لدى المهتمين بالشأن الثقافي في دولة الامارات العربية المتحدة علاقة حميمة بتكنولوجيا المعلومات، وسعي دؤوب لاستثمار هذه الثورة العالمية الجديدة ووضعها في خدمة الثقافة العربية عموماً. لا ينكفئ المعنيون بهذه المسألة في إطار محلي صارم او متزمت، اذ يسهل ملاحظة تحليقهم في فضاء انساني واسع، وانتقائهم الأفضل نشراً، ترجمة او تحقيقاً مما حوّل "المجمع الثقافي" في ابو ظبي مثلاً، الى دار نشر فعلية، تصدر اعداداً مذهلة من الاصدارات المتنوعة، في شتى الميادين والحقول، على رغم القصور الواضح في الترويج والدعاية، والذي تتمركز اسبابه الرئىسية في الفكرة المأخوذة عن منطقة الخليج باعتبارها مستهلكاً لا منتجاً للكتاب العربي، وواحة للمعارض، لا مصنعاً ومسوّقاً للطباعة والكتابة. وصل عدد الكتب التي اسهم بها "المجمع الثقافي" خلال الاعوام الثلاثة المنصرمة الى حوالى 300 كتاب، واستحدثت وسائل توزيع جديدة عبر "الكتاب المسموع" إضافة الى تقديم سلسلة من امهات الكتب العربية والاجنبية، الكترونياً على اسطوانات مدمجة بتقنيات متقدمة في طرق البحث، ومن اللافت توجّه المجمع الى التوفيق بين ترجمة كتاب التحولات ل"أوفيد" من الشاعر ادونيس، والعمل على ترجمة جديدة للالياذة يقوم بها الشاعر ممدوح عدوان، وبين تحقيق كتاب "معجم البلدان" لياقوت الحموي، وهو من اهم كتب الجغرافيا التي انتجتها الحضارة الاسلامية في العصور الوسطى، وسيصدر هذا الكتاب على اسطوانات مدمجة مزودة بالخرائط والرسوم الالكترونية الحديثة. لا يتوقف الشأن الثقافي في الامارات، عند حدود العاصمة، فالاستعدادات دائمة في امارة الشارقة لنشاطات ثقافية متنوعة، ومن الملحوظ ازدياد مشاركة المؤسسات المحلية في معارض عالمية، في فرنكفورت او كاراكاس في الآونة الاخيرة. بكل ما يترتب على ذلك من تحسين في طرق العرض وتقديم خدمة مجانية للناشرين العرب، ودور النشر العالمية. يبقى ان جائزة الصحافة العربية المكتوبة التي تحظى بدعم إمارة دبي، اضافت تقليداً حضارياً، الى حرفتي الصحافة والثقافة، ويمكن ان تكون مدخلاً لسيادة روح تنافسية ايجابية ومثمرة لشريحة كبيرة من الكتّاب العرب، الذين يبدعون، ولا يحظون إلا بنصيب قليل من الكعكة. وحتى لا نكون بعيدين من اجواء الانتفاضة فإن الاصدار الاخير للمجمع الثقافي هو "القدس زهرة المدائن" لمؤلفيه شمس الدين الكيلاني ومحمد جمال باروت. وموقع على الانترنت حول هذه المدينة المباركة تاريخاً وجغرافية ومعلومة... كل ذلك يصب في مجرى دعم الانتفاضة ثقافياً، وبما يليق بها. الى ذلك تتواصل الاجتماعات والمشاورات على مستوى الدولة في سبيل المزيد من تنظيم المؤسسات الثقافية الاماراتية والتنسيق في ما بينها ليتكرس دور ثقافي عربي... ودولي في الطموح وفي بعض الخطط. ابو ظبي - وليد قدورة