يُعتقد ان منظمة "اوبك" تتجه في الاجتماع الوزاري الدوري، الذي سيُعقد في فيينا الجمعة المقبل، الى خفض انتاجها بما يراوح بين 500 الف و750 الف برميل يومياً بين خمسة وسبعة في المئة بعدما يدرس الوزراء حاجة الاسواق الدولية في ضوء "تباطؤ الاقتصاد الاميركي واثر ذلك على الطلب". لندن - "الحياة"، رويترز - تتجه منظمة "اوبك" في اجتماعها الدوري المقبل المقرر في 16 الشهر الجاري الى تحديد حجم الخفض في انتاج النفط الخام الذي يمكن تنفيذه لزيادة العائدات من دون الإضرار بالاقتصاد العالمي الهش. وتقول مصادر "اوبك" انه "اصبح في حكم المؤكد ان تخفض المنظمة انتاجها بنحو 500 الف برميل يومياً على الاقل عندما يجتمع اعضاؤها ال 11 في فيينا الاسبوع المقبل". لكن عدم وضوح بيانات العرض والطلب والقلق من اثر ارتفاع اسعار النفط على الاقتصاد الاميركي اكبر مستهلك للطاقة في العالم، واضطراب امدادات الخام العراقي عوامل تزيد من صعوبة اتخاذ القرار النهائي. ويقول بيتر جينيو رئيس قطاع الطاقة في "شرودر سالمون سميث بارني" في لندن: "تطرح القضايا الآن وهناك حاجة لمناقشة تحليلية اقتصادية شاملة حتى لا ترتكب اخطاء". ويسعى المتشددون في شأن الاسعار، مثل ايران وفنزويلا واندونيسيا، الى خفض الانتاج بمقدار مليون برميل يوميا للابقاء على سعر سلة خامات "اوبك" قريباً من الحد الاقصى للنطاق السعري المستهدف بين 22 و28 دولاراً للبرميل. لكن القلق من ان يؤدي هذا الارتفاع الكبير في الاسعار الى تراجع الطلب يعني ان من المرجح ان تصل المنظمة الى تسوية يتفق بمقتضاها الاعضاء على خفض يبلغ نحو 750 الف برميل يومياً في اجتماع فيينا. ويقول مسؤول من شركة نفط في احدى دول "اوبك" ان المشكلة الاكبر "هي تباطؤ الاقتصاد الاميركي واثر ذلك على الطلب". ويضيف: "مع اخذ الاقتصاد الاميركي في الاعتبار لا يمكن لاوبك على الارجح المجازفة بخفض يصل الى مليون برميل يومياً وهذا الخفض على اي حال ليس من المضمون ان يصل بالاسعار الى المستوى الذي يريديونه. اعتقد ان الارجح ان تخفض اوبك الانتاج بمقدار 700 الف برميل يومياً". ويقول محلل بارز وثيق الصلة بإحدى الدول المتشددة في "اوبك" ان الاسعار قد تنهار "اذا خفضت اوبك انتاجها بأقل من مليون برميل يومياً... ظروف السوق هشة للغاية". وتبدي السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، اهتماماً بالاثر المحتمل على سوقها الاساسية الولاياتالمتحدة وهي قلقة من دفع الاسعار الى اكثر من 25 دولاراً للبرميل. ويقول جيف باين المستشار النفطي في "ستاندارد بنك" ان المسؤولين السعوديين يحاولون الموازنة بين وحدة "اوبك" وطمأنة الولاياتالمتحدة بابقاء مستوى الاسعار قريباً من 25 دولاراً. وعلى رغم ان الولاياتالمتحدة خففت من اسلوب تعاملها مع "اوبك" على عكس سياسة وزير الطاقة السابق بيل ريتشاردسون، تقول مصادر ان ادارة الرئيس جورج بوش اوضحت ان سعر 30 دولاراً للبرميل لخام غرب تكساس القياسي "مرتفع جداً". ويرى تجار ان "اوبك" يجب ان تلتزم تعهداتها بخفض الانتاج مرة اخرى للحفاظ على مستوى الاسعار الذي تستهدفه والا ستواجه انخفاضاً في الاسعار. وعدم خفض الانتاج قد يدفع اسعار النفط الى التراجع نحو ثلاثة دولارات للبرميل. ويقول روجر ديوان المحلل في "بتروليوم فاينانس كومباني" في واشنطن: "نحتاج اوبك لاجراء خفض وقائي ضئيل". وعلى رغم ان "اوبك" تعتقد ان الخفض مطلوب لمواجهة انخفاض موسمي في الطلب، يشير بعض المحللين وحكومات دول مستهلكة الى انخفاض المخزونات ويقولون "ان ارتفاع الاسعار سيشجع الشركات على تأجيل جمع مخزونات جديدة". ويقول باين من "ستاندارد بنك": "السوق لا تحتاج الى خفض على الاطلاق، لكن "اوبك" قد تتمكن من خفض الانتاج بمقدار 500 الف برميل يومياً، وهو ما سيبقي على نقص في العرض في الوقت الذي يشهد عادة عملية ملء المخزونات". وانتقدت وكالة الطاقة الدولية، التي تأسست عام 1974 لحماية مصالح الدول الكبرى المستهلكة للنفط، "اوبك" لمحاولاتها الابقاء على الاسعار عند الحد الاقصى للنطاق السعري المستهدف بين 22 و28 دولاراً للبرميل بصرف النظر عن الاوضاع الاقتصادية. ويقول الان غرينسبان رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي ان ارتفاع اسعار الطاقة عجل بالتباطؤ الاقتصادي الاميركي. ومع ارتفاع سعر "سلة اوبك" الخميس الى اكثر من 25 دولاراً للبرميل 25.11 دولار تراجع خام القياس "برنت" في بدايات التعامل في بورصة النفط الدولية في لندن امس الى حدود 26.50 دولار للبرميل تسليم نيسان ابريل المقبل. ومع انتظار نتائج اجتماع فيينا قال احد المتعاملين في بورصة النفط اللندنية: "الناس تترقب ما سيحدث في الاجتماع... اعتقد ان المسألة تتعلق بحجم الخفض". ويبدو ان السوق استوعبت بدرجة كبيرة امكان خفض الانتاج ما دفع "برنت" الى الانخفاض الامر الذي سيدفع لاحقاً "سلة اوبك" الى التراجع. الموقف الاميركي في مكسيكو سيتي قال وزير الطاقة الاميركي سبنسر ابراهام ان الولاياتالمتحدة تفضل ان تترك الاسواق لتحدد الاسعار، الامر الذي يبدو مؤشراً على العدول عن الجهود التي كانت تبذلها واشنطن سابقاً للتأثير على السياسة النفطية لمنظمة "اوبك". واضاف "ان السياسة الاميركية ليست تحديد سعر مستهدف للنفط لكن ترك الاسواق لتحدد المستويات المناسبة". وكرر ان بلاده ستتبنى ديبلوماسية هادئة للتعامل مع "اوبك" بدلاً من اثارة المسائل علانية. وقال ابراهام، الموجود في مكسيكو سيتي لحضور مؤتمر لوزراء الطاقة من الاميركتين: "اعتقد ان السوق هي التي يجب ان تحرك هذه الاشياء وهذا هو الموقف الاميركي". وأضاف: "موقفنا هو الا نحدد سعراً... وفي الوقت نفسه لا احد بالتأكيد يريد تحركات غير متوقعة في الاسواق او في الاسعار يكون من شأنها الاضرار اقتصادنا". وفي وقت سابق اجتمع ابراهام مع نظيره الفنزويلي الفارو سيلفا، الذي تعد بلاده من الاعضاء البارزين في "اوبك" وثالث اكبر مورد للنفط الى الولاياتالمتحدة بعد المكسيك والسعودية. وقال سيلفا على هامش المؤتمر: "نحن في اوبك نفضل سعراً اعلى من 25 دولاراً للبرميل... والسعر فوق 25 دولاراً لم يحدث مشاكل في الاقتصاد الدولي". لكن وزير النفط المكسيكي ارنستو مارتينز قال انه لا يرى حاجة راهنة لخفض الانتاج. وكرر تصريحات ادلى بها الاسبوع الماضي عن ان الهدف هو تحقيق التوازن بين العرض والطلب، مضيفاً ان احتمال خفض الانتاج يحب ان يؤخذ في الاعتبار لاحقا. ومن المتوقع ان تجري المكسيك، خامس اكبر منتج للنفط، والسعودية وفنزويلا عضوا "اوبك" محادثات ثنائية اوثلاثية في الرياض لتسوية اي تباين في وجهات النظر في شأن سياسات الانتاج قبل ايام من عقد قمة "اوبك" الاسبوع المقبل.