن الواجهة". ورفض ممثل "شباب المستقبل" ما يزعزع الاستقرار الداخلي، داعياً الى "الحديث عن ايجاد فرص عمل للطلاب وتحسين الوضع المعيشي". وأيد المتكلم باسم "الدعاة" ما جاء في البيان الوزاري عن الوجود السوري. الاعتصام الذي امتد اكثر من ساعة بالقرب من قصر اليونيسكو وشارك فيه اكثر من ألف شخص كان على مرأى من المشاركين في مؤتمر المحامين العرب، فيما تولى رجال الأمن الداخلي تحويل السير بعيداً من المكان. وكانت اعتصامات مماثلة اقيمت في وسط مدينة طرابلس وفي بعلبك ورفعت لافتات مؤيدة لسورية ورددت هتافات ضد عودة عون. الحزب الشيوعي الذي لم يشارك في تحرك امس اوضح ان "التظاهرات والتظاهرات المضادة التي حصلت اخيراً ارتدت كلها طابعاً طائفياً مقيتاً". ولفت "القوى السياسية المختلفة في البلاد الى ان اللعب بالعواطف الطائفية على تنوعها واختلافها وتناقضاتها يحرق في الدرجة الأولى ايدي اللاعبين انفسهم ويسيء الى سمعة البلاد وأمنها". وفي رد على اعتصام اليونيسكو اصدر "التيار الوطني الحر" العوني بياناً وصف فيه المعتصمين بأنهم "جمهور من المخابرات السورية ومن انصار الخطاب السياسي الرسمي". وأشار الى لافتة حملها هؤلاء كتب عليها "من اجل منع ترحيلكم بالبواخر وحفاظاً على التوازن الوطني"، واعتبرها تهديداً بترحيل الفريق المطالب بخروج الجيش السوري. وأعلن البيان ان مدفعية الجيش السوري ارتكبت مجزرة اليونيسكو. وكرر التيار "المطالبة بلجنة تحقيق دولية من منظمات حقوق الانسان وباشراف الأممالمتحدة في المجزرة، وأعلن انه باشر اتصالاته بالمنظمات الدولية لجلاء الحقيقة مطالباً بأن تتمكن من الاطلاع على السجلات العسكرية والأدلة المادية وإفادات الموجودين في الخارج مع ضمان سلامتهم.