على رغم ان رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ارييل شارون حرص اثر فوزه في الانتخابات، اول من امس، على الكلام عن السلام، إلا انه لم يستطع ان يبدد الحذر والقلق اللذين سادا مواقف مختلف العواصم الغربية والعربية. وإذ ابرق رئيس السلطة الفلسطينية الى شارون مهنئاً فيما ابدت السلطة مرونة واضحة باعلان استعدادها للتفاوض معه، فإن الدوائر الديبلوماسية مالت، غداة الانتخابات امس، الى الترقب والتشاؤم على العكس تماماً من ردود فعلها المتفائلة فور انتخاب ايهود باراك قبل أقل من سنتين. راجع ص 3 و4 وما زاد اجواء التشاؤم ان النتيجة النهائية 62.5 في المئة من الاصوات لشارون و37.4 لباراك كانت قاسية الى حد اضطرار زعيم حزب العمل للاعتزال، بمقدار ما شكلت ايضاً هزيمة قاسية ل "مؤيدي السلام" في المجتمع الاسرائيلي. ولم يساهم الوضع الجديد لشارون، كرئيس وزراء منتخب، في تغيير صورته لدى الرأي العام الدولي. ولن يساعده في تلميع صورته اتجاهه الى تشكيل حكومة يمينية ضيقة. لذلك سارعت الولاياتالمتحدة الى اطلاق حملة اتصالات ديبلوماسية على مستويات مختلفة، خصوصاً مع السلطة الفلسطينية والعواصم العربية الرئيسية، بغية تجنب ردود الفعل السلبية وتغليب التريث واعطاء شارون فرصة لتشكيل حكومته ومن ثم للحكم عليه من خلال اعماله لا من خلال تاريخه. واعلنت واشنطن، بلسان وزير خارجيتها كولن باول، ترحيباً غير مسبوق بالتعاون مع اوروبا والامم المتحدة لإعادة تحريك "مفاوضات السلام" - وليس "عملية السلام" - وفقاً للمصطلح الذي باتت تفضله الديبلوماسية الاميركية الجديدة. وأعرب رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي عشية زيارته الى كل من الاردن ولبنان وسورية عن الامل في ان يتصرف شارون "بمثابة رئيس وزراء اسرائيل وليس بصفته رئيساً لتجمع ليكود". وتشاطر الاوساط الاوروبية قلق المجموعة الدولية ككل وخوفها على مستقبل عملية السلام. وحض برودي على "صيانة المكتسبات" التي تحققت في المفاوضات حتى الآن. "فتح": لا تفاوض وعلى الصعيد الفلسطيني ينظر الى غد الجمعة على انه يوم اختبار أول، خصوصاً ان بياناً صدر عن قيادة حركة "فتح" في الضفة الغربية دعا السلطة الفلسطينية الى عدم التفاوض مع شارون. واضاف انه "اذا كان الاسرائيليون يعتقدون بان شارون سيصنع لهم الامن فاننا نعلن بصوت عال ان اسرائيل لن تنعم بالامن اطلاقاً". وتابع ان "الانتفاضة والمقاومة هي خيارنا الاستراتيجي للخلاص من الاحتلال ولانجاز الحرية وعودة اللاجئين الفلسطينيين والسيادة والاستقلال.واننا ندعو الى تصعيد الانتفاضة والمقاومة في وجه السفاح شارون". الوضع الاسرائيلي وبدا شارون امس متعجلاً فيما بدأ التنافس العلني على زعامة حزب العمل في اعقاب هزيمة زعيمه باراك على يد شارون بفارق 25.1 في المئة من الاصوات. وبدأ شارون عن طريق طاقم خاص مفاوضات مع مختلف الاحزاب لتشكيل ائتلاف حكومي جديد. وكان شارون توجه في خطابه بعد فوزه الى حزب العمل للانضمام الى حكومة وحدة، لكن اعلان باراك اعتزاله الحياة السياسية والصراع على خلافته في زعامة الحزب لن يقودا، في المدى المنظور، الى حكومة كهذه ما يحتم على شارون التوجه الى تشكيل حكومة يمينية ضيقة بمشاركة غلاة المتطرفين في الكنيست. وداخل "العمل" طرح اسم الوزير شمعون بيريز ليتزعم الحزب موقتاً الى حين اجراء انتخابات تمهيدية، لكن رئيس الكنيست ابراهام بورغ أعلن انه سينافس على خلافة باراك وسط توقعات بأنه الأوفر حظاً بين منافسين آخرين محتملين أمثال شلومو بن عامي وبنيامين بن اليعازر وحاييم رامون. ورسمياً لم يعلن العمل رفضه الانضمام الى حكومة وحدة، لكن احتمالات تشكيل هذه الحكومة تبدو غير واقعية ازاء التباين في المواقف السياسية للحزبين.