كشفت جلسة برلمانية خاصة عقدها مجلس الأمة البرلمان الكويتي، أمس، تعقيدات جديدة في ملف مشروع تطوير حقول النفط الشمالية. اذ وجه نواب اتهامات الى وزراء ونواب لم يسموهم بالانتفاع غير المشروع من هذه الصفقة، وقال نائب ان "أربعة عشر عضواً في هذا المجلس هم على قائمة المنتفعين"، وطالب المجلس بعد سجالات كلامية امتدت خمس ساعات بتقديم المعلومات كاملة عن المشروع الذي يقدر حجمه بسبعة بلايين دولار، وبعدم الموافقة على أي اتفاق مع شركة أجنبية إلا من خلال قانون يصدر عن المجلس. وقدم وزير النفط الدكتور عادل الصبيح بياناً خلال الجلسة نوه في بدايته بأنه لم يقض في منصبه سوى خمسة أيام، وقال ان مبادئ تحكم خطوات الحكومة في هذا المشروع هي المحافظة على الثروة النفطية والتزام نصوص الدستور ومقاصده وأحكام القانون والتزام العلنية وحرية المنافسة. وكان وزير النفط السابق الشيخ سعود ناصر الصباح أغضب النواب بإقدامه على انتقاء شركات غربية وتأهيلها للمنافسة وتقديم معلومات لها عن المشروع من دون المرور على لجنة المناقصات العامة، الأمر الذي اعتبره النواب تجاوزاً للقوانين. وجاء في بيان الصبيح أن التخطيط لتطوير حقول الشمال بدأ عام 1992 وشدد على أن المشروع "ليس مشاركة لشركات أجنبية بل اتفاق خدمات تشغيلية" مشيراً الى أن 25 دولة نفطية في العالم أقدمت على مثل هذه المشروعات. وأضاف ان هدف المشروع هو الوصول بانتاج الكويت اليومي من النفط الى 3 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2005 ومضاعفة انتاج الحقول الشمالية خصوصاً ليبلغ 900 ألف برميل. وأشار الى معايير عامة جرى اشتراطها في الشركات المرشحة للمشروع، منها أن تكون لديها عمليات متكاملة للانتاج والتكرير والتسويق، وأن تكون لها القدرة الفنية اللازمة في أساليب حقن المياه والغاز لانتاج النفط وأن يكون موقفها المالي متيناً. كما أشار الى بروتوكول الاجراءات الأولية للمشروع الذي يؤكد ملكية الكويت لاحتياطات النفط والغاز والانتاج والعائدات المحققة منه، ولها الحق في تقدير انهاء أو اختصار أو تعديل الاجراءات الموجودة في البروتوكول. وأوضح انه تم في الخامس من الشهر الجاري فتح غرفة المعلومات للشركات التي تم تأهيلها مبدئياً لمشروع الكويت بعد توقيع اتفاق سرية المعلومات. وقال ان الحكومة ستسير في "الاجراءات التحضيرية للمشروع وفقاً للدستور والقانون والتي لا تشكل خطواتها أي التزام منها للشركات التي تم تأهيلها مبدئياً للمشروع". وشدد على عدم تفريط الدولة في ثرواتها النفطية وان اجراءات التعاقد مع الشركات "تتم في اطار العلنية والمنافسة والشفافية نأياً بها عن أي شبهة"، وأن المقابل الذي سيدفع للشركات "نقدي وليس عينياً" وان تنفيذ مشروع الحقول لن يضر بالعمالة الكويتية في الصناعة النفطية. ثم بدأت المناقشة وبدأها النائب أحمد السعدون بحملة كبيرة على الصبيح واتهمه بتجاهل حق المجلس في الحصول على كامل المعلومات عن الصفقة، وقال ان المشروع لن يكون لخدمات تشغيلية لأنه يتضمن اعطاء الشركات الأجنبية رسماً مالياً مقابل كل برميل. وسخر السعدون من تبرير الاستعانة بالأجنبي بالامكانات المالية الكبيرة لتلك الشركات، وقال ان مؤسسة البترول الكويتية لديها احتياطي من 13 بليون دولار وهي عاجزة عن استثمارها. وتحدث عن ضغوط مورست في تشرين الثاني نوفمبر وأعادت شركة معينة الى المنافسة على المشروع كانت استبعدت قبل شهرين وقال: "قيل ان الشركة أعادت صوغ بياناتها فحققت الحد الأدنى من الشروط، والحقيقة انها حققت الحد الأعلى من الضغوط فعادت الى المنافسة". ورد النائب الأول لرئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد بقوله: "ليس صحيحاً ان يقال ان ضغوطاً تمارس على الحكومة، نحن نريد مصلحة البلد وليس ساحة مواجهة مع المجلس". وأشار النائب مبارك الدويلة الى وجود وكلاء للشركات النفطية الأجنبية بين اعضاء الحكومة والبرلمان، وحدد زميله النائب خميس عقاب العدد فقال "انهم 14 عضواً، لديهم منفعة في مشروع الحقول، ليسوا 13 أو 15 بل 14 تحديداً، وبعضهم في المقاعد الأمامية وزراء وبعضهم في المقاعد الخلفية نواب". وتحدث النائب حسن جوهر عن "صراع" ناشب بين الوكلاء الكويتيين للشركات الأجنبية. وقال النائب ناصر الصانع ان غموض مشروع الحقول هو ما يؤخر إقراره "لأن الحكومة تخفي البيانات عن المشروع، وتأهيل الشركات الذي تم هو غير قانوني وكل اتفاق مع كل شركة لن يمر إلا في اطار قانون". وبين الأقلية المؤيدة للمشروع قال النائب حمود الجبري "هذه الشركات ستحمي بوجودها في الشمال حدودنا مع جار السوء العراق، وأنا أريد أن أسأل: لو أن الغربيين سحبوا وجودهم وحمايتهم هل يقدر النواب المعارضون أن يحملوا السلاح ويحموا الحدود؟!". ورد عليه النائب مرزوق الحبيني: "هناك من يستغل مشاعر الخوف من العراق في تسويق المشروع، وأنا أسأل: هل الاتفاق مع الشركات سيغدو بديلاً للاتفاقات الدفاعية مع الغرب". وانتهى النقاش الى توصية بأن توفر الحكومة للمجلس كل البيانات التي قدمت للشركات الأجنبية بشأن المشروع، وحددت جلسة اضافية لمتابعة المناقشة في 14 آذار مارس المقبل.