تسبب مرض حمى الوادي المتصدع الذي ضرب جنوب السعودية منذ الربع الأخير من العام الماضي وتجدد مشاكل مرض جنون البقر، في وصول أسعار المواشي الى مستويات قياسية لم تصلها مواسم الحج والأضاحي الماضية. وعلى رغم الحظر المفروض على الاغنام الافريقية مثل السواكني السوداني والبربري الصومالي أو الحبشي بسبب الخوف من ان تكون مصابة بالأمراض المعدية التي تنتقل للانسان مثل حمى الوادي المتصدع، الا انها لم تختف من حلقات بيع الاغنام والمواشي. ويعلل عاملون في حلقة بيع الأغنام والمواشي في جدة وجود السواكني على رغم حظر استيرادها، بأن نسبة كبيرة منها ربيت منذ فترة طويلة في "الأحواش" الخاصة بتجار المواشي تمهيداً لبيعها أثناء موسم الاضاحي الذي يعد الموسم الحقيقي لتجار المواشي. وكان لافتاً صدور أول احصائية رسمية سعودية خاصة بالتهريب عبر الحدود تشير الى ان عدد المواشي المهربة خلال العام الهجري الذي سينتهي الشهر المقبل وصلت الى 51 رأس ابل و1194 رأساً من الخراف و1376 من الماعز و823 رأساً من البقر من دون توضيح الجهة المهرب منها، مع الإشارة الى ان المنطقة الجنوبية من السعودية تعد أكبر المناطق السعودية اهتماماً وتربية للماشية وهي التي تعرضت مع اليمن للاصابة بحمى الوادي المتصدع. وتعرض في حلقة جدة بعض من التيوس القادمة من بيشه وصبيا على رغم منع وزارة الزراعة والمياه السعودية نقل المواشي من المنطقة الجنوبية الى المناطق السعودية الأخرى إبان مشكلة حمى الوادي المتصدع. الا ان عدداً مهماً من مواشي المنطقة الجنوبية موجود في حلقة جدة نظراً الى رخص اسعارها 300 ريال في المتوسط. واستفاد تجار السواكني من قرار المنع عندما ارتفعت اسعار الصغيرة منها بين 450 و500 ريال، فيما تعدت اسعار الكبيرة حاجز ال800 ريال. واتجه كثير من سكان جدة الى أنواع جديدة مثل النعيمي الذي يصل سعره حالياً الى نحو 500 ريال والهجين وهو خليط من السواكني والاسترالي الذي وجد إقبالاً كبيراً عليه بسبب اسعاره التي تراوح بين 450 و500 ريال. وسجلت اسعار المواشي والاغنام في مدينة الرياض ايضاً ارتفاعاً كبيراً بسبب موسم الحج اضافة الى اصرار كثيرين من تجار المواشي ومربيها تعويض الخسائر التي تعرضوا لها خلال الفترة الماضية منذ ظهور حمى الوادي المتصدع التي أدت الى انخفاض اسعار الماشية والاغنام بعدما سجلت خسائر كبيرة تجاوزت أكثر من 22.6 مليون دولار شهرياً على أساس ان اجمالي مبيعات الاسواق السعودية من الاغنام يراوح بين ثلاثة وستة ملايين رأس تقريباً تقدر قيمتها بأكثر من بليون ريال سنوياً. وقال محمد بن مذكر احد مربي الاغنام في الرياض ان الاسعار سجلت ارتفاعاً كبيراً ووصل سعر الخروف النعيمي في سوق الاغنام في الرياض الى اكثر من 900 ريال وتجاوز سعر الخروف النجدي ألف ريال. ويعود ذلك الى قلة المعروض من الماشية والاغنام في أسواق الرياض اضافة الى الحظر المفروض على نقل الماشية من المنطقة الجنوبية من السعودية وعدم الاستيراد من افريقيا والدول الأخرى التي يحتمل ان تكون ماشيتها وأغنامها مصابة بالأمراض المعدية والأوبئة الخطيرة. ووفقاً للمدير العام ل"شركة المواشي المكيرش" الدكتور سالم مليباري فإن حجم الاستهلاك المحلي للمواشي خلال موسم الاضاحي الحالي سيصل الى نحو 1.5 مليون رأس تتوزع الى قسمين، الأول خاص بمشروع الهدي والاضاحي الذي ينفذه البنك الاسلامي للتنمية والذي سيستهلك بين 600 و650 ألف رأس فيما يستهلك الباقي المضحون السعوديون والمقيمون فيها. وأشار مليباري الى ان وقف الاستيراد الافريقي جعل غالبية استهلاك الموسم الحالي استرالية مع وجود مواشي من أوروغواي ورومانيا. ولم تؤثر حمى المتصدع في الناس وتجار المواشي فقط بل اثرت ايضاً في البنك الاسلامي للتنمية الذي اضطر لدفع نحو 18 مليون ريال فروقات يغطيها من فوائضه لعدم رفع اسعار المواشي التي تستخدم كأضاحي لفقراء المسلمين وتحديدها ب375 ريالاً 100 دولار على رغم ان البنك يدفع 405 ريالات سعراً لها.وأوضح بن مذكر ان هناك بعض الاغنام المهربة بطريقة غير نظامية وهي قليلة جداً على رغم ان اصحابها يؤكدون انهم قاموا بتربيتها في الاحواش الخاصة بهم، فيما يقول آخرون انهم استوردوها بطريقة نظامية تسمح ببيعها في السوق السعودية. واكد عبدالله بن حمود الرشيدي ان سوق الاغنام في الرياض يشتمل على اعداد كبيرة من الاغنام سواء من النعيمي او النجدي او الحري وكذلك السواكني والبربري اضافة الى التيوس الجنوبية التي سجلت اسعارها ارتفاعاً كبيراً تجاوز سعر الرأس الواحد اكثر من 1200 ريال خصوصاً أن الكمية الموجودة في السوق محدودة وقد تكون مهربة بطريقة غير نظامية.ونفى ان تكون لديه معلومات دقيقة عن الاغنام المهربة من المناطق التي منع نقل الاغنام منها بسبب حمى الوادي المتصدع ولكنه في الوقت نفسه لم يستبعد ان تكون هناك كمية محدودة من هذه الاغنام في السوق. وذكر عبدالله بن عايض ان وجود رقابة شديدة من البلدية في سوق الاغنام في الرياض يمنع بيع او تهريب اي اغنام او ماشية ممنوعة خصوصاً أن هذه الفترة تعتبر افضل وقت سجلت فيه اسعار المواشي ارتفاعاً كبيراً تجاوز الف ريال للخروف النجدي والنعيمي مقارنة بنحو 350 ريالاً في الاشهر الماضية، وكذلك 400 ريال للبربري مقارنة بنحو 120 ريالاً في السابق. وسجلت الاغنام الحرية ارتفاعاً كبيراً تجاوز سعرها 700 ريال مقارنة بنحو 250 ريالاً سابقاً، واضاف ان السواكن في السوق محدودة جداً على رغم ان هناك شكوكاً في عمليات تهريب لها من خارج المنطقة. وكانت شركات المواشي وبائعو الاغنام في السعودية ذكروا في شهر رمضان الماضي انهم عوضوا جزءاً من خسائرهم نتيجة الطلب المتزايد من المستهلكين الذي تجاوزت نسبته 90 في المئة، ومبيعات تجاوزت اكثر من 50 مليون ريال 3،13 مليون دولار بارتفاع يتراوح بين 100 الى 150 ريالاً للرأس الواحد من الاغنام. يذكر ان مرض حمى الوادي المتصدع تسبب في الفترة الماضية في كساد حاد في سوق الاغنام والمواشي، ووصل سعر الرأس الواحد من الاغنام الى 80 ريالاً 3،21 دولار بعدما كان سعره يتجاوز 600 ريال 160 دولاراً قبل ظهور المرض. وأشار كثير من العاملين في سوق المواشي والاغنام في ذلك الوقت الى ان حظر استيراد المواشي من الدول الافريقية ومنع نقل المواشي بين مدن السعودية كان له اثر كبير على السوق وبالتالي انخفض حجم المبيعات من اللحوم الحمراء ووصل الى اكثر من 85 في المئة تقريباً مما أدى الى تراجع كبير في قيمة اسهم الشركات التي تعمل في هذا المجال.