أدى قيام الجمهورية الإسلامي في ايران عام 1979، الى انعكاس فكرها وممارستها على الشيعة في لبنان، فانصبت اهتمامات البحث العلمي على دراسة هذه الظاهرة الجديدة للإسلام المعاصر. من المؤلفات التي صدرت حديثاً كتاب الإسرائيلي شمعون شابيرا "حزب الله بين ايرانولبنان"، وفي المانيا، صدر كتاب ستيفان روزيني بعنوان "الإسلامية الشيعية في لبنان". قسم روزيني كتابه الى ثمانية فصول. حدد في الفصل الأول مفهومه للإسلامية على انها "ايديولوجية دينية تسعى الى التغلغل بشكل تام في كل أوجه الحياتين الاجتماعية والسياسية للمجتمع من خلال تفسير جديد للإسلام". ص2. ويعتقد "ان الصحوة الشيعية ظهرت أولاً في لبنان وليس في ايران، وعلى يد الإمام موسى الصدر الذي تزعَّم الحركة المطالبة بتحرر الشيعة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ضمن النظام الطائفياللبناني" - هذه الصحوة السياسية جاء التعبير عنها من خلال تأسيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" وحركة المحرومين اللبنانيين حركة أمل. ويرى المؤلف ان الحركة الإسلامية الشيعية بلغت ذروتها في النصف الأول من السبعينات، ثم خسرت من زخمها بعد اندلاع الحرب الأهلية. لكنها استعادت فاعليتها السابقة من خلال اختفاء الإمام الصدر وانتصار الثورة الإسلامية في ايران والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. ويشير الى ان الحركة الإسلامية سعت بعد عام 1982 الى أسلمة المجتمع اللبناني على النموذج الإيراني بأساليب سلمية. لكنها تخلت عن مشروعها لاحقاً بسبب رفض معظم اللبنانيين له، ومن بينهم فئات من الشيعة، الى جانب عدم نضوج الظروف الاقليمية لتنفيذ هذا المشروع. في الفصل الثاني الصراع في لبنان، يرى الباحث "ان الاجتياح الإسرائيلي للبنان في آذار مارس عام 1978 كان محطة فاصلة تغذت منها الحركة الشيعية أمل، في حين ان اجتياح عام 1982 واحتلال قسم من جنوبلبنان كانا محطة لميلاد الحركة الإسلامية" ص 61. ومنذ ظهور حزب الله عام 1983، أصبح هناك منافس شيعي لحركة أمل. فيسلط الضوء على تنافسهما للسيطرة على القرار الشيعي، ويرى ان مركز حزب الله تعزز نتيجة مقاومته للاحتلال الإسرائيلي. بعد ذلك يتناول بالتفصيل الجانب البنيوي للصراعات اللبنانية، ويعالجها ضمن أربعة محاور تتعلق بأشكال الهوية والاندماج. وهذه المحاور هي: الطائفية السياسية والعلاقة الزبانية والمناطقية والعائلية. شكلت الأولى صيغة ازدواجية - اندماجية لمنع اضطهاد الطوائف لبعضها، لكن سيئاتها تفوقت على حسناتها بالنسبة الى الشيعة، وخصوصاً في ما يتعلق بقاعدة التناسب الطوائفية وتوزيع المناصب التي لم تأخذ في الاعتبار النمو الديموغرافي للشيعة، وهو ما جعلهم يتهمون الموارنة بالتسلط على النظام اللبناني والتأسيس "لهيمنة مسيحية" ص 71. وفي شأن العلاقات الزبانية، يرى انها اختلفت من طائفة الى أخرى. فقامت بها الأحزاب والكنيسة والمدرسة عند الموارنة، وتمركزت في يد الزعيم الفردي عند السنّة. أما بالنسبة الى الشيعة، فافتقر زعماؤهم الى وسائل فاعلة وكافية ليلعبوا دوراً وسيطاً بين طائفتهم وبين الدولة، وخصوصاً في بيروت، إذ لم يتمثلوا برلمانياً بما ينسجم مع حجمهم الديموغرافي. وخلال الحرب الأهلية، تحولت الزبانية من الزعيم الإقطاعي - البورجوازي الى القائد الحزبي - الميليشياوي. وفي شأن المناطقية، يرى انها ارتبطت بالتجانس الطائفي والمذهبي وتمحورت حول الدائرة الانتخابية من جهة، وارتبطت بالتبعية والطائفية السياسية والعلاقات الزبانية من جهة أخرى. كما يبرز روزيني الدور المهم للعائلية في الحياة البرلمانية اللبنانية وفي التضامن العائلي، ويعتبرها طبقة سياسية تنتج نفسها من خلال دوائر عائلية صغيرة. الفصل الثالث شيعة لبنان، يعالج ثلاث مسائل رئيسية: 1 - رموز الأسلامية الشيعة التي كانت حافزاً نهضوياً بالنسبة الى الطائفة أئمة أهل البيت علي والحسن والحسين والمهدي المنتظر والعلماء محمد باقر الصدر وموسى الصدر ومحمد حسين فضل الله وآية الله الخميني وكربلاء وعاشوراء والنجف وقم" 2 - العلاقات الشيعية - الشيعية ودور ايران في ذلك" 3 - موقف الشيعة من نظام أمين الجميل. وفي المسألة الثانية، يحدد أوجه الخلاف بين حزب الله وايران من جهة وحركة أمل من جهة أخرى، وأبرزها دعوة الأولين الى حصر ولاية الفقيه في شخص الإمام الخميني، ورفض الحركة ان تمتد سلطة الخميني السياسية وصلاحياته على لبنان. ولا يقتصر هذا الموقف الرافض على حركة أمل، حيث يذكر ان السيد محمد حسين فضل الله انكر بدوره حصر قيادة الأمة الإسلامية بشخص الخميني فقط. يرى المؤلف ان تصدير ايران ثورتها الإسلامية الى لبنان تسبب في تفسخ وانشقاق داخل الطائفة الشيعية تبلورا في السنوات 1978 و1982 من خلال قيام تيارات ثلاثة: سياسي علماني حركة أمل" متأثر بالثورة الإيرانية يخضع لولاية الفقيه حزب الله" وتيار أخير يرفض كلاً من العلمنة واقامة حكم اسلامي في لبنان الإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين والمفتي الشيخ عبدالأمير قبلان. في احدى المناسبات أعلن الإمام شمس الدين ان "فكرة نظام اسلامي في لبنان أو حكم اسلامي يقوم على الشريعة، ينسجمان مع روح الإسلام وشكله كدين وقانون". لكن شمس الدين كان يعي من ناحية أخرى "ان دولة اسلامية تصلح فقط للمجتمعات الإسلامية التي تسود فيها غالبية إسلامية، وليس في لبنان، لأن الشيعة هم لبنانيون أولاً ثم مسلمون ثانياً وشيعة ثالثاً" ص 113. من هنا، دعا الى تحالف وطني بين اللبنانيين، فيما دخل نبيه بري في لجنة الانقاذ عام 1982 ثم في الحكومة عام 1984 للسبب نفسه. كانت هذه التطورات كافية لحصول انشقاق في حركة أمل حسين الموسوي وافتراق الإسلاميين الشيعة عن الحركة الشيعية، ودخولهم في مواجههات عسكرية ضد بعضهم بعضاً منذ عام 1988. يخلص المؤلف الى ان موقف حركة أمل المعتدل تجاه نظام أمين الجميل وتحفظها تجاه انعكاس تصعيد عسكري متطرف ضد اسرائيل على الجنوب، جعل الكثير من أعضاء الحركة يتحولون الى حزب الله، خصوصاً وان التنظيم الأخير تفوق على حركة أمل في حجم المرتب الذي كان يدفعه الى مقاتليه، وتمكن بالتالي من استقطاب نحو 20 في المئة من الشيعة ص 159 - 160. خصص الباحث روزيني الفصل الرابع للحديث عن "الحركة الإسلامية في لبنان". فأشار الى أولى المحاولات لتأسيس "حزب الله" حدثت في العراق عام 1969، من دون ان تؤدي مع ذلك الى نتيجة، بسبب رفض أحد المشاركين، وهو الإمام موسى الصدر، مشروع دولة اسلامية في لبنان وتفضيله اصلاح النظام السياسي اللبناني بالتعاون مع المسيحيين ص 123. ويعتقد ان ابعاد النظام العراقي الرموز الشيعية اللبنانية الى لبنان بعد عام 1978، أثر ايجاباً على نهوض الحركة الإسلامية اللبنانية. فاستقر عباس الموسوي وجماعته في البقاع، في حين شكل تلامذة محمد باقر الصدر، راغب حرب وحسن نصرالله وحسين كوراني وصبحي الطفيلي، نواة مدرسة فكرية. وما لبث هؤلاء الآخرون ومعهم مؤسسات ومنظمات واتحادات وتجمعات شيعية تعمل تحت شعار الإسلام، أن أسسوا مجلساً قيادياً لحزب الله. ومنذ مطلع عام 1983، بدأ الحديث علناً عن "حزب الله" في البقاع، وتأسس مجلس "شورى القرار"، هذا إضافة الى لجان في المناطق. وفي أيار مايو 1984، تأسس الحزب رسمياً، وضم مكتباً سياسياً، وأصدر مجلة أسبوعية، وفي السنوات التالية، توسع اعلامياً ودعائياً. ومنذ عام 1989، يعقد الحزب مؤتمرات يختار خلالها أمينه العام. أما القرارات، فتتخذ من قبل ثلاث قوى: شورى القرار والأمين العام والمرشد الروحي للحزب السيد محمد حسين فضل الله. على ان ما يميز المرحلة بعد عام 1982، هو وصول حرس الثورة الإسلامي الى لبنان. وعمل هؤلاء في مجالات التثقيف السياسي وتشكيل وحدات عسكرية كالمقاومة الإسلامية والجهاد الإسلامي وأمل الإسلامية، وأخيراً، انشاء مؤسسات بنية تحتية تهتم بالعمل الاجتماعي والاقتصادي والخدماتي، شكلت القاعدة الاجتماعية - السياسية لحزب الله. ينتقل المؤلف بعد ذلك للحديث عن سيرة رجال الدين الشيعة اللبنانيين وأعضاء الحركة الإسلامية وأتباعها وجماعاتها. ما هي الجذور الاجتماعية والثقافية لأعضاء حزب الله، وكيف يؤثر هذا على القاعدة الجماهيرية؟ يجيب روزيني بأن شبكة الخدمات الاجتماعية - الاقتصادية - الخدماتية التي انتشرت في مناطق الاكتظاظ الشيعي، أرست نفوذ حزب الله بين أصحاب المداخيل المتدنية وممن لا يحملون شهادات تعليم. ويرى ان التعاطف مع الحزب يصل الى المثقفين لاعتقادهم ان العلمانية فشلت في حل المشكلات الاجتماعية - الاقتصادية والسياسية، وان المقاومة الإسلامية هي التي تقدم البديل الجهادي - الاستشهادي ضد اسرائيل. كل هذه العوامل مكّنت حزب الله من دخول المجلس النيابي عام 1992 بثمانية مقاعد، بعدما شهد تحولات فكرية - سياسية دفعته للانتقال الى العقلانية والتخلي عن مشروعه الهادف الى انشاء دولة اسلامية، وبالتالي ارتداء ما يشبه ثوب المعارضة الإصلاحية ص 160 - 161. يستهل المؤلف الفصل الخامس التصورات الاجتماعية - السياسية للحركة الإسلامية، بالحديث عن صورة العدو لدى الإسلاميين التي تلعب دوراً مركزياً في الشحن الإيديولوجي والتعبئة والمواقف السياسية. هناك ثنائية في اللغة المستعملة من قبل الأصولية: حزب الله وحزب الشيطان" الإسلام الصحيح والكفر والجاهلية" المستضعفون والمستكبرون، الظالمون الامبريالية والاستعمار والمظلومون الخ... الأعداء الرئيسيون لحزب الله قبل اتفاق الطائف هم: الولاياتالمتحدة واسرائيل وفرنسا والميليشيات المسيحية، والشيطان الأكبر هم: الولاياتالمتحدة واسرائيل والاتحاد السوفياتي. وموقع لبنان في هذا كله، هو انه من مناطق الصراع بين الإيمان والهرطقة، وبين الإسلام والجاهلية. توصف الدولة اللبنانية بأنها صنيعة الإمبريالية الغربية، وأن فرنسا أقامت نظاماً سياسياً طائفياً حمى امتيازات الموارنة. بعد الطائف، جرى التخلي عن صورة العدو التقليدية الكتائب وفرنسا خصوصاً وحوّل الى خصم سياسي. وفي هذا الفصل، يعرض الباحث انتقاد حزب الله العلماء المحافظين لتحويلهم الإسلام الى مجرد شعائر. تأخذ مسألتا النزاع بين حزب الله مع البنى المحافظة داخل الطائفة الشيعية وفهم الإسلام بصورة تقليدية، أهمية قصوى في هذا الشأن. في منتصف عام 1983، تساءلت "الحركة الإسلامية في لبنان" بالقول: "متى يتخلى المسلمون أخيراً عن علمائهم السيئين؟ ومتى سيحاذر المسلمون خطباء الحكام؟ ومتى سيلعنون فقهاء السرايات والقصور؟" ص 179. من هنا، تدعو الحركة الإسلامية الى تنقية التعاليم الإسلامية مما علق بها من عناصر غريبة عن تعاليم الرسول. فترفض التطبير ولعن الخلفاء في احتفالات عاشوراء وما تسببه من سخرية واشمئزاز، وتقدم نفسها على انها البديل عن الفهم التقليدي للإسلام ص 181 - 183. ان فهماً جديداً للإسلام يستلزم، طبقاً للحركة الإسلامية، توحيد كل القوى الإسلامية واستخلاص كل الحلول للمسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وبالتالي تقديم فهم جديد للتاريخ والمستقبل. ان توحيد الفرد والمجتمع والقوى الإسلامية وصولاً الى ادعاء العالمية، ضروري لتجييش الجماهير ضد اسرائيل والإمبريالية وتحالفهما مع العلمانية ص 185. يشير روزيني الى ان الإمام الراحل شمس الدين كان أبرز الذين تناولوا مسألة تكامل الفرد مع المؤسسة الاجتماعية، واعتبر ان التربية وسيلة لتوحيد الشخصية الإنسانية، كي لا يتحول المرء الى رقم في المجتمع. كما يقتبس عن السيد محمد حسين فضل الله دعوته الى توحيد السنّة والشيعة، وضربه مثالاً حول ذلك بسماح الإمام الخميني للإيرانيين في مكة بالصلاة خلف إمام سني ونهيه عن توجيه النقد الى الخلفاء الراشدين. يبحث المؤلف بعد ذلك مسألة النظام الاجتماعي الإسلامي الذي سعت الإسلامية الشيعية الى تطبيقه في لبنان. منذ عام 1983، بدأ الحديث عن الإسلام كدين ودولة وصولاً الى اقامة دولة اسلامية من قبل علماء الدين وقيادة الإمام الخميني كولي الفقيه. ان ما مكّن الإسلاميين الشيعة من طرح مشروعهم واعتباره حلاً نهائياً للمشكلات التي فشل النظام الطائفي - السياسي اللبناني في ازالتها، هو الدمار الذي لحق بالبنى التنظيمية للأحزاب اليسارية بعد الاجتياح عام 1982 وتخلخل نظام أمين الجميل وبالتالي توطيد الإسلاميين لقواعدهم الاجتماعية وتحريك مقاومة الشيعة وسخطهم على الأوضاع. من هنا، جاء "مشروع دستور الدول الإسلامية" آذار 1986 ل63 شخصية شيعية وسنية دينية لبنانية اجتمعت في ايران. يحصر الدستور السلطات في أيدي المسلمين بصفتهم أكثرية ديموقراطية الأكثرية. واستغلته القيادات المارونية لاخافة أبناء طائفتها وجعلهم يلتفون بالتالي حول مشروع الكانتون المسيحي. حركة أمل اعتبرت الدستور "خيانة للأمة العربية والإسلامية" ص 216 - 219. فيما رآه الكثر من المراقبين مشروعاً خيالياً بعيد المنال، بسبب الخلافات بين الشيعة والسنّة، وبين الشيعة أنفسهم، على شكل الشريعة التي يجب ان تطبق، وفوق كل شيء، حول الوسائل التي يجب ان تتبع للوصول الى الدولة الإسلامية، الثورة أم الحوار؟ السؤال المركزي الذي يطرحه الباحث في الفصل السادس التحول النفسي الاجتماعي الى الحداثة في الفكر الإسلامي المعاصر، هو: لماذا كان في إمكان حركة دينية - سياسية شيعية ان تخطو في عملية التحول من مجتمع تقليدي الى مجتمع حديث؟ يجيب المؤلف عن ذلك برصد العوامل التي وضعت الشيعة على طريق الحداثة، وهي: الحركة الإصلاحية للإمام الصدر التي اتجهت ضد البنية الاجتماعية التقليدية وضد الزعامات الشيعية" ممارسة الشباب دوراً رائداً في المقاومة" احتلال رجال الدين الشبان مناصبهم بعيداً من الوراثة" تغير دور المرأة الاجتماعي واقبالها على التعليم ونزولها الى سوق العمل وتحسن حقوقها نسبياً تجاه الرجل" دعوة الفقهاء الشيعة الى اعطاء المرأة الحرية في اختيار شريكها وتقرير مصيرها" مشاركة المرأة في الاحتفالات الحزبية والانتخابات والمقاومة العسكرية" تسهيل الزواج وتحريره من التقاليد الاجتماعية، موافقة شمس الدين وفضل الله على التنظيم الأسري بوسائل منع الحمل" فض المنازعات من طريق التحكيم والاجتهاد في الأحكام. في المقابل، يشير الى استمرار النظرة التقليدية الى المرأة من خلال الإصرار على منعها من تولي مراكز قيادية باستثناء شمس الدين وفضل الله والدعوة الى عدم اختلاطها بالرجل، فضلاً عن تعدد الزوجات وامكانات الزواج والطلاق المتعددة، التي تقف جميعها عائقاً أمام ولوج الحداثة ص 321. ينتقل روزيني بعد ذلك للحديث عن الإسلام كإيديولوجية تغييرية، وكيف ان الإمام الصدر استخدمها لإجبار النظام اللبناني على تحسين أوضاع الشيعة. ويقرر ان هذه الحركة لم تتحول الى تغييرية الا منذ الثمانينات مع نهوض الإسلامية الشيعية. ويختم كتابه بالقول ان الحركة الإسلامية والحركة الشيعية ظهرتا من خلال الأزمة الاجتماعية التي مر بها لبنان، وأنهما أثبتتا نفسيهما ايديولوجياً عبر استقطاب الأتباع وتحقيق طموحاتهما مستغلتين التناقضات في لبنان ومحيطه. فطورتا دينامية لافتة للنظر، وأقامتا قنوات اتصال بين التقليد والحداثة. يبقى هناك تساؤل قابل للنقاش وهو: هل التغيرات التي طرأت على فكر الحركة الإسلامية في نظر المؤلف، والتي لامست الشكل ولم تمس بالجوهر، كافية لولوج الإسلامية الشيعية طريق الحداثة؟ كما لا يبين الباحث بعمق مدى استجابة القاعدة الجماهيرية الإسلامية الشيعية لمفاهيم الفكر الإسلامي. الى ذلك، لا يغوص في كيفية علاقة حزب الله بقواعده الجماهيرية، ولا دينامية عمل شبكة مؤسساته الاجتماعية والخدماتية أو الحوزات الدينية ودورها في الاستقطاب والاستنهاض. أخيراً، يشير عرضاً الى التكافل الاجتماعي داخل الطائفة الشيعية ونفوذ المرجعيات الدينية ودورها في جمع الخُمس والزكاة. من هنا، جاءت دراسة سطحية لهذين الجانبين المهمين. * أستاذ في الجامعة اللبنانية.