أول الكلام: لشاعر مكةالمكرمة الكبير/ محمد حسن فقي: - وما كنتُ تيّاهاً بعقلي، فأزدري سوايَ... وجاءتني الزِّراية من غيري ولو كنت أدري... بادرَتْه زرايتي ولكنني - يا للعماية - لا أدري دلفت الى شيخوختي: مترنِّحاً وما زلت طفلاً في الخديعة والمكر!!
عندما اختار الشيخ/ أحمد زكي يماني عنواناً ورمزاً لجائزته السنوية في الثقافة والعلوم والإبداع التي يشعل أضواء مهرجانها في القاهرة كل عام... كان اختياره قد انصب على شاعر مكةالمكرمة الكبير/ محمد حسن فقي، فارتبط اسم الجائزة بهذه المدينة المقدسة الأولى وباسمه: جائزة شاعر مكةالمكرمة... ويومها قال هذا الشاعر المكنون في دفء مكةالمكرمة وروحانيتها: - ان الشيخ/ أحمد زكي يماني قد شرّفني وملأني طُهراً ونقاء حين مزج اسمي بمكةالمكرمة... وهذه اللفتة وحدها: تكريم لمشواري الطويل بالشعر!! - وقلت للشيخ/ احمد زكي يماني في أجواء مهرجان العام الماضي: مثل هذه الجائزة لا تُكرم بها أشخاصاً معينين، ولا أعمالاً أدبية وابداعية فقط... لكنك فوق هذا التخصيص: انت تثري المجتمع الثقافي العربي بنفحات من قدسية "مكةالمكرمة" وجلالها كاسم/ رمز في وجدان الذين تستقطبهم جائزتك وتُكرِّمهم!!
واليوم في "وحدة" الشاعر الكبير/ محمد حسن فقي التي اتكأ داخلها، وقد بات يعاني من أوجاع الجسد، وأوجاع الأصداء، واضمحلال ظلال الناس الذين كانوا يبرّونه بالزيارة حتى كاد يشعر ان الحياة تخلو من ناسها!! في هذا المناخ من ثمالة الحياة والعمر - اطال الله في عمره - يتحسس الشاعر الكبير كل ذرة، ونأمة، ولمحة في أبعاد وحدته... وكأنه لم يبق له في هذه الدنيا إلا الشعر: رفيقاً، وأنيساً، وصاحباً، ومحاوراً، ومفجّراً لصمته وصمت الحياة من حوله... حتى قال: - أين أصحابي وأهلي؟! ذهبوا للموت قبلي وأنا المكدود من دنيايَ، تُبقيني لثَكْلي انها دنيا خرافات، وأوهام، ودَجْل! َانها دنيا حزازات، وأحقادٍ، وخَتْل انما الإقبال في شرعتها مثل التوليّ ليس من راح بإنجاز، كمن راح بِمَطْل انهم اشباح أطماع... تُجازيهم ببُخْل!!
وهذا الأنين الذي تردده أصداء وحدته وصمت الدنيا من حوله... انما هو حصاد ذلك الفقد الأقسى الذي مُنيَ به الشاعر لأعز الناس لديه: ابنة فارعة الشباب/ اختطفها الموت في وهجها، وابن/ رجل في دفء البنوّة التي يمنحها لأب متقاعد حتى عن الضحك: اختطفه الموت أيضاً منذ شهور! فماذا تراه يقول هذا الشاعر، وفي صوته شرخة الأنين، ووجع الحنين، وكثافة الغربة في خلوّ حياته من الأحباب؟!! من أحدث ما ابدعت شاعرية "شاعر مكةالمكرمة"/ محمد حسن فقي هذه الرباعية التي نقفل بها هذا العمود، ولا نفتأ نتحدث عن تاريخ حافل بالإبداع شكل حياة هذا الشاعر الكبير: - جُبْتُ الحياة لأطمئن، فزادني جَوْب الحياة: وساوساً وشجونا إني لأشعر في الحياة... كأنني: قد عشت من فَرْط العذاب: قرونا ماذا أريد؟! ولستُ أعرف غايتي أأريدُ مجداً... أم أريد فتونا؟! في قسوة الأيام: بعض هنائها فلقد غدوتُ من الخطوبِ: حنونا!!