أنهى وزير الخارجية الاميركية كولن باول لقاءه في القاهرة مع نظيره الروسي ايغور ايفانوف بتوجيه رسالة الى العرب جاء فيها ان الرئيس العراقي صدام حسين لا يهدد الولاياتالمتحدة بل يهدد اطفال العراق ومصر، وان المشكلة قائمة في بغداد وليس في اي مكان آخر، فحرص بغداد على امتلاك اسلحة دمار شامل وعدم تطبيقه القرارات الدولية هو اساس الازمة. وكان باول قال قبل وصوله الى القاهرة انه اتى الى المنطقة للاستماع الى آراء زعمائها "وليس لإصدار اوامر" اليهم. واكد ان واشنطن ليست بصدد تخفيف العقوبات في هذه المرحلة. وحذّر وزير الخارجية الاميركي من ان واشنطن ستستخدم القوة ضد العراق عند الضرورة. ودافع عن الغارات الجوية على بغداد، الاسبوع الماضي، على رغم اعترافه بأنها جعلت مهمته صعبة. وتوافقت تحذيرات باول العراق وتهديده باستخدام القوة مع تحذيرات الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير اللذان التقيا في كامب ديفيد اول من امس ودعيا "الحلفاء في المنطقة الى اجماع" سياسي ضد العراق واكد انهما سيتخذان كل الاجراءات لمنع النظام العراقي من امتلاك اسلحة دمار شامل. استضافت العاصمة المصرية أمس أول لقاء مباشر بين وزيري خارجية الولاياتالمتحدة وروسيا الاتحادية منذ تولي الرئيس جورج بوش منصبه. وتبادل الوزيران كولن باول وإيغور إيفانوف رسالتين من رئيسيهما حول المواضيع الدولية والثنائية. وصرح باول عقب اللقاء بأن المحادثات مع إيفانوف كانت ممتازة "وأننا تبادلنا فيها وجهات النظر في العديد من القضايا"، وأعرب باول عن اعتقاده بأن المقابلة جيدة متمنياً تكرارها في المستقبل. ومن جانبه وصف إيفانوف المباحثات بأنها "كانت صريحة وبناءة". وشدد إيفانوف على خروجه وباول باتفاق عن استعدادهما لبناء حوار بين بلديهما "لمصلحة مواطنينا والمجتمع الدولي". الرأي العام وانتهز باول فرصة سؤال عن مشاعر الرأي العام العربي إزاء الضربات الموجهة ضد العراق وطلب توجيه رسالة إلى الرأي العام قائلاً: إن "سبب المشكلة هو الرئيس العراقي صدام حسين الذي يرفض التخلي عن سياسته الرامية إلى إنتاج أسلحة دمار شامل، على رغم قرارات الأممالمتحدة"، وأكد أن بلاده ستفعل كل ما في استطاعتها لمنعه واجباره على تنفيذ قرارات الأممالمتحدة والوعود التي قطعها بعد حرب الخليج. وقال: "انه يهدد بأسلحته أطفال مصر والخليج، وأنه استخدم اسلحته من قبل". وجدد باول قناعاته بالنسبة الى ضرورة منطقتي الحظر الجوي شمال العراق وجنوبه، وقال: إنهما لحماية المواطنين في تلك المنطقة، وبرر الضربات الأخيرة بأنها من أجل حماية الطائرات الاميركية والبريطانية. ليست أوامر وكان باول قال للصحافيين على متن الطائرة التي اقلته من واشنطن انه يريد الاستماع الى الاقتراحات العربية في استراتيجية التعامل مع العراق وليس "إصدار أوامر". واعترف انه قد يجد صعوبة في اقناع العرب بأن العراق وليس اسرائيل هو اخطر المشاكل في المنطقة بعد اعمال العنف التي بدأت قبل خمسة اشهر في الضفة الغربية وقطاع غزة وقتل فيها اكثر من 400 فلسطيني. واوضح باول الذي انتقل الى اسرائيل امس ان مراجعة واشنطن سياستها تجاه العراق لا تزال في مراحلها الاولى. والهدف من المراجعة وضع نظام لعقوبات يحول دون تطوير العراق اسلحة الدمار الشامل، فيما يسود اعتقاد الآن بأن العقوبات الحالية سبب نقص المواد الغذائية والادوية في العراق. وقال باول: "يجب ان نعيد النظر في ما نقوم به لأن هناك اعتقاداً على الاقل في بعض المجتمعات العربية بأننا نضرّ شعب العراق وليس النظام". واعترف باول بأن واشنطن تجد صعوبة في اقناع العرب بأن صدام حسين يحرم العراقيين من الغذاء على رغم وجود مبالغ ضخمة تحت تصرفه في حسابات الاممالمتحدة. واعترف بأن الغارات الجوية الاميركية والبريطانية ضد منشآت الدفاع الجوي العراقية قرب بغداد جعلت مهمته في الشرق الاوسط اصعب. وانتقدت دول عربية عدة من بينها سورية والسعودية الغارات. وتراجع التأييد العربي لعقوبات الاممالمتحدة كثيراً خلال السنوات العشر منذ ان قادت الولاياتالمتحدة ائتلافاً عربياً وغربياً لطرد القوات العراقية من الكويت. وسئل كيف سيقنع سورية بوقف استيراد النفط العراقي من دون موافقة الاممالمتحدة فقال انه سيوضح ان لسورية مصلحة في ألا يمتلك العراق اسلحة نووية او كيماوية او بيولوجية. واضاف انه يتعين ألا يسري نظام معدل للعقوبات حتى يسمح العراق باستئناف عمليات التفتيش عن الاسلحة. وفي كامب ديفيد حرص بوش وبلير خلال لقائهما الاول على لغة الحزم نفسها إزاء العراق وكذلك على وضع أسس متينة للعلاقات الشخصية بينهما. كم حرص الرجلان في المؤتمر الصحافي الذي عقداه على ابراز متانة العلاقات بين بلديهما. وشدد على استمرار التصدي لصدام حسين وعلى تحسين فاعلية العقوبات. وقال بوش: "سنعمل معاً لايجاد وسيلة لجعلها اكثر فعالية". واضاف ان من المهم ان "يتوصل الحلفاء الى اجماع في المنطقة" بشأن السياسة حيال بغداد. وكرر بوش وبلير تحذيرهما الرئيس العراقي من اي محاولة لتطوير اسلحة الدمار الشامل وتهديد جيرانه، واكدا انهما سيتخذان كل الاجراءات اللازمة للحيلولة دون ذلك.