كرمت الأوساط الثقافية اللبنانية، الفنان التشكيلي الشاب حماده زعيتر 1950 - 2000 الذي غيبه الموت باكراً، فهجر ريشته وألوانه، تاركاً مجموعة من اللوحات، متنوعة الموضوعات والتقنيات، كانت هي نواة المعرض التكريمي الذي نظمه أصدقاء الفنان بالتعاون مع وزارة الثقافة، في قصر الأونيسكو. وحضره لفيف من الفنانين الذين عرفوا الرسام الراحل عن قرب وأحبوه، فساهموا في حفل تكريمه، بلوحات ومنحوتات عرضوها أمام الجمهور ومنهم عارف الريس ومارون الحكيم ومحمد عوالي وعادل قديح وبيار كرم وحسان صعب وهدى النعماني وسواهم. درس حماده زعيتر مبادئ الرسم والتصوير في محترفات معهد الفنون الجميلة، أواخر السبعينات. ولعه الكبير بالخط العربي جعله يبرع كرسام في التعاطي مع الأشكال والنماذج الحية. لكنه مثل أبناء جيله عانى مرارة الحرب وانعكاسها على انتاجه. وأقام معرضه الفردي الأول في صالة غاليري اليسار، وهو عبارة عن لوحات مائية تجسد مناظر حية من شارع بلس ومحيط الجامعة الأميركية في بيروت، ثم تحول اسلوبه الى اللمسة اللونية الصغيرة في معالجة موضوع المناظر الريفية الملتقطة من سهول منطقة بعلبك - الهرمل مسقط رأسه. ثم شغلته مهنة التدريس الجامعي في معهد الفنون الفرع الرابع ليتبوأ من ثم منصب رئيس دائرة الترميم في قصر بيت الدين. من انجازاته انه ساهم في ترميم قطع الفسيفساء البيزنطية التي جلبت من الوسط التجاري في بيروت الى متحف الفسيفساء في قصر بيت الدين. واستمر في تصوير المناظر القروية على المساحات الصغيرة لأوراق القطن، لكنه ما لبث ان دمجها بالمظاهر الحياتية ذات النكهة الشعبية، فرسم الأبواب وزخارفها والرموز التي تعكس الطقوس التي يمارسها أهل القرى لإبعاد شر الحسد عن سحر القطاف ومواسم العيد. وكان من أبرز عناوينه التي وسمت انتاجه أوائل التسعينات "أحلام شرقية"، وهي عبارة عن فسيفساء من زخارف وتكاوين وبيوت ريفية تعلو فضاءها نجوم وأقمار وسحابات ألوان. عالج حماده زعيتر مائياته بشفافية ونعومة، تعبران عن روحه وصفائه وحبه للريف اللبناني وللمناخات الشرقية التي أخذه الحنين اليها حتى آخر رمق.